ثقافات

اهتمام بإحياء فنون الكلام في الجزائر

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

كامل الشيرازي الجزائر: تهتم نخب جزائرية بإحياء فنون الكلام الغزيرة محليا، في صورة الرصيد الضخم الذي تمتلكه الجزائر من أمثال وحكم وحكايا وألغاز وأشعار ومواويل وما يُعرف بـ"البوقالات" التي ظلت رهن الشفوية والمناسباتية، وصارت الحاجة ملّحة بأعين من تحدثوا لـ"إيلاف" إلى حماية هذا التراث اللامادي عبر جمعه وتوثيقه وتسجيله وإبرازه.

يشير الناص "رشيد مسعودي" إلى توافر الجزائر على خزّان شعبي هائل من الأمثال والحكم والقصائد بحدود خمسة آلاف وحدة تتوزع على ولايات البلاد الـ48.

وبين هذه الأفاريز الكلامية، تتواجد "البوقـالة" وهي أشعار شعبية ذائعة الصيت في الأوساط العائلية النسوية، غالبا ما يدور فحواها حول الحب العفيف والحزن على فراق الأحباب والخلان والأمل بعودتهم.

وتتميّز منظومة البوقالة إبداعيا بحميميتها التي تمكّن الخائضات فيها من فتح مخيلتهنّ وفسح خواطرهنّ وشرح صدورهنّ للفأل الطيب والأمل والرجاء والحلم، علما أنّ البوقالات ذات الأبعاد الثلاثة " الشعر - التفسير - التمني"، تراجعت من حيث الممارسة بعدما كانت ديكورا ليليا مفضلا لجزائريات الزمن الأول، وتسعى مخضرمات ونوادي الإبداع المحلية لإحياء مكامن البوقالة وما تنضح به من حكم وأمثال وموشحات أندلسية.

وإلى جانب البوقالات، يبرز الباحث "عبد النبي زندري" قصائد "آليون" التي تردد في الأعراس والتي تتغنى بها نساء مجتمع الطوارق في مواسم الأفراح، إضافة إلى فنون تعبيرية مستوحاة من حكايات الشعر القديم كتراث الإمزاد الشهير في الجزائر وهو شعر ملحمي يمتد رصيده إلى ما يزيد عن المائتي سنة، وقصيد "الأشويق" العريق في منطقة القبائل الجزائرية، وما تضمنه من بوح الجزائريين القدامى.
وهناك أيضا تراث "الأهليل" الشعري الصوفي، وهو ديوان شعري ضخم يعكس مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للإنسان الجنوبي، ووسط حلقات بديعة يقوم المؤدي- الشاعر أو القوّال (الحكواتي) والذي يطلق عليه أيضا اسم "الزناتي" بإلقاء قصائد والتغني بالدين والحب والحياة وأيضا تمجيد الله وقيم الحب والحرب والشهرة والكرامة والعطف.
ويجدّد الأديب الجزائري البارز "كمال قرور" ولعه بتوظيف الحكايا الشعبية والأمثال لكتابة نصوص روائية لها ارتباط بالذوق الذي تعود عليه الجمهور، لخلق وعي موضوعي تتضح معه الرؤية أكثر.

ويكشف صاحب "الترّاس" عن اشتغاله حاليا على منمنمات التراث الحكواتي الجزائري، منبها إلى حتمية الالتفات بشكل أكبر إلى الحكاية وتوظيفها في المخيال الشعبي وكيفية التأثير بها في المتلقين باعتبارها مسموعة وغير مكتوبة، مشيرا إلى أنّ هناك تأثير وتأثر بهذه الشفويات في المجتمع المحلي.

ويتصور قرور بضرورة إقحام الحكايا الشعبية والأساطير والأمثال في الممارسة الروائية كحقل جمالي يُسهم في تشكيل الوعي الاجتماعي، ويمتع القراء ويجذبهم إلى القراءة.

ويقول "محمد بوكراس" بحتمية بعث وترقية وصون التراث اللامادي الذي هو التراث الحي، والذي يعتبر المصدر الرئيس للتنوع الثقافي لأنه يشمل كل الممارسات والتعابير والمعارف والمهارات، وكذا الآلات والأدوات وحتى الفضاءات الثقافية المرتبطة بها، ذلك أن انتقال هذا التراث عبر أجيال المجموعة البشرية يضمن دوام هويتها وأصالتها.

وكانت مدينة المدية (90 كلم غرب) العاصمة التاريخية لـ"بايلك التيطري" في عهد الدولة العثمانية، قبل أيام، مسرحا لاحتفالية ثقافية تناولت الموروث الشفوي المحلي، شارك فيها كوكبة من الأكاديميين والباحثين على غرار د/عبد الحميد بورايو، د/ خالد العيقون، د/عبد الحميد بوسماحة، د/ابراهيم شعيب وغيرهم.

وعلى هامش التظاهرة المذكورة، أقيمت جلسات استماع للبوقالات والأمثال الشعبية، وحكايا الجدات والألغاز، وأماسي في الشعر الملحون، فضلا عن سهرات فلكلورية متنوعة وقراءات شعرية لكل من مصباح مصباحي، توفيق نابي، محمد خاير، بلقاسم عباد، سمراء العربي، بوعلام بن سليمان، الزهور بوغزاي، سالم تيفور، ومحمد لوصيف، إضافة إلى عروض حكواتيين للكبار والأطفال من تنشيط الثلاثي الماحي مسلم، سعيد رمضاني وحسين نذير.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف