عمارة مكتب هشام منير: مهنية المنجز... وحداثته (2-2)
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
د. خالد السلطاني: في سنين منتصف الستينات، صمم المكتب ونفذ عدداً من المباني الخاصة بمقرات النقابات المهنية. كان من ضمنها نقابة الاطباء ونقابة المهندسين الزراعيين ونقابة الجيولوجيين وغيرها. وتقع هذه المقرات مع مقرات اخرى خاصة بنقابات مهنية مختلفة، على شارع انشئ حديثا في منطقة المنصور بالعاصمة، دعي بشارع النقابات. وكان من ضمن تلك المباني المصممة من قبل المكتب، مبنى نقابة المهندسيين، الذي نفذ مرحلته الاولى في سنة 1965، واضيف له لاحقا في الثمانينات، ملحقا يتضمن قاعة متعددة الاغراض، مع مشتملاتها.
يهتم الحل التصميمي لمقر نقابة المهندسين في المنصور، في كشف وظائف المبنى وعكسها واجهاتيا، باسلوب واضح ومباشر. ولهذا فليس ثمة حاجة هنا، وفقا لمقاربة المصمم، لادعاءات تصميمية استثنائية. بل ليس لزوم لها بتاتا، وفق ما ينشد اليه. فهو يتطلع ان يكون مفهوم "الهندسة" (الهندسة بكل انواعها) حاضرا بقوة في اجراءات الحل التصميمي لمبناه، هو الذي يتعين ان "يجمع" كل صنوف المهن الهندسية. من هنا، حرصه في تأكيد حضور الحركة السهلة، وسرعة التعرف على فراغات المبنى، ونوعية وظيفتها، ومنطقية وسلاسة اسلوب تنطيقها. ومن هنا ايضا، جاءت اللغة المعمارية البسيطة والواضحة، المتولدة اساساً (حصراً؟) عن توظيف خصوصية المنظومة الانشائية الهيكلية. فتغدو الاعمدة الرافعة والجسور الرابطة في مبنى النقابة، بالاضافة الى منظومة التقسيمات الانشائية Grid System، وسطوح الجدران والقواطع، ووحدات كاسرات الشمس، الادوات التى يتعاطي بها المعمار لاجتراح حله التكويني؛ والمانحة، في ذات الوقت، جماليات ذلك الحل. بمعنى آخر، يتوق معمار نقابة المهندسيين الى توظيف خاصية مفهوم "التكتونيك " Tectonic المعماري، ليكون مصدرا اساسيا في خلق عمارته. وهو مفهوم، يتوسل في الحصول على القيمة الاستاطيقية (الجمالية) من خلال الانشاء Structure. وقد وظف كثيرا في تصاميم المكتب المتنوعة، وبات احياناً، يمثل احدى الخصائص الواسمة لعمارة مكتب هشام منير.
تبرز في المعالجة التصميمية لمبنى النقابة في المنصور مفردتان، سنرى لهما تطبيقات عديدة في مشاريع مصممة من قبل المكتب. وهما: الطابوق الاسمنتي، ووحدات كاسرات الشمس Louvers المتحركة الالمنيومية. في مبنى نقابة المهندسيين تحضر هاتان المفردتان حضورا بليغا في التصميم، ويعتمد المعمار عليهما كثيرا لجهة اكساب عمارته سماتها الجمالية. والمعروف ان الطابوق الاسمنتي (بالوانه المتعددة)، شاع كثيرا في عمارة الستينات بالعراق. وهو عادة، ما كان ينتج بابعاد اصغر نسبيا من ابعاد الطابوق الآجري المفخور. وقد استخدم في انهائيات (تشطيبات) Finishing السطوح الآجرية او الخرسانية. وقد جرى استخدامه في مبنى النقابة بلونه الرماني (الاصفرالضارب الى الحمرة) بصورة كثيفة وواسعة. كما جرى استخدامه ايضا واساسيا في واجهات مبنى "مكتبة الطفل" عند شارع دمشق ببغداد، المصممة من قبل المكتب، وكذلك في مبنى شركة اعادة التأمين في باب الشرقي ببغداد، وغيرهما من المباني. وكان دوما المادة الاساسية لانهائيات الواجهات والقواطع. وقد استخدم في الخارج، مثلما استخدم ايضا في الداخل.
اما استخدام وحدات كاسرات الشمس الالمنيومية، فقد كان هو الاخر، واسعا وواضحا في عمارة النقابة. وشكل "الموتيف" الاساسي لنوعية معالجة القسم العلوي للواجهات الشرقية والغربية لها. اذ "سترت" تلك الوحدات المصطفة الواحدة بجنب الاخرى، فتحات النوافذ العريضة عند الطابق الاول من المبنى المتكون من طابقين. وسنشهد تمرينا آخرا لمثل هذه المعالجة التصميمية في واجهات مبنى "المصرف الصناعي" بالسنك ببغداد، والمصمم من قبل مكتب هشام منير. لكننا هنا، سنكون شهوداً، لاستخدام هذه الوحدات وهي تغطي ستة طوابق كاملة من طوابق مبنى المصرف المتكون من سبعة طوابق.
يدرك معمار "قصر السلام" جيدا فرادة موضوعه. ولهذا فانه ينأى بعيدا عن مألوف السياق المعماري البنائي المحلي؛ مجترحاً لغة معمارية لمبناه، يطمح ان تكون متسمة على فائض من الجدة وعلى كثير من التجديد وعدم النمطية. ثمة "سقيفة" بابعاد ضخمة، محمولة على اعمدة، "يُحـّفر" في وسطها فناء، يخترق بفتحته جميع الطوابق الخمسة التى تشكل كتلة المبنى الاساسية، بمساحتها التى تصل الى حوالي 12000 متر مربع. . يتعمد مصمم القصر ان تكون الاعمدة الرافعة في واجهات المبنى مكشوفة، غير مخفية في "جسد" الكتلة البنائية؛ كما يحرص على اظهارها بوضوح في موقعها الطليق، وبارتفاعها العالي على امتداد علو المبنى، وهي تسند السقيفة العلوية ذات التطليعات الناتئة "الكابولية" Cantilever . وبهذا القرار غير المنتظر، وحتى الجرئ، فقد كفت عمارة المبنى ان تكون "عمارة جدار" Wall Architecture، ذات الخصائص المالوفة والمعروفة والشائعة جيدا في التقاليد البنائية المحلية. وهي خصائص كانت دائما تشي بقيم جمالية معينة، ترتب عن حضورها الدائم في الممارسة البنائية، تشكل ّمصفوفة فنية، طبعت ذائقة المتلقي المحلي بطابع خاص. لقد اراد المصمم بهذا القرار، اقتحام تلك الذائقة، والنأي بعيدا عن المألوف، و من ثم التأكيد على فعله المؤثر لتكريس مقاربته الجديدة في المشهد. وقد نجم عن ذلك القرار ايضاً، ظهور إمكانية استغلها المصمم بكفاءة لتوزيع احياز المبنى الداخلية بحرية تامة، الامر الذي انعكس جلياً على اسلوب مقاربته لصياغة الواجهات، التى انطوت على كثير من مفردات التنوع "الفورماتي" واختلاف مناسيبها ومستوياتها. لكن هذا "الضجيج" الكتلوي، الظاهر في الواجهات، استطاع المعمار ان "يقمع" تأثيراته السلبية، عبر الحضور المؤثر لشكل السقيفة العلوية المستوية، ذات الوحدات الفسيفسائية المتكررة والعديدة، (الناجمة عن خصوصية الانشاء)؛ وسطح "المنصة" Platform المستوي، المبتدعة في الاسفل. وفي النتيجة، فنحن أزاء منجز تصميمي، تاق معماره ان يكون متميزاً، ليتناسب مع تميّز موضوعه.
في منتصف الستينات، كانت لغة عمارة مبنى "قصر السلام"، وما تنطوي عليه من جدة وحداثة، لغة لافتة، وغير مسبوقة في المشهد المعماري المحلي. كما ان هذه اللغة، وهو امر غاية في الاهمية، سعت وراء ايجاد تواشجات اسلوبية مع الممارسة المعمارية العالمية في اوج لحظتها الابداعية. بمعنى آخر، لم يهمل معمار قصر السلام، وهو يسعى الى تثبيت نهجه التصميمي في الممارسة المحلية، النجاحات المرموقة الحافل بها الخطاب المعماري العالمي يومئذٍ. ويبدو من قراءتنا لعمارة مبنى قصر السلام، ان ثمة توقا حقيقياً لدى المعمار، لجهة تبني مقاربة خاصة به تنشد تفعيل مهمة "التناص" مع خيرة امثلة تلك النجاحات، وتحرص الى التثاقف معها، متطلعة، بجد، الى استيعاب افكارها التصميمية.
لا يوجد تصميم قريب الى ما يتوق معمار قصر السلام اليه من افكار، غير ذلك التصميم، الذي اكتمل تنفيذه في تموز 1961، والذي شغل بعمارته الاوساط المهنية العالمية طويلا. انا اقصد، بالطبع، مبنى السفارة الامريكية في اثينا/ اليونان (1956-61)، المعمار: فالتر غروبيوس (تاك). لست هنا، في وارد الحديث عن الاصداء الايجابية التى اُستقبل المبنى بها منذ ظهوره، وعن الكتابات النقدية الرصينة المشيده به، إن كان لناحية اسلوب تنطيق الحلول المعمارية ام لجهة الافكار التى تحملها تلك الحلول. لكني اود التذكير عن ما صرح به غروبيوس ذاته، اثناء الاشتغال على هذا التصميم، عندما قال "نعرف ان اثينا مكان مقدس، ولهذا فاننا نعمل ما بوسعنا لايجاد ما يربط تقاليد المدينة مع مقاربتنا التصميمية. بيد ان الحفاظ على تلك التقاليد وحضورها في التصميم، لايعني البته محاكاتها!" (انظر مجلة: Time, July, 15, 1957).
ومن الكلمة الاخيرة، الواردة في تصريح غروبيوس، الزاخرة بالمعاني والدلالات، ينشد معمار "قصر السلام"، ان تكون "اللامحاكاة" اياها: الكلمة/ المعنى الذي يؤسس عليه مقاربته التصميمية؛ تلك المقاربة التى يُراد لها ان لا تبدأ من فراغ، مثلما يتعين ان لا تتجاهل مع ما يجري من أحداث في الورشة المعمارية العالمية، او "تتناكر" لها. فتغدو مفردات مثل: السقيفة، والاعمدة الطليقة العالية، والمنصة، وشكل الكتلة المحفور في وسطها فناء مكشوف، المستخدمة في الحل التكويني لمبنى السفارة، هي ذاتها الموظفة في عمارة "قصر السلام"، ولكن بصيغ، تشير الى مقدرة معمار القصر في التعاطي مع تلك المفردات بصورة خاصة، نابعة من رؤاه الشخصية الدالة على اجتهاده التصميمي، وحسن ادراكه لخصوصية ثقافة المكان الذي يصمم له.
