سامي عبد الحميد... تاريخ المسرح العراقي من خلال السيرة الذاتية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إعلامياً هو بأحسن حال، وهو الرائد دوماً!... ولكننا حين نسأل أصحاب الخبرة، نكتشف أن المسرح العراقي، ومنذ بدايته، فقير، ينقصه الكثير، وإن إعداد الممثل وفق الطرق العلمية، بالإضافة إلى المناهج التعليمية الصحيحة، هي أهم ما ينقص بناء المسرح العراقي منذ نشأته... رؤية يطرحها علينا أستاذ المسرح والمخرج سامي عبد الحميد في كتابه الجديد "أضواء على الحياة المسرحية في العراق" (دار المدى)، رؤية تحاول برهنة حقيقة مفادها أن الممثل المسرحي
كان لهذا الكتاب أن يكون أكثر تأثيراً ومصداقية لو لم يكن مؤلفه سامي عبد الحميد، ابن وأستاذ المسرح العراقي، حيث ظهر الكتاب وكأنه سيرة ذاتية لتاريخ عبد الحميد المسرحي، وحيث جاءت الآراء بإشكالية الانحياز صوب إنجازات المؤلف - وهي كثيرة وكبيرة حقيقة - على حساب جهود وإنجازات أساتذة المسرح العراقي ومؤسسيه. مشيراً إلى المعضلة الكبرى في تأسيس المسرح العراقي والفنان المسرحي منذ البداية، والتي تلمس فيها ضعف إعداد الممثل وفقر المادة التعليمية، حيث يبدأ كتابه مع بدايات تأسيس المسرح العراقي، فيطرح آراءه بالثلاثة الكبار، مؤسسي المسرح العراقي، فيرى بـ (أبي المسرح العراقي) حقي الشبلي: "أنه يدرّس طلابه تقنيات التمثيل والإلقاء وفن الماكياج وعلم الهيئة وتاريخ المسرح من محاضرات قام بترجمتها عن الفرنسية أو أخذها من بعض الذين درّسوه، وكانت أكثرها مكتوبة بخط يده... محاضرات لا أتذكر منها سوى عدد كبير من الأسماء والتواريخ مما له علاقة بتاريخ المسرح من غير تعمق في التحليل والدراسة..." أما عن إبراهيم جلال أستاذ المسرح لسنوات طوال فيقول: "وعندما حل إبراهيم جلال محل الشبلي(...) لم يشر إلى نظرية من النظريات وإلى مدرسة من المدارس، بل كان يعتمد في إرشاداته وتوجيهاته على حسه الفني وخبرته التي اكتسبها من أستاذه ومن الحياة..." ثم يصل المؤلف بآرائه إلى جاسم العبودي، فيقول عنه: "كان مقتصداً في معلوماته وشحيحاً في مادته التي يقدمها للطلبة ولم يهيئ لهم محاضرات مطبوعة ولم يشر إلى مصدر معين." ولكن، لماذا هذه الآراء القاسية اللاغية لجهود مؤسسي المسرح العراقي، رغم أن المؤلف كان أحد تلامذتهم؟ الجواب نجده واضحاً بين صفحات الكتاب حين يكشف المؤلف "يقينه" بنقطة التحول التاريخية في المسرح العراقي حيث يشير: ""يمكن القول إن أول الاتجاهات الواضحة في حركة المسرح العراقي الحديث كان الالتزام بتعليمات وطريقة "ستانسلافسكي" التي لم يتعرَّف عليها المسرحيون العراقيون إلا في منتصف الخمسينات حين نشرت مجلة (السينما) العراقية خلال الأعوام 1955-1957 ترجمة لكتاب (ديفيد ماكارشاك) عن الطريقة وبعض المقالات التي توضح عناصرها." وكان المؤلف قد مهد لهذه النتيجة في بداية كتابه ليشير إلى "فضله" كونه هو من قام بترجمة هذا الكتاب، رغم أنه ألغى شريكه في الترجمة الذي لم يذكر لنا اسمه: "تيسر لي مع صديق الحصول على كتاب "ديفيد ماكارشاك" عن طريقة "ستانسلافسكي" قمنا بترجمة فصول عديدة منه، ونشرت أول جزء منه مجلة السينما في كانون الثاني 1956، وهكذا كان كتاب (ستانسلافسكي والفن المسرحي) أول مادة تعرّف المسرحين العراقيين بمنطلقات ذلك المخرج الكبير نظرياً وتطبيقاً..."
الكتاب جاء متضمناً أربعة فصول امتزج فيها تاريخ المسرح العراقي بالمسرح العربي من خلال إشارات عديدة حول أعمال وآراء عربية - مصرية تحديداً - تظهر نفساً قومياً يدعو الرجوع إلى التراث ومادته التاريخية وإلى تبني "مواضيع توضيح أثر الحضارة العربية في حضارات العالم، وهذا ينبوع زاخر يستطيع الكاتب المسرحي أن يغترف منه." بالإضافة إلى اقتراحات لبناء مسرح عربي جديد يتبنى هذه المواضيع، كون المسرح العربي "لم يولد ولادة طبيعية بل حضّر (مختبرياً)، وأنه ما زال يعاني من عقدة التخلف لهذا السبب، وكذلك من افتقاره إلى وسائط اتصال حقيقية بجماهيره." فالمؤلف كثيراً ما يشير في كتابه إلى قصور كبير في شكل العلاقة بين المسرح والجمهور "القصور لا يكمن في طبيعة العرض القريب من العرض المسرحي وإنما في تاريخية وجود المسرح، وقد راح المسرحيون العرب ومنذ فترة يبذلون جهوداً كبيرة في سبيل إيجاد الصيغ المسرحية المناسبة لتثبيت سمات عربية مميزة لمسرحهم أو لإيجاد مدرسة مسرحية خاصة بهم كتلك التي تميز المسرح الإغريقي أو المسرح الياباني مثلاً..." هذه الآراء والصور التي تضمنها الكتاب، ظلت متمسكة بكلاسيكيات المسرح ولم تقترب من منطقة الحداثة في المسرح وعلاقته بالفلسفة من أجل الظهور بمسرح جدلي عميق ممتع فكرياً كما هو معمول به ومنذ فترة ليست بالقصيرة في أغلب مسارح أوربا والعالم، فالمؤلف يقترح من أجل إيجاد مسرح عربي متميز، أن يستقي المسرح العربي مواضيعه المسرحية من صميم الواقع العربي! فهو يرى أن "المسرح وسيلة للتعبير عن كفاح الشعوب".
ويذهب المؤلف بعيداً في محاولته لتعزيز رؤيته الشخصية جداً فيقول: "من خلال تجربي في العمل المسرحي سواء بعملي مع مخرجين عراقيين أم من مجمل الملاحظات التي خرجت بها بعد مشاهداتي المثيرة لأعمال المخرجين الآخرين والمدرّسين في المعاهد الفنية المتخصصة. وجدت أن هؤلاء، على الرغم من ادعائهم الاعتماد على طريقة (ستانسلافسكي) في تدريبهم للممثلين (...) وجدت أنهم في الحقيقة يبتعدون عنها بقليل أو كثير... ووجدت أيضاً أن البعض منهم لا يفهم فهماً كاملاً تفاصيل الطريقة وكننها ولا يعرفون سوى قشورها أو أنهم لا يأخذون منها سوى إطارها العام وحسب." أما رأيه بخصوص النص المسرحي العراقي بعد تاريخ طويل قارب على المئة عام فيقول: "إن النص المسرحي العراقي عموماً ما زال يفتقر إلى الكثير من المقومات التي تجعله بمصاف النصوص الأجنبية بحيث يفضّل أكثر المخرجين تناول الأخيرة على تناول الأولى." المؤلف يحمّل الكتاب رأيه هذا، رغم أنه يعي تماماً أن كل المهتمين بالمسرح العراقي يعرفون جيداً أن سامي عبد الحميد مغرم بالنص المحلي، وقد أخرج العديد من النصوص المسرحية التي ذاع صيتها إعلامياً... ورغم ذلك يبقى الكتاب محتفظاً بأهميته الأرشيفية التي تدر كبير فائدتها على الباحث وليس المخرج أو الممثل.
