فيلم مصري عن عمالة الأطفال في مهرجان ميونيخ للأفلام الوثائقية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تباينت الأفلام المعروضة بين الكوارث الطبيعية والحروب والتقدم الصناعي والتقني وحقوق الإنسان والحكم الديكتاتوري القامع لحرية الشعوب وعمالة الأطفال ومدي القسوة التي يتعرضون لها في اعمالهم كما صورها الفيلم المصري المشارك "جلد حي".
منذ يوم المهرجان الأول وحتي يومه الأخير لم يتوقف سيل المشاهدين من التوجه الي شاشات العرض لمشاهدة الأفلام المعروضة والتي وصلت الي 183 شاشة تقوم بعرض مختلف الأفلام المشاركة للجمهور،الذي وصل طبقاً لتصريحات مدير المهرجان الي 12 الف مشاهد طيلة السبعة ايام فترة المهرجان الرسمية.
أهمية مهرجان ميونيخ للأفلام الوثائقية ترجع الي أن البعض يعتبرأن الأفلام المعروضة في المهرجان هي بمثابة وقائع تحفظ ذاكرة الأمة، فهي توثيق حي للأحداث وما تمر به الأمم من تطورات عبر تسلسل صفحات التاريخ.
غياب العالم العربي عن المهرجان
علي هامش فعاليات المهرجان إلتقيت مخرج الفيلم المصري فوزى صالح الذي يعتبر نفسه جديدا في عوالم السوق السينمائى المصرى، فقد عمل كمنفذ إنتاج ومساعد مخرج أول، بالإضافة الي مشاركته في العديد من الأعمال في عدد من البرامج التوثيقية لمحطات فضائية و جمعيات أهلية و منظمات غير حكومية،غير أنه فى صيف العام 2008 عمل مع المخرج الفلسطيني " رشيد مشهراوي " كباحث ومساعد مخرج في فيلمه التسجيلي " الايادي الصغيرة " ومن ثم لاحت له فكرة عرض تصوير فيلم عن الأطفال العاملين بالمدابغ في أحياء مصر القديمة، وبالفعل شجعه مشهرواي بقوة من أجل صناعة هذا الفيلم،إنطلاقا من معرفته بأنه عاش في هذا المكان ويرتبط بالعديد من الصدقات مع اهلة مما يتيح له سبر اغوار المكان وهذا ما حدث.
يقول فوزي صالح أن فيلم "جلد حى" هو فيلمه الأول وهو الأمر الذي سيعطيه دفعة قوية بعد نجاح الفيلم في مهرجان ميونيخ بعد إقبال الجماهير عليه وبعد ان شارك أيضاً به في مهرجانات من قبل،كذلك فهو يري أن مصر بعد نجاح الثورة أصبحت تلهب خيال المخرجين الشبان الأن من أجل توثيق تلك اللحظات التاريخية التي تمر بها البلاد الأن وسوف تشهد سوق الأفلام الوثائقية المصرية مرحلة جديدة بعد الثورة.
فيلم "جلد حي"
لا شك ان إنتاج وتصوير الفيلم هو شجاعة من المخرج فوزي صالح، لقد دخل الي عالم الظلام.. وظل يبحث وينقب عن أبطال فيلمه المهمشين ليعّرف المشاهدين علي نوع آخر من المصريين اللذين لا يعرف أحداً عنهم شيئاً علي حد تعبيره هو نفسه.
ابطال الفيلم هم مجموعة من الأطفال مثل محمود شوشو 13 عام ومحمد فرج 15 عام وحسن شوشو 17 عام وغيرهم،هم مجموعة من الصبية الصغار اللذين يعملون في اعمال شاقة في مدبغة للجلود في قلب القاهرة، ويصور الفيلم من خلال ابطاله تللك الظروف المعيشية اللاإنسانية التى يحياها سكان وعاملى المدابغ وسط المواد الكيماوية شديدة الخطورة ومن ثم الضرر على الإنسان و البيئة في قلب القاهرة الكبري.