يتعين القول، ان فعالية "التناص" مع شواهد المنجز المعماري العالمي، هي ممارسة مهمة، واساسية ومطلوبة في المنتج التصميمي المعاصر. وهي تدلل على حرص المعماريين للانطلاق ابداعياً من النقطة/ المستوى الذي بلغته الممارسة المهنية عند اشد لحظات توترها الابداعي. فالتوصيف المعاصر للعملية المعمارية الآن، يتطلب من ضمن ما يتطلب، حضور "الآخر"، كطرف فعال في اجراءات القرارات التكوينية. والزعم بغير ذلك، من قبيل نقاء القرارات التصميمية، وعدم تأثرها وتفاعلها مع الآخرين، هو زعم، ذو صلة بالاسطورة لا بطبيعة المهنة المعمارية. والمسألة الهامة هنا، تكمن في قدرة المعمار على رؤية المنتج التصميمي الآخر، وسبر اغواره في قراءة متأنية، تستنطق جوهره الابداعي، ومن ثم تطويع كل ذلك ضمن رؤاه المهنية والشخصية، والاجتهاد في جعله متساوقا مع اشتراطات الظروف البيئية المحلية. ليست تلك الفعالية مقتصرة فقط على ممارسات المعمار المحلي او الاقليمي، وانما تمارس من قبل غالبية دور الاستشارة العالمية بمناطق وجودها الجغرافي المتنوع. ولهذا فان اشارتنا لفعالية التناص، وتأثيراتها المهنية، هنا، اثناء معرض تناولنا لبعض النماذج المصممة من قبل مكتب هشام منير، تهدف الى تأكيد اطروحتنا النقدية، الطامحة لـ "قول" ما لم يقله المنجز المعماري المتحقق، و"رؤيته" بصورة، ليست فقط الصورة التى يظهر فيها!. ذلك لان الاقتصار على الاحالة المنظورة لعمارة المبنى، كما اشرنا سابقا في هذه الدراسة، وتأشير مفردات التكوين وتحليل اساليب استخدامها، والتعرف على صيغ القرارات التصميمية ونوعيتها، والاكتفاء بها والتوقف عندها، ليس هذا، (على أهميته)، هو ما تطمح اليه هذه الدراسة. ما تطمح اليه، هو تفكيك المنجز المعماري المتحقق، لجهة استبطان جوهر مكوناته التكوينية، والتعرف على طبيعة التعالقات والتشابكات التى تبديها تلك المكونات، مع منجز "الآخرين": تشكيلياً ورمزياً.
عندما ظهر مبنى "وزارة التجارة" بمنتصف السبعينات، في ساحة الخلاني ببغداد، المصمم من قبل مكتب هشام منير ومشاركوه، سارع كثر من المهنيين المحليين الى ربط شكل عمارته، مع عمارة مبنى "بلدية بوسطن" (1963-68) Boston City Hall في ماسوشيتس/ الولايات المتحدة الامريكية، (المعمار مكتب: كالمان، مكينيل ونولز Kallman, Mckinnell, and Knowles)؛ نظرا للتماثل الحاصل تشكيلياً بين بعض العناصر التصميمية للمبنى البغدادي، مع عناصر عمارة مبنى البلدية الامريكي. ومما رسخ من شيوع تلك المقارنة وانتشارها في الوسط المهني المحلي، اقرار احد المصمميين الاساسيين لمبنى التجارة، وهو ناصر الاسدي، بقوله إنهم فعلا كانوا واقعين، وقتذاك، تحت تأثير "بوسطن سيتي هول" عندما شرعوا بتصميم مبنى التجارة. والحال، ان ثمة تماثلات "تشكيلية"، يمكن للمرء ان يلحظها، عند رؤية المبنيين. بيد انها تظل شكلية، تشي باهتمام مصمم مبنى التجارة وشغفه لكيفية معالجة أجزاء من واجهة مبنى بوسطن، واسلوب تنطيقها تشكيلياً. وهي تقف، في رأينا، عند هذا الحد. فالاستعارة الشكلية، هنا، ناجمة عن تأثيرات الانطباع البصري السريع الذي تخلقه مفردات تصميمية بعينها، تقع في اعلى الطوابق، مشكلة قمة المبنى الدالة على "تاجه" الرمزي الوظيفي.