التعليقات
تحية وبعد
أبو الوليد -أنا لا أرى أن في كلام الأستاذ سامي عبدالحميد كما ذكر في كتبه الجديد مايثير شهوة الكتب لنقده والهجوم عليه بطريقة توحي للقارئ بأن الكاتب حسين السقاف يريد خيرا ونقدا بناء كما يتشدق به ليل نهار على صفحات أيلاف..الكاتب يسكن في كوبنهاكن وهو مهندس كهرباء حسبما يقول في سيرته الذاتية فلا ربط بين الكهرباء والمسرح كما أن دبلوم صحافة لا يعطي الحق للأخ السقاف أن يتهجم على شخصية بوزن الأستاذ سامي عبدالحميد..هكذا نحن العراقيين المغتربين نظن أن الحرية تعطينا الحق في التطاول على الآخرين بدون دليل ونتصور أنه بما أننا مغتربون فأننا ملكنا العالم بحريتنا..نصيحة للأخ الكاتب والناقد هو البقاء في كوبنهاكن بعيدا عن العراق وأهله لأن الفكر الشيوعي المتغلغل في النفوس هو الذي جعل الهجوم على الأستاذ سامي عبدالحميد بهذه القسوة..المفروض هو أن نقول شكرا لسامي عبدالحميد لأنه أرّخ تأريخا ولو من وجهة نظره الشخصية لكنه يبقى رجلا موزونا ومثقفا بارعا قدم الكثير للعراق حتى قبل أن يولد الكاتب الناقد..هناك مثلا صينيا يقول غبي من يظن أنه أذكى من الناس مع تحياتي..
زبيبة والملك
اسيل سامي -الاخ ابا الوليد انك وكمايبدولي لم ترد الكتابة عن الموضوع المنشور ولديك مشكلة مع الاخ الكاتب ولم لا اذا كان مهندس كهرباء الم يكن بريخت عامل الم يكن طه مربي خيول والم يكن عزة بائعا للثلج ومن ثم ان الاستاذ سامي خريج كلية القانون فما الضير من ذلك
اعجاب بايلاف
Norroz Ahmad -اتمتع كثيراً حين اقرأ ما تنشره إيلاف، والمتعة تكون أعظم حين أقرأ التعليقات، ففيها قراءة تحليلية للنفس البشرية، غالبها لا يناقش المعلق الفكرة بل يناقش دواخله وما تحتويه من مشاكل، فهناك من جعل باب التعليقات زاوية مهمة في حياته لتصفية حسابات شخصية حتى لو كان لا يعرف الكاتب، وهذا يدخل ضمن ثقافة إلغاء الآخر المنشرة بشكل متأزم بين العراقيين... ثم هناك من لا يجيد القراءة الأدبية، فيقوم باصطياد كلمة هنا وأخرى هناك ويكتب محاولاً النيل من الكاتب في أحيان كثيرة أو مضمون المادة... إنها بالفعل متعة يمكن لعلماء النفس دراستها والاستفادة منها... مسكين الأستاذ السكاف (وعذراً لهذه الكلمة) فمنذ أن كتب عن فساد الحكومة العراقية وديكتاتورية رئيس وزرائها، صار عرضة لانتقادات متنشجة تنم عن انتماءات لا تمت للأدب وعالم النقد الأدبي والسياسي بشيء....... تبقى صفحات إيلاف ممتعة وفائدتها تثلج الصدور