يري فوزي صالح ان دافعه الأول لإخراج الفيلم هو دافع شخصي، ويقول لقد كنت طفلا عاملا وكنت اعمل في الأجازة الصيفية لذلك السبب افهم جيدا مشاعر هؤلاء الأطفال ومدي المعاناة التي يعيشونها، إنهم يعملون في ظروف شديدة القسوة والمهانة،لقد عشت في ذات مكان تصوير الفيلم لمدة عام وتأثرت كثيرا بما رأيت،لهذا السبب اردت تسليط الضوء علي عمالة الاطفال خاصة وانا من أشد المعارضيين لها ـ فكل مارأيته في أحياء دباغة الجلود وكما أظهرت في الفيلم فإن الأطفال يتم سلب طفولتهم في تلك الأماكن، ناهيك عن الخطر الشديد الذين يتعرضون له من المواد الكيمياوية التي قد تصل بهم الي الحرق او الموت، يستطرد فوزي صالح قائلاً: ان هؤلاء الأطفال العاملين هم بالفعل ابطال حقيقيون لكنهم منسيين و مهمشين خلف أسور المدابغ، إن بإستطاعتهم رغم الظروف الاقتصادية القاسية أن يمارسوا بعضا من انسانيتهم عبر علاقات الحب و الصداقة، كذلك احتفائهم بالحياة و متعها المتاحة لهم بالرقص و الغناء و خلافه ولكن كل ذلك يتضاءل امام جثامة العمل الذين يقمون به .
قد يري البعض ان الفيلم هو مسئ لمصر فكيف استطاع المخرج انتاجه والوصول به الي المشاهد؟ يقول صالح ان تشريعات العمل المصرية تجرم عمالة الأطفال فى المدابغ لهذا السبب عرضت القضية أمام الراي العام المصري والعالمي فمن الناحية البصرية لم تظهر المدابغ عبر أى وسيط بصرى باستثناء فيلم روائى طويل مصرى اسمه " أسوار المدابغ " قدم في منتصف أعوام الثمانينات، لم تظهر فيه المدابغ من الأساس ولم يتناول سوى صراعات كبار التجار على النساء و المال.
من جهة اخري يقول المخرج انني احاول من خلال الفيلم فتح طرق جديدة لتمويل مشاريع مشابهة لمناصرة المهمشين والفقراء في مصر بالنظر لما تجده مثل هذه المواضيع من صعوبات انتاجية داخل السوق الانتاجى السائد في مصر؛ حيث لا تجد مثل هذه الأفلام الحماس من جهات الإنتاج المصرية الممولة للفيلم الوثائقى لأن أغلب هذه الجهات تتبع للحكومة المصرية التى بدورها لا ترغب فى الكشف عن نتاج سياساتها لكن الوضع ربما أصبح مختلفاً الأن بعد الثورة فلننتظر قليلاً ونري.
معهد جوته في القاهرة يشارك في المهرجان
فنانة مصرية تطالب بمشاركة عربية فعالة في مهرجان ميونيخ
من الفنانين الشبان الذين شاركوا في مهرجان ميونيخ لهذا العام هي الفنانة التصويرية المصرية "مها مأمون" التي تعمل في التصوير الضوئي وانتاج كليبات الفيديو، ورغم أنها المرة الأولي التي تحضر فيها المهرجان، فهي تري أن عدم الدعاية االكافية في البلدان العربية تجعله مهرجاناً مجهولا بالنسبة الي الكثيرين في العالم العربي، وتضيف في هذا الإطار انها المرة الأولي التي احضر فيها هذا المهرجان ولم اكن اعرف عنه الكثير من قبل غير أنني لا اجد مبرر لهذا التغيب العربي لكن ربما تشهد السنوات القادمة رواجاً بعد تغير انظمة الحكم في تلك البلاد وقيام تلك الثورات التي سيكون من نتيجتها الكثير من الإبداع الفني والوثائقي.
رغم ان الفنانة التصويرية مها مأمون احدي عضوات "مركز الصورة المعاصرة" في القاهرة إلا أنها تري ان هناك ارتباط كبير بين الصورة التوثيقية والفيلم الوثائقي، فكلا الإثنيين يصوران وقائع وتاريخ الأمم بشكل لا ينفصل عن بعضهما البعض وتضيف في هذا الإطار إن المشروع الذي تعمل به في القاهرة هو يعمل علي الحفاظ على علاقات وثيقة تربط بين الوسيط الرقمي والوسيط والتناظري أنها تري ان مشاريع المركز في القاهرة يتأصل في خلق بيئات تعزز الأفكار والممارسات والمناقشات ذات الصلة بالفن المعاصر على أوسع نطاق. كما ان من اهداف المركز اعتبار ان الممارسات والتنسيق الفني يصبح عاملاً فاعلاً على الصعيدين المحلي والدولي للسياقات والمناقشات الفنية من خلال البرامج المرتبطة بالصورة وبرامج الفن المعاصر الأشمل- من الاهتمام بوسائل إنتاج واستهلاك الصورة المتنوعة المعاصرة والتاريخية، الناشئة من الممارسات الفنية.
salah.soliman@gmx.de