واذ يسعى معمار مبنى التجارة الى تكريس مقاربة تصميمية، ما فتئت قيمها المعمارية يـُنظر لها، بكونها من "كلاسيكيات" التيار الوظيفي، فان مصمم مبنى بوسطن يتخلى طوعاً عن تلك القيم، مصطفياً "البروتالية" Brutalism نهجاً تصميمياً لمبناه. فتغدو التقسيمات "الثلاثية" المحببة الى قلب انصار "الوظيفية"، حاضرة بقوة في مبنى التجارة، الذي لم يشأ مصممه ان يجاري معمار "بوسطن سيتي هول" في التخلي عنها. وهذه التقسيمات العاكسة لوظيفتها، تدلل على تنوع المهام الوظيفية للاحياز المصممة. ففي حين تشير احياز القسم الاسفل من المبنى القريب الى المداخل الرئيسية، الى عمومية الوظيفة، يظهرتكرار اشكال فراغات القسم
ومرة ثانية، يجدر التنويه، بان فعالية "التثاقف" العاملة تحت "خيمة" مفهوم التناص، التى اجراها مصمم التجارة مع عمارة "بوسطن سيتي هول"، هي فعالية مطلوبة وضرورية لجهة اجتراح عمل مهني كفء، وتجاوزها او اهمالها، سيؤدي لا محالة الى فقر المنجز المعماري المطلوب. علينا التذكير، ايضاً، بان مصمم بوسطن سيتي هول، هو الآخر، وجد في استراتيجيات التناص، اداة مؤثرة ساعدته لاحراز حلول تصميمية مميزة لمبناه. فكثر من النقاد، اشاروا في هذا الصدد، الى مبنى "لو كوربوزيه" "الدير الدومنيكاني لا توريت" (1957-60) La Tourette بالقرب من ليون في فرنسا، بكونه مصدر الهام لعمارة مبناه؛ ما يؤكد مرة آخرى صوابية مقولة "بارت" التى اوردناها سابقا، من ان "ليس من ثمة lt;ابوةgt; للابداع". بل ويذهب بعض النقاد بعيداً في هذا الشأن، باشارتهم الى ان "ليس من ثمة ابداع مبتكر، انما هناك مبدعون مبتكرون". ولسنا، هنا، في وارد السجال حول مصداقية هذه المقولة من عدمها. ولكننا وددنا الاشارة، بان الافكار الابداعية، حالما تظهر في الخطاب او في المشهد، تضحى ملكاً للجميع. يعاد قراءتها وتأويلها، ويعاد ادراكها وتوظيفها. تماماً، كما اشار سابقا الى ذلك، ايضاً، "ابو عثمان عمرو الجاحظ" (773-867م)، في كتابه lt;الحيوانgt; من إن "المعاني مطروحة في الطريق، يعرفها العجمي والعربي والقروي والبدوي. وإنما الشأن، في اقامة الوزن، وتخيـّر اللفظ، وسهولة المخرج، وكثرة الماء، وفي صحة الطبع، وجودة السبك..." (كتاب: الحيوان، ج. 2، ص. 131). وهذه اللقى "الفكرية" المركونة على قارعة الطريق، المنظورة من قبل الجميع، والمشاعة والمتاحة للجميع، بمقدور كائناً من كان، ان "يلتقطها"، ويدرك معانيها، ودلالاتها، باعادة قراءتها، وفقاً لنوعية ثقافته، وانسجاما مع ذائقته الفنية.
والامر الثابت، إن مبنى وزارة التجارة، قد اضاف الكثير الى سجل عمارة الابنية الادارية العراقية، واضحت هيئته المميزة، المبنية على درجة عالية من الكمال التنفيذي، مثالا لمبانٍ عديدة، استلهمت "اميجها" المعماري من مبنى وزارة التجارة، وخصوصاً في قرار التقسيمات الثلاثية للواجهات، التى دأب المكتب على تكريسها في المشهد المعماري المحلي.
في عام 1974، يشرع المكتب في تصميم مبنى "مديرية الشرطة العامة" (وزارة الداخلية لاحقاً)، في الرصافة ببغداد، بموقع خصصت مجاوراته، سابقاً، للكثير من دوائر الشرطة. ان ارتفاعه العالي نسبيا (يصل الى ارتفاع 14 طابق)، ومساحة فضاءات اشغالية فسيحة (حوالي 30000 م2)، تجعلان منه ومن عمارته حدثاً مؤثراً في احداث تصاميم الابنية الادارية المحلية. في عمارة مبنى وزارة الداخلية تحضر، ايضاً، التقسيمات
لا تنشد هذه الدراسة، تعقب جميع اعمال "مكتب هشام منير ومشاركوه"، وتناولها تصميماً وراء تصميم، لجهة انجاز مجموعة توثيقية "للاعمال الكاملة" للمكتب. ليس هذا ما تبتغيه، رغم اهمية وضرورة هذا النوع من الابحات وآنيتها، في توثيق تنويعات المنجز المعماري الحداثي العراقي. فمثل هذا النوع من الدراسات، الذي يفتقر، مع الاسف، الخطاب لوجودها، يعتبر امراً ضروريا ولازماً لاجتراح أعمال بحثية رصينة تتناول عمارة الحداثة في العراق وتقيمّ انجازاتها. فنحن، (ومع الاسف مرة ثانية، وثالثة!)، ما انفكينا لا نعرف، الكثير عن ابداعات هذا المنجز الهام :لا نعرف، ولا نكترث بمعرفة، مواقع واسماء كثير من المباني الرائعة التى شكلت متناً ابداعيا مرموقا اثرى بامثلته "البراديمية"Paradigm نسيج فضاءات مدننا العديدة. كما اننا، لا نعرف، ولا نكترث، بمعرفة اسماء مصممي تلك الروائع المعمارية، ومقارباتهم التصميمية، بل وهذا، هو الاهم (والتراجيدي، ايضاً، في الموضوع!)، لانعرف، ولا نكترث، بمصائر كثر من اؤلئك المصمميين البارعيين ومآلات مسار حياتهم وظروفها، هم الذين اغنوا بيئتنا المبنية، بشواهد معمارية، باتت نماذجها " ايقونة" بصرية للكثير من مدننا، ناهيك الى تحولها في كثير من الاحيان، الى مرجعية تصميمة هامة ومؤثرة. بيد اني، سوف لن استطرد في الحديث كثيراً عن جوانب هذه الاشكالية المهنية الموجعة، مدركاً ان مكانها، ليس هنا بالطبع. لكن التغاضي عن تأثيراتها وتجاهلها كثيرا، واقصائها من الخطاب، سيفضي، من دون ريب، (إن لم يكن قد افضى!) الى نتائج كارثية، ستطول النشاط المهني التطبيقي والنظري المحليّن على حدٍ سواء. تتطلع هذه الدراسة، اذاً، الى تناول مختارات محددة من منتج مكتب هشام منير، للتدليل على غناء ذلك "الريبرتوار" الغزير وتنوعه؛ عن ذلك المنتج الحداثي والهام مهنيا على المستوين المحلي والاقليمي. انها "انطولوجيا" مقننة، تلزمها طبيعة هذه الدراسة ومناسبتها، التى أُريد لها ان تكون مكثفة، ومحددة.
في سنين السبعينات، اهتم مكتب هشام منير ومشاركوه في اعداد تصاميم لمجمعاتComplexes ابنية متنوعة الوظائف، غير مقتصرة على مبنٍ منفرد، وعلى وظيفية آحادية. بالطبع لم تكن هذه التجربة التصميمية غريبة عن نشاط المكتب. اذ انه ساهم بالتعاون مع مكاتب استشارية عالمية، في العمل على مثل هذه الممارسة من قبل. لنتذكر تعاونه مع مكتب "تاك" في العمل على مجمع جامعة بغداد في الستينات، وكذلك تعاونه مع مكتب " وايتنغ اسوشيتيس انترناشينال" في المركز الطبي ببغداد وغير ذلك. لكن ماتم في السبعينات، او بالاحرى في سنين منتصفها ، هو شروع المكتب وإقدامه على اعداد وانجاز مثل تلك المجمعات التصميمية؛ مثل " المجمع الزراعي" (1975) في بغداد، و" مجمع شركة اعادة التأمين العراقية" (1976)، في بغداد ايضا، و"مجمع الصباح الدولي" (1976) في الكويت، وغير ذلك من المجمعات. صحيح ان غالبية تصاميم تلك المجمعات، لم تنفذ بالكامل، (منها نفذ جزئياً، ومنها لم ينفذ بالمرة)؛ الا انها ابانت بشكل واضح قابلية المكتب ومقدرته المهنية للتعاطي مع الاشكالات التصميمية لتلك المجعات البنائية الضخمة ذات المواضيع الوظيفية المختلفة.
مثلت موضوعة "السكن" الوظيفية الاساسية لمجمع الصباح الدولي (1976) في العاصمة الكويتية. وهي موضوعة لم تكن شائعة في اعمال المكتب. لكن الحل التصميمي لها يثير الاهتمام، لجهة معالجة واجهاتها. ثمة كتلتان بارتفاع 14 طابق ممتدان تشكلان هيئة رقم (7) بالعربي، تطلان على شارعين مهمين. وبجوارهما ثمة برج يصل ارتفاعه الى 20 طابق. وهاتان الكتلتان تحددان فضاءات خلفية ، تم توظيفهما لوظائف ترفيهية وخدمية خاصة بساكني المجمع. وتصل المساحات البنائية الكلية للمشروع الى حوالي 50500 متراً مربعاً.
قد لايكون مبنى "امانة العاصمة" (1978)، المصمم من قبل مكتب هشام منير ومشاركوه، من خيرة تصاميم المكتب، لكنه، بالتأكيد، من أهمها. وهذه الاهمية يستمدها المبنى من كونه مقراً لادراة شؤون العاصمة، ورمزاً معمارياً لها، ويستمدها ايضاً، من وسع فضاءاته المصممة وكتلته الضخمة التى يصل ارتفاعها الى تسعة طوابق. ومعلوم، ان المبنى موقع في منطقة "العوينة" في الرصافة ببغداد، وهي ذات المنطقة التى أُختيرت في الخمسينات، لتكون موقعاً "للمركز المدني" للعاصمة العراقية. وفي موقع هذا المركز المفترض، (والذي ابدى فرنك لويد رايت، ملاحظاته في حينه، على تصميمه الحضري، هو الذي تم اقتراحه من قبل معماريين عالميين ومحليين، اذكر منهم "فخري الفخري")، صمم آلفار آلتو، المعمار الفنلندي والعالمي المشهور، متحفه البغدادي: متحف الفنون الجميلة (1957-58). والذي لم يتم تنفيذه وقتذاك، بسبب التغييرات الدراماتيكية التى طرأت على الوضع في العراق اثناء احداث تموز 1958. بيد ان الامر الطريف في الامر، هو ان هذا التصميم البغدادي قد تم تنفيذه، وبتنقيحات قليلة،، في احدى المدن الدانمركية سنة 1964. لكن هذه قصة آخرى.
ينبني المخطط التكويني لمبنى "امانة العاصمة" على وجود نواة مركزية، هي فناء وسطي، تحيط بها فراغات المبنى من جهاته الاربع. وقد استطاع معمار المبنى بخبرته التصميمية الواسعة، وتمكنه المهني الاحترافي، أن يوزع فراغات المبنى بصيغة عقلانية، تتماشى مع طبيعة الوظائف التى يؤديها. ولكوّن المبنى يقف طليقاً في موقع مكشوف وفسيح، ولكوّن الوظيفة الاشغالية للمبنى متشابهة نوعاً ما، وهي الفعالية الادارية، فان المصمم ارتأى ان يكون قراره التصميمي معتمداً اساساً على تماثل المعالجات الواجهية لمبناه بشكل عام، مع بعض التغييرات الطفيفة التى تحتمها خصوصية كل واجهة من الواجهات المصممة. لكن هذا القرار، لا يعني البته اهمال المصمم ولا مبالاته لكيفية تنطيق تلك الواجهات. بل بالعكس، اذ انه يولي اهتماماَ كبيرا لاجتراح لغة تصميمية، يطمح أن تكون معبرة، تراعي من جهة، الخصوصية الرمزية التى تشكلها عمارة المبنى، ومن ناحية آخرى، تظهر سعيه الدؤوب باتجاه ان يكون مبناه حاضرا حضورا بليغا في الموقع، جنبا الى جنب المباني المجاورة له، والتى قد تجاوره مستقبلا. وهو اذ وقع تحت تأثير هذين العامليين، فقد تبدى له مشروعية توظيف بعض المفردات البنائية التقليدية في صياغة واجهات المبنى. والحال، إن نتائج مقاربته تلك، اثارت نوعاً من الالتباس، انعكس تأثيراته على الناتج النهائي لمعالجة الواجهات.
فالمعمار الذي ما فتئ يحرص على عدم نسيان قناعاته التكوينية (رغم ان الزمن قد تجاوزها بشكل وبآخر)، يسعى وراء "خلق" "توليفة" تصميمية، بمقدورها، وفقاً لرؤاه، ان تجمع الحديث والقديم lt;على سطح واحد!gt;. فواجهات مبنى "امانة العاصمة" تبدو وكأنها "تهتف" (ان لم تكن "تصرخ!") بتمجيد " الثلاثية": التقسيمات الثلاثية اياها. هي التى لا يود، كما يبدو، معمار مبنى الامانة، أن يتنازل عنها، او يتغاضى عن استخداماتها. انها بالنسبة اليه "لازمة تصميمية" مقتنع بجدواها، ومؤمن بمصداقية تأثيراتها. لكن هذه التقسيمات الواضحة والصارخة، ُتقطع فجأة بحضور عقد أجرى، ذي قوس مدبب، يمتد بطوله العالي على سطح الواجهة الامامية / الغربية، ليصل تخوم "تاج" المبنى وقسمه العلوي. وواضح ان المعمار ينشد بوجود هذا العقد التذكير بخصوصية ثقافة المكان، مع امكانية الحصول على إحساس بحضور "الرسمانية" Monumentality لمبناه.
بالطبع ان فعالية تآلف القديم مع الجديد معمارياً، كانت دائما تعد فعالية مطلوبة ومفيدة تصميمياً. بيد إن نجاح توظيفاتها، كان منوطاً، ايضا ودائما، في امر التأويل، وإعادة القراءة للمفردات التى يتمظهر ذلك القديم، او هذا الجديد. وهو ما يتطلب بالضرورة اللجوء الى الترميز، حتى تتم عملية التآلف المرجوة بصورة سلسة ومقنعة. عدا ذلك، تتبدى المؤالفة المرجوة عملاً مقحماً، لايمكنه باي حال من الاحوال، ان يثري الخطاب. لسبب بسيط، وهو إن استدعاء المفردة التصميمية بهيئتها التشكيلية المحددة، لا يدل على معيار الانتماء. سيظل ذلك يعتبر محض مَعارَضة "باستيشية" Pastiche . يتعين، في هذه الحالة، اسباغ تأثيرات "المخيلة" عليها لجهة اجتراح الابداع. اي بمعنى آخر، حضور التأويل. في هذا الصدد، تبدو كلمات "ادونيس" محقة تماماً، عندما كتب مرة، من ان "الابداع الذي تتمثل فيه الهوية، حقاً، لا تحركه الذاكرة بقدر ما تحركه المخيلة. المخيلة هي التى تفتح باب الانتماء الى المنجز الابداعي، الانساني فيما وراء القوميات والثقافات. .. وفي المخيلة، قبل هذا كله، يكمن جوهر الانتماء الى الذات، في حركتها الخلاقة" (جريدة الحياة اللندنية: 13/ نيسان-2006). ما نشاهده في واجهات مبنى "امانة العاصمة"، هو في الواقع، سوء عاقبة اكتفاء المصمم واقتناعه بقوة "الذاكرة"، على حساب استشفاف "المخيلة"، اذا استعرنا كلمات المعجم "الادونيسي" في وصف تلك الحالة.
ومع هذا، فان عمارة مبنى "امانة العاصمة" ما برحت محتفظة برصانة هيئتها، وبصدقية قراراتها التصميمية، المتكئة على بلاغة التكوين، وحسن التفاصيل. ومع ان المبنى لم يشهد صيانة عامة (بالمعنى المتعارف عليه
في مبنى "عمارة منير"، المطلّ على شارعي الامام الاعظم، وطه، بالوزيرية، والمصمم في الثمانينات، بدا وكأن مكتب هشام منير، يطرح مفهوماً خاصاً لثيمة النقاش المهني الذي دار على نطاق واسع وقتذاك، حول مفهوم "الهوية" المعمارية، ودور "التراث" فيها. ومع تواضع مقاسات كتلة المبنى (ثلاثة طوابق مكتبية علوية، مع طابق ارضي مخصص للعرض التجاري)، فان المعمار إستطاع ان يثير انتباه كثر من المهنيين بقراءته قراءة خاصة لتلك الثيمة المثيرة للجدل. مقترحاً علينا حلاً تصميمياً لافتاً، يعتمد على قرارات اجرائية مقننة، ومواد انشائية معروفة وشائعة. اذ تتحول خصائص الطابوق، المادة الاكثر شيوعاً في الممارسة البنائية المحلية، وكذلك الخرسانة، المعروفة جيدا في تلك الممارسة، (وهما المادتان الاساسيتان المستخدمتان في المبنى)، تتحولان في يد المعمار الى أداة قادرة على إجتراح جماليات المبنى المعبرة، وشكله الحداثي المميز.
ثمة بساطة متناهية، تحفل بها معالجات المبنى التصميمية، تتأسس من فعل اعادة قراءة الموروث البنائي المحلي، ومن فعالية تأويل مفرداته،. وهذه البساطة تتأتى، ايضاً، من تأثير السطوح الآجرية الصلدة الملساء، "المحفور" بها فراغات العقود الايقاعية، واشكال اقواسها المميزة. ويتعزز الشعور بحضورها، حضور تلك البساطة، جراء حذاقة العمل الانشائي الاحترافي، والتعمد في ابقاء القطع الانشائية الخرسانية عارية. وبالتالي، فنحن أزاء بساطة آسرة، انها البساطة التى تشي بالوضوح، الوضوح الدال على الصفاء، الصفاء الموحي بالجلال، هو الذي يسم هيئة المبنى بجمالية محببة، تتقبلها ذائقتنا، ويتمتع بها بصرنا. والمبنى، اخيراً، احد المباني التى تبين قدرة معماري المكتب على اعادة ابتكار المشهد المديني لحواضرنا، واثرائه بنماذج تصميمية بارزة.
لا يمكن الكلام عن عمارة lt;مكتب هشام منير ومشاركوهgt;، من دون الحديث عن "هشام منير" ذاته: المنظم الرائد، والمعمار، والمعلم والمثقف. هو الذي ما فتئ، مثلما كان في السابق، مهموماً بقضايا العمارة، (العمارة العراقية على وجه الخصوص)، انجازاً وتعليماً وانتشاراً. لقد كان حريصاً على اجتراح انفتاح انموذجي على كل ما هو جديد وحداثي وطليعي في الشأن المعماري. ولعل حراكه المعرفي الجاد المتمثل في تقصي وبناء علاقات مهنية متكافئة مع خيرة دور الاستشارة العالمية، واكثرها تميزاً في المشهد، اثمر بنقل تقاليد وخبرة تلك الدور، ونجاحاتها التصميمية الى الممارسة المهنية المحلية. طامحاً في الحصول على قدر امثل من الانتاج والابداع المعماريين، للمشهد المحلي، كما الاقليمي. لكن سعيه هذا المفيد والضروري مهنياً وحضارياً، وقناعته بان هوية "الذات" المعمارية، لا يمكن لها ان تتجدد بدون شبكة علاقات تربطها مع "ذوات" معمارية آخرى، لم يكن شأناً، دائماً، مفهوماً او مرحباً به، في ذلك المجتمع المغلق، الذي قدر له ان يعمل فيه. الامر الذي عرضه للشبهات وحتى الشكوك. وافضى، اخيراً، الى اعتقاله، ظلماً، ايام النظام الشمولي البائد. لكن ما ارساه هشام منير (مع زملائه المعماريين الآخرين) في هذا الشأن، وما تمخض عنه من نجاحات ملموسة ومرموقة، شهدتها الممارسة المعمارية المحلية في السنين الماضية، يدلل على مصداقية تلك الاطروحة، التى نشد هشام الى ارسائها. ذلك لان نتائج غيابها المتعمد والقسري، الآن، كما في عقود ماضية، كان كارثياً ومفجعاً على مسار العمارة العراقية ومآلاتها.
لا تتأسس أهمية هشام منير، بكونه معماراً او منظماً رائداً للعملية الانتاجية المعمارية فحسب، وانما تتأسس ايضا، بكونه "معلماً" قديرا للعمارة. هو الذي ساهم مع زملائه العراقيين الآخريين في تأسيس اول مدرسة معمارية عراقية عام 1959. وانخرط في العملية التدريسية استاذا لها (واحيانا رئيساً لادارتها)، منذ نشوءها وحتى الثمانينات. وعلى امتداد تلك الفترة، أهل هشام اجيالاً من المعماريين العراقين، هم الآن عماد النهضة المعمارية للبلد ، ولكثير من بلدان الشرق الاوسط، وحتى بلدان عديدة في هذا العالم الفسيح، حيث يتواجد تلاميذ هشام منير. انهم، ما انفكوا يتذكرون، بامتنان، جهده الدؤوب في ترسيخ معارفهم المعمارية الجديدة وقتذاك،
وكمثقف مهم، ارتبط اسم هشام منير في ترسيخ احدى تنويعات المنجز الثقافي العراقي، وهي عمارة الحداثة؛ التى شكلت نماذجها المصممة، (وتشكل الآن) خيرة شواهد البيئة المبنية المحلية. كما ان انجازه الابداعي، عّد دوماً، بمثابة اضافة فنية شديدة التميز. لكن هذا المثقف المرموق، المتعدد الاهتمامات، لم يحظ برعاية واهتمام بلده؛ هو المقيم، الآن، بعيداً عنه. بل ان الموجع في الامر، إن "ثمانينيته" مرت قبل عام، من دون ان يتذكرها احد في وطنه، اويحتفي بها. والانكى في كل ذلك، ان الطبقة المسؤولة عن الثقافة الآن، لا تقدر، او في احسن الاحوال، لا تحسن تقدير قيمة ما انجزه هشام منير وآخرون معمارياً.
