ثقافات

سالينجر الشهير برواية واحدة: "الحارس في حقل الشوفان"

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

"أنا جاهل تماما، لكنّي أقرا كثيرا" ج.د. سالينجر:

سعيد الباز: توفي27 ينايرعام 2010الكاتب الأمريكي جيروم دافيد سالينجر عن عمر يناهز91 عاما في معتزله ببلدة كورنيش في ولاية نيوهامشير، ذلك أنّ مولده كان في نيويورك فاتح يناير من سنة 1919 من أب يهودي بولوني وأم إيرلندية كاثوليكية. الأب يعمل مستورد لحوم و قاس ممّا طبع علاقتهما خصوصا في وفترة المراهقة بالجفاء و النفور التام. درس في الأكاديمية العسكرية في بنسيلفانيا دون أي نجاح يذكر في العديد من المؤسسات الأخرى، لكن متابعته لدروس في الكتابة بجامعة كولومبيا حيث اكتشف أساتذته موهبته غير العادية وشجعوه على نشر قصصه الأولى في المجلات الأدبية وهو مازال في العشرين من عمره.وبعد مشاركته في الحرب العالمية الثانية وكتابته للعديد من القصص المنشورة في ألمع المجلات الأمريكية فاجأ الجميع بروايته "الحارس في حقل الشوفان" سنة 1951 التي حققت نجاحا منقطع النظير، واعتبرت منذ تلك الفترة رواية الشباب والمراهقين على الخصوص، والرواية التي أخلصت لروح التمرد والقلق المستديم لدى الكثيرمن الأوساط اتجاه معايير النجاح الأمريكية التي تخفي واقع البؤس الروحي والمادي.
النجاح الكبير للرواية صاحبه كذلك احتجاج الأوساط المحافظة التي نددت بلغتها الجارحة والمباشرة القريبة جدّا إلى العامية، إضافة إلى عنايتها بتفاصيل الحياة الأمريكية دون رتوش أو تجميل اعتاد القارئ الأمريكي عليها.وبعد ثلاث مجموعات قصصية أخرى متلاحقة تكرّست سمعة ج.د. سالينجر كأفضل كاتب أمريكي بفضل روايته النادرة " الحارس في حقل الشوفان"، و كان الجميع ينتظر من هذا الكاتب أن يواصل مساره الإبداعي خصوصا وأنّ المؤسسات الثقافية الأمريكية من دور نشر عملاقة وأجهزة إعلامية ضخمة كانت تفتح أبوابها على مصراعيها من أجل هذا الكاتب الفذ، لكنّه قرر وبشكل غريب أن ينسحب من كلّ ذلك، وأن يتوارى عن الأنظار في قرية نائية دون أن يمنح الصحف و المجلات المقابلات التي كانت تتلهف عليها، وأوصد بابه أمام الجميع لا صور،لا ظهور في الحياة العامة. بل، أوكل إلى محاميه مقاضاة كلّ من ينشر مراسلاته.وفي عزلة تامة عاش ج.د. سالينجر لعقود طويلة مثل شاعرنا رهين المحبسين أبي العلاء المعري دون أن ينساه أحد، فقد ظلت روايته عبر العالم وفي أمريكا أكثر الأعمال الأمريكية قراءة.

من حارس حقل الشوفان إلى حارس العزلة:

لقد كان بطل الرواية هولدن كولفيلد صورة مطابقة لسالينجر، وفضاء المدرسة التي تدور فيه أحداث الرواية شبيه بما عاشه الكاتب في أيام دراسته. الفشل ذاته، والتمرّد ذاته ضد عالم مزيف، حقيقته النفاق و الرياء. هولدن كولفيلد ضائع في متاهات نيويورك، و شخوص المدرسة استعارة خفية للمجتمع الأمريكي، لا يملك البطل إزاءها سوى نزقه وسخريته الحادّة اتّجاه زملائه و المشرفين على المدرسة. لذلك تتردّد داخل الرواية متواليات سردية سريعة جدّا تكاد تصيب القارئ بالدوار، وتشدّه إلى عالم كولفيلد الشديد الحساسية اتجاه محيطه، فهو مثلا يكتب في ورقة الامتحان لأستاذ التاريخ:" لا يهمني إذا جعلتني أرسب، بما أنّي أرسب في كلّ شيء ماعدا اللغة الإنجليزية"، أو" أنا أكبر كذّاب قابلته في حياتك. شيء فظيع، حتّى إذا كنت متوّجها إلى الدكان لأبتاع صحيفة وسألني أحدهم أين أنا ذاهب، فمن الممكن أن أقول أنا ذاهب إلى دار الأوبرا".
عزلة سالينجر التي دامت أكثر من ستين سنة ووفاته مؤخرا أثارتا العديد من التساؤلات من قبيل هل
كتب سالينجر أعمالا لم ينشرها طيلة هذه المدة، وهل خلّف وصية تحثّ على نشرها؟ ما دام الكاتب قد أشار إلى ذلك سابقا بقوله: " أعشق الكتابة وأؤكد لكم إنّي أكتب بانتظام...لكنّي أكتب لنفسي و أريد أن أكون بمفردي كليّا لأقوم بذلك".

مقتطفات من "الحارس في حقل الشوفان":

...في "بنسي" حيث أعيش، أنزل في جناح (أوسنبرغر) التذكاري للمهاجع الجديدة. كان مخصّصا حصرا للمستجدين و المتقدمين. انا كنت مستجدا، شريكي في الغرفة كان متقدّما. كان يحمل اسم ذلك الشخص الذي يدعى أوسنبرغر ودخل مدرسة بنسي. و بعد أن غادر بنسي كوّن ثروة صغيرة من دفن الموتى، وما فعله أنّه باشر بافتتاح صالونات دفن الموتى في كلّ أرجاء البلد، بحيث أصبح في إمكانك أن تدفن أفراد عائلتك مقابل خمسة دولارات للرأس. يجب أن ترى العجوز أوسنبرغر، لعله فقط كان يحشرهم في كيس و يغرقهم في النّهر.على أيّ حال، منح مدرسة بنسي كمية كبيرة من الدولارات، وأطلقوا على الجناح اسمه...
...في صباح اليوم التالي، في الكنيسة ألقى خطبة دامت عشر ساعات. بدأ بخمسين من النكات المبتذلة، لمجرّد أن يرينا أنّه أليف...ثم بدأ يحكي لنا كيف أنّه لا يخجل أبدا، حين يكون في مأزق أو ما شابه ذلك، من أن يركع و يصلّي للّه. و قال إنّ علينا دائما أن نصلّي للّه...قال إنّه يفكّر في يسوع طوال الوقت، حتّى وهو يقود سيارته. هذا الكلام قتلني. لا يتراءى لي ابن الحرام الضخم الزّائف ذاك إلّا وهو ينتقل إلى السرعة الأولى طالبا من يسوع أن يرسل إليه المزيد من الجثث...
...إنّ أشدّ ما يعجبني هو أن أقرأ كتابا مضحكا بين حين و آخر. وقد قرأت الكثير من الكتب الكلاسيكية...وقرأت الكثير من كتب الحرب و الألغاز وما إلى ذلك، لكنّها لا تعجبني كثيرا.إنّ ما يعجبني هو الكتاب الذي بعد أن تفرغ من قراءته، تتمنى لو أنّ المؤلّف الذي كتبه هو صديق رائع لك وتستطيع أن تتصل هاتفيا كلّما رغبت في ذلك. لكنّ هذا الأمر لا يحدث كثيرا...

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
رائع
ايمان -

قرات هده القصة مترجمة ترجمة رائعة الى الفرنسية و اعجبتني كثيرا و المترجم ايضا ابدع في ترجمتها مازلت ااتدكرها مند سنة 1994