ثقافات

خوليو كورتازار... المهووس بالكتب

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يوسف يلدا من سيدني: بعد رحيل الروائي الأرجنتيني الأصل خوليو كورتازار "1914 - 1984"، خلّف وراءه مكتبته الخاصة به، والتي إحتوت على 4500 كتاب، لتقوم برعايتها مؤسسة خوان مارج منذ العام 1993 . وقد إستطاع الكاتب خيسوس مارجمالو، المتخصص في أعمال مؤلف رواية "الحجلة" الأدبية، الإبحار في أعماق الكتب التي كان يطالعها كورتازار، وما كان يكتبه من ملاحظات وهوامش وتعليقات، في كل مرّة يقرأ في كتاب. وكانت حصيلة هذا الجهد والمتابعة والدراسة التي إمتدت لسنوات طويلة، من قبل مارجمالو، الكتاب الذي أصدره مؤخراً وحمل عنوان "كورتازار والكتب"، عن دار "مطبوعات فوركولا". كان خوليو كورتازار مولعاً بالأدب وقارئاً نهماً له، وتربطه بالكتب علاقة شهية شرهة. وكثيراً ما كان يكتب الحواشي والتعليقات على الفقرات، بقلم الرصاص أو بقلم الجاف، وباللون الأزرق أو الأسود أو الأحمر، أو مجرد علامات. وبعض الكلمات مثل: "أوه"، "خطأ"، "جيد"، "مؤلم". والشروحات التي يكتبها كورتازار، كما يقول خيسوس مارجمالو، هي عبارة عن علامات تعجب، وخطوط مستقيمة، وأخرى تحت الكلمات، وعلامات إستفهام، وتقاطعات، وتواريخ، ودوائر، وتعليقات مفعمة بالتحمس.
وعندما يكتب أوكتافيو باث عن الشعر والرواية البوليسية في "القوس والقيثارة" قائلاً: "أن أية قصة لبورخيس، مكتوبة بذات الدقة الإبداعية، هي بمثابة قصيدة، رغم المواصفات التي تتمتع بها". ومن ثمّ يأتي كورتازار ويقرا الكلمات تلك، يعلق عليها بكلمة واحدة فقط، هي: "كلا". وتراه يوبّخ "لويس ثيرنودا" الذي يقارن "غالدوس" ب "ثيرفانتيس" في تعليق له على ذلك، على الرغم من إعجابه الكبير بالشاعر الإشبيلي، قائلاً: "كلا، يا رجل، أرجوك!". وعندما يقول كارلوس فوينتيس بأن: "الحجلة هي العمل النثري الإسباني، كما عوليس في النثر الإنكليزي"، يشعر كورتازار بالحرج، ويقول مندهشاً: "أوه، أوه".
يذكر مارجمالو في كتابه عن كورتازار قائلاً أنه كان محباً للكتب المطبوعة بحذر، والخالية من الأخطاء. لذا كنت تراه مهووساً بكتابة الحواشي والتعليقات، إذا وجد النص ملئ بالأخطاء، ويعمل على تصحيحه بشكل دقيق وشامل.
خلال قراءته لمذكرات الشاعر بابلو نيرودا "أعترف أنني قد عشت"، والتي نشرتها زوجته ماتيلدا أورّوتيا، والكاتب ميغيل أزتيرو سيلفا، بعد وفاة نيرودا، كان كورتازار قد إستهلك كمية هائلة من الحبر، بسبب من الأخطاء الكثيرة، والموجودة بين طيّات صفحات الكتاب. وليكتب بعينين تقدحان ناراً: "تباً لك يا أوتيرو سيلفا، ما هكذا تكون مراجعة النص الأصلي!". وفي الصفحة 414 يقوم كورتازار بتأنيب نيرودا على كتابته بأنه: "في الواقع أن كل كاتب، على وجه هذه الأرض، غالباً ما يفكرون بالفوز بجائزة نوبل، حتى الذين لا يصرحون عن ذلك علناً، والذين يرفضونها، كذلك". ويعلّق كورتازار قائلاً: "بابلو، هذا خطأ فظيع". وأما الأخطاء المطبعية فقد كانت تحيله الى إنسان مجنون، الأمر الذي دفعه لأن يوجه كلاماً جارحاً الى الشاعر إيميليو برادوس، عندما قرأ