ثمة جحود غير مبرر، وعدم مبالاة غير مفهومة بالمرة، يبديها عراق اليوم، مثلما، ايضا، ابداها عراق العقود الماضية، تجاه ابنائه المبدعيين، هم الذين رفعوا من شأن بلدهم عاليا، وارسوا نهضته الحداثية بكل تجليات اجناسها الابداعية المتنوعة. وهو ما يضيف وجعا آخرا الى آوجاع تلك النخبة الابداعية غير المحظوظة، جراء هذا العقوق اللامسوغ، الذي يظهره ذلك "الوطن"، الذي لا يكف عن إنتاج حكاياته المؤلمة والتراجيدية، والتى يبدو انها لا تريد ان.. تنتهي.
واذ نحتفي بك اليوم، ايها المعمار المجد، نحن كثر من زملاءك وطلابك، فاننا وددنا ان نعبر عن امتناننا لك، وان نذكرّ الجميع، وننوه للجميع، بان منجزك المعماري الهام، مابرح يمثل قيمة عالية للجميع، وخصوصا للمعماريين، لمهنيته الرصينة، ولحداثته الممّيزة، المثري للخطاب وللمشهد على حدٍ سواء!. .
عمراَ مديدا لك: ايها المعمار!. □□
مدرسة العمارة/ الاكاديمية الملكية الدانمركية للفنون
الاحالات والمراجع
-Peter Blake, Form follows Fiasco: Why modern Architecture hasnrsquo;t worked, 1977, Little Brown.
-Walter Gropius, Works and Projects, 1994, Barcelona, Spain.
-P. Venturi, Complicity and Contradiction in Architecture, New York, 1966.
-Peter Eisenman (amp; Others), Re: Working Eisenman, Academy Editions, London, 1993.
-Time, July, 15, 1957.
-Charles W. Millard, The New Boston: City Hall, The Hudson Review, Vol. 23, No. 1, (Spring, 1970).
-Udo Kultermann, The Architects of Iraq, Mimar, 5, 1982.
-خالد السلطاني: تناص معماري، دمشق، 2007 .
-خالد السلطاني: مئة عام من عمارة الحداثة، دمشق، 2009.
-منشورات ومطويات مكتب هشام منير ومشاركوه.
التعليقات
العراقيون المبدعون
د. سـامي البجـاري -عمرا مديدا لايقونة العمارة العراقية الاستاذ هشام منير، لنرفع قبعاتنا تحية له فقد اعطى العمارة العراقية سمة مميزة وعبقاً أصيلاً يمتد عميقا في الذاكرة العراقية. تحية وسلام للدكتورالسلطاني الذي أعاد للذاكرة ابداع الاستاذ الكريم في قراءاته المعمارية الرصينةد. سـامي البجـاري
العراقيون المبدعون
د. سـامي البجـاري -عمرا مديدا لايقونة العمارة العراقية الاستاذ هشام منير، لنرفع قبعاتنا تحية له فقد اعطى العمارة العراقية سمة مميزة وعبقاً أصيلاً يمتد عميقا في الذاكرة العراقية. تحية وسلام للدكتورالسلطاني الذي أعاد للذاكرة ابداع الاستاذ الكريم في قراءاته المعمارية الرصينةد. سـامي البجـاري
مبدع مغيب
حسين الطائي -شكرا لاضاءتك الجميلة والمهمة دكتور سلطاني عن المبدع هاشم منير للاسف لم نسمع عنه كثيرا رغم منجزه الكبير شكرا لك دكتور لانك جعلت من موضوع المعمار التخصصي مادة ممتعة للقارئ
مبدع مغيب
حسين الطائي -شكرا لاضاءتك الجميلة والمهمة دكتور سلطاني عن المبدع هاشم منير للاسف لم نسمع عنه كثيرا رغم منجزه الكبير شكرا لك دكتور لانك جعلت من موضوع المعمار التخصصي مادة ممتعة للقارئ
عمارة هشام منير
د. حمزة المعموري -شكري وتقديري الى الاستاذ المبدع د. خالد السلطاني باضواءه على منبر العمارة العراقية وروادها متمثلة بمقال اليوم عن المعمار العراقي هشام منير الذي لم تكن عمارته ضمن حدود العراق بل تعدت ذلك لتكن اقليمية وعربية وعالمية .
عمارة هشام منير
د. حمزة المعموري -شكري وتقديري الى الاستاذ المبدع د. خالد السلطاني باضواءه على منبر العمارة العراقية وروادها متمثلة بمقال اليوم عن المعمار العراقي هشام منير الذي لم تكن عمارته ضمن حدود العراق بل تعدت ذلك لتكن اقليمية وعربية وعالمية .