ثقافات

الوشم التقليدي والرسوم البربرية: مدرسة الرموز في الجزائر

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

كامل الشيرازي: يبرز الوشم التقليدي ومختلف الرسوم البربرية كآليات موظفة بكثرة في مدرسة الرموز التشكيلية في الجزائر، وتظهر أعمال ستة من الرسامين الجزائريين الحداثيين، قبسا من خواص هذه الرمزيات المستلهمة من أساطير الجزائر وعراقة تقاليد وثقافة الأمازيغ الأوائل.
الجزائر: اتسمت اللوحات التشكيلية الرمزية التي جرى استعراضها خلال الفترة الأخيرة بفضاء "فن وثقافة" وسط العاصمة الجزائرية، بأشكال متميزة وألوان زاهية جرى تغليفها بعدة تقنيات لاسيما الرسم الزيتي والتقنيات الممزوجة مع استعمال الحبر وأنواعا من الدهون العاكسة لثراء حضارة الأسلاف الحية في مختلف مناحي الحياة العامة، لا سيما الصناعات التقليدية خاصة الفخار والزرابي والحلي وغيرها.
واختار "نور الدين شغران" إدراج تلاوين دافئة في أعماله كالألوان الداكنة والحمراء والبرتقالية، بجانب اشتغاله على النسخ التلقائي، ويقول شغران بشأن نمطه الترميزي بكونه استخدمه دونما إدراك سابق منه، معتبرا أنّ الحركة في الرسم هامة، وتنهض بإحياء الكثير من الملامح السوسيولوجية المرتبطة في عمقها بالثقافة الشعبية المتجذرة محليا.
من جهته، قام "نور الدين حموش" الهائم بثقافة السكان الأصلاء، باستيحاء رسوماته المائية من نقوش حظيرة الطاسيلي الكائنة في عمق مدينة تمنراست بأقاصي الصحراء الجزائرية (1800 كلم جنوبي غرب العاصمة)، والموصوفة بكونها متحف طبيعي فريد.
وبلمسة شخصية أرفقها بولع النحت، زخرف حموش صورا منقوشة على الصخور وأشكالا من الرسوم، إضافة إلى ترميزات الحياة الاجتماعية لسكان الصحراء، خصوصا بحظيرة الطاسيلي التي تحتوي أفاريز حية جذّابة في منطقة دلت الحفريات على تواجد الإنسان بها قبل نحو مليون سنة.
وبمقابل إظهار الرسامة "زولة جنان" ثراء وجمال الرموز القديمة، ومزاوجتها مع بعض نماذج الثقافة الإفريقية المنتشرة في موريتانيا والنيجر ومالي وتشاد، ارتضى "مجيد غمرود" و"سليم مطماطي" العاشقان للتراث، تقديم أعمال مستوحاة من فن النسخ بالتيفيناغ، في حين فضل "أحمد بن يوسف سمبوطي" قراءة معاصرة لرموز المغرب الغربي، من خلال تجسيده للأوشام الشهيرة التي طالما انطبعت بها أيادي وجباه الجدّات هناك.
وارتبط الوشم في المجتمع الجزائري قديما بفئة المتقدمين في السنّ لاسيما البحّارين اللذين يلجئون إلى حفر أسماء حبيباتهم وزوجاتهم نظرا لبعدهم عنهن، وكانت فكرة تنفيذه مرتبطة بطقوس غريبة تحمل اعتقادا مفاده طرد النفوس الشريرة واستبعاد الأمراض، وبقيت هذه الأوشام تعتبر كقوة مضادة تحقق التوازن بين الخير والشر في الجسم البشري.
وينادي فنانون تشكيليون بإنشاء مدرسة للرموز بالجزائر، ويبرر هؤلاء دعوتهم بحتمية الحفاظ على جزء راسخ من التراث الغير المادي الذي يتميز برموز ورسوم قديمة، فضلا عن رصيد هائل من الأدب الشفوي والفنون الشعبية والتراث الاجتماعي الملموس في عديد المظاهر والسلوكيات ودلالاتها على أكثر من صعيد.
ويسجل الناقد الفني "محمد بوعمامة" إلى أنّ ظلال المدرسة الرمزية تلتقط صورا مادية مليئة بالدرر، ويحيل بوعمامة على الرمزيات الكثيرة في الجزائر، حيث يشكّل البحر بدوره مصدر استلهام الفنانين التشكيليين، مثلما أنه يحمل في الأوساط الشعبية المحلية أكثر من دلالة تصب في خانة المعتقدات التي تنسج منها الأساطير الشعبية والخرافات كإبطال مفعول السحر وجلب الحظ، وما إلى ذلك.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف