أكبر معرض شامل لأعمال خوان ميرو في ’التيت مودرن’
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
وبصراحة اثار أعجابي قيام هذه المؤسسات التي بطبيعتها عادة ما تكون محافظة نشاطا مهما، يمكن تسميته ldquo;تقدمياrdquo; في طرح موضوع التزام الفنان بالقضية الانسانية، وبقضيته الحاصة، فهو عاش كل حروب القرن الماضي، من الحرب الاولى الى الحرب الاهلية الاسبانية، ثم الحرب العظمى، وكان كما عصفورا تتلف شجرة عشه ليطير غصن أخرى، فهو انتقل من برشلونة الى ldquo;باريسrdquo; وبعدها الى ldquo;نورماندياrdquo; بعد أحتلال هذه من قبل القوات النازية، ليعود في النهاية الى جزيرة امه ldquo;مايوركاrdquo; مستقرا و صامتا أثناء الحكم الفاشي الفرانكوي، الذي فرض عليه عزلة قاسية، ولكن علاقته مع الخارج لم تنقطع ابدا، فهو كان من أبرز رموز الفن الحديث على مدى القرن الماضي، ففي بداية الاربعينات، وبعد احتلال باريس هرب الى شمال فرنسا، وبعد احتلال هذه تماما، لم يجد حلا غير ان يعو الى جزيرة امه المتوسطية، باختيار طوعي، ومختلفا مع العديد من رفاقه السورياليين، الذين أختار معظمهم ldquo;نيويوركrdquo; كملجأ، ليعود الى شغله الفني بصمت، وتحت مراقبة صارمة من قبل أزلام الجنرال ldquo;فرانكوrdquo; الذي لم يغفر له أبدا أصطفافه مع قضية الجمهورية الاسبانية الديموقراطية، اثناء اقامته في باريس، ودفاعه عن شرعيتها ضد الانقلاب، ولم يغفر له لوحته
كما ذكرت سابقا، للمعرض مغزى سياسي، وعادل، يبطل كل الشائعات حول غموض عودته الى أسبانيا الفاشية، فهو لم يساوم النظام على الاطلاق، ولم يلتق أيا من ldquo;مثقفيrdquo; الفاشية كما فعل ldquo;سلفادور داليldquo; مثلا، وldquo;بيكاسوrdquo; بقى في باريس تحت الاحتلال الالماني واعيا عدم تجرؤ النازيين التعرض له بسبب كونه ldquo;أيقونةrdquo; الفن الحديث وذا شهرة عالمية.
في هذا المعرض، يبذل ldquo;التيت مودرنrdquo; جهدا بالغا في أبراز التزام الفنان، وارتباطه مع وضعه الاجتماعي، من خلال أبراز واحدة من اللوحات التي أثارت الكثير من الجدل قبل وفاة الجنرال ldquo;فرانكوrdquo; بسنتين، وهي لوحة ثلاثية ldquo;تريبتكوrdquo; كبيرة الحجم عنونها الفنان ldquo;أمل المدان بالاعدامrdquo; 1973 وهو في عمر الثمانين، قد انفعل كثيرا بعد إعدام الشاب الفوضوي ldquo;سلفادور أنتيكrdquo; بطريقة وحشية ومؤلمة، وهذا لم يكن آخر من أعدمه فرانكو، ولكن طريقة الاعدام هذه كانت من آخر وسائل التعذيب منذ القرون الوسطى، ف ldquo;سلفادورrdquo; هذا أعدم بشكل مؤلم من خلال تطبيق قضيبا معدنيا كـldquo;برغيrdquo; ضخم يطبق على عنق المتهم من الخلف بإدارته يمينا يدخل العنق ببطء ليموت بشكل أبطأ، وهذا كان واحدا من أجهزة التعذيب الذي أخترعته الكنيسة الكاثوليكية ابن ldquo;محاكم التفتيشrdquo; الرهيبة بعد سقوط ldquo;غرناطةrdquo; وتألق القس الشرير ldquo;توركيماداrdquo; الذي قام بدور بشع في قمعه العرب واليهود على حد سواء.
هذه اللوحة وضعت في واحدة من الصالتين التي تحتوي المعرض محاط بالعديد من أعمال الفنان وكأنها تصلي أمام هذا العمل الثلاثي التجريدي المثير للشجن،
الفنان الكاتالاني يستلهم مواضيعه من الذاكرة و من ldquo;اللاوعيrdquo; او الوعي التحتي بفنطازية جميلة، وخيال مذهل، وكلها تعتبر من اروع أعماله الفنية على طول القرن العشرين.
ولان المعرض يغطي ويلخص تجربته التشكيلية في كل حياته الفنية، نلاحظ تطور أسلوبه من العشرينيات حيث بدت لوحاته متميزة بألتماع الوانها و تأثيرات من ldquo;الفاويزمrdquo; ومن جداريات ldquo;الفريسكوrdquo; من الروماني- الكاتالاني المنتشرة في كل زوايا هذا الاقليم.
في 1920 ينتقل الى ldquo;باريس باحثا عن بطل أحلامه الفنية ldquo;بابلو بيكاسوrdquo; ومواطنه الشهير ليحتضنه هذا في مشغله في الفترة الاولى ويقدمه الى ldquo;الحركة السورياليةrdquo; لانه أكتشف في أعماله مترادفا لشغل هذه الحركة، وهذه رحبت به بحماس من شعراء، وكتاب، ورسامين، وقام هو بتصميم اغلفة كتبهم وأشعارهم وملصقاتهم، وldquo;بيكاسوrdquo; ساعده ماديا بشكل غير مباشر مقتنيا العديد من لوحاته التي جلبها معه من ldquo;برشلونةrdquo; وكان ldquo;ميروrdquo; واحدا من الموقعين على ldquo;المانيفيستو السورياليrdquo; 1924 لانه وجد في هذه الحركة المساحة التطبيقية المناسبة لابداعه، فهو قبل معرفته بها لانه كان قرويا من عمق الريف
في المعرض نشاهد واحدة من أشهر لوحاته ldquo;لاماسياrdquo; و تعني البيت الريفي الكاتالاني وهذه كان قد بدأ رسمها في 1921 لينتهي منها في باريس عام 1922 ليقتنيها بعد جهد مرير الروائي ldquo;ارنيست همنغوايrdquo; وبواسطة بيكاسو،
كان يعز على الفنان التخلي عن هذه اللوحة التي يعتبرها قاعدة ومفتاح لتفسير كل ابداعه اللاحق، ففيها يبدأ أول خطواته السوريالية، حيث يرسم بيئته القروية مستوعبا وفاهما دروب الحلم في تنفيذها، عمل ملئ بالتفاصيل حيث كل عنصر مرسوم بدقة رائعة يستحق التوقف والتأني، لايمكن رؤية اللوحة كوحدة شاملة وعلى المشاهد التوقف عند كل تفصيل ولا المشاهدة الشاملة، فهي تصور ريفه بكل عناصره من بناء وأدوات الزراعة وتربية الحيوانات ليتركها تتناثر في فضاء اللوحة، منعزلة بعضها عن بعض وكأنها وحدات مستقلة غاية في الاتقان، مما يجبر المشاهد على التوقف عليها واحدة بعد أخرى.
في فترته ldquo;السورياليةrdquo; ومتأثرا بحمى هذه، يتجرأ رسم أبيات من الشعر في عدد من لوحاته كما في أشهرها من هذا النوع حيث يكتب:
جسد حبيبتي السمراء
لانني أعشقها
مع قطتي، مرتديتا أخضر
كما سلاطة
كما زخة حالوب، برد
جوان ميرو صمم معظم كتب أعضاء الحركة، والعديد منها كان لrdquo;بريتونrdquo; الذي كتب عنه في عام 1945 قائلا ldquo;انضمام جوان ميرو الى الحركة السوريالية في 1924 كان حدثا حاسما ومهما في تطور السورياليةhellip;. منذ تلك الفترة كانت أعماله تضئ بالبراءة والحرية التي لم يستطعها أحد منا وهو بدوره كان مهما في تأثيره على ldquo;بابلو بيكاسوrdquo; الذي أقترب من الحركة بعد عامينldquo;.
أخيرا أعود في ذكر أهمية هذا المعرض الفريد، وكونه فرصة نادرة لكل من يهوى ومن يهتم العمل الفني وتأريخه خلال القرن الماضي، وهو تحول نوعي في نشاط هذه المؤسسات الفنية التي طالما اتهمت بالتحيز والغموض ldquo;التيت مودرنrdquo; يقدم عملا نموذجيا يستحق الزيارة المتأنية، لا السياحية.
التعليقات
توضيح بسيط
hamid meshhedani -أعتذر عن أثنين من الاخطاء وردت في المقال والال هو في تسمية اللوحة الرئيسية وهي "امل المدان بالاعدام"وليي بالاعام,الثاني هو حول ما كتبه "بريتون"بخصوص التحاقه بالحركة حيث سقط الحرف الاخير من كلمة السوريالية ,الصح هو تطور السوريالية , وليس تطور السوريالي ,أسف هذا السهو
توضيح بسيط
hamid meshhedani -أعتذر عن أثنين من الاخطاء وردت في المقال والال هو في تسمية اللوحة الرئيسية وهي "امل المدان بالاعدام"وليي بالاعام,الثاني هو حول ما كتبه "بريتون"بخصوص التحاقه بالحركة حيث سقط الحرف الاخير من كلمة السوريالية ,الصح هو تطور السوريالية , وليس تطور السوريالي ,أسف هذا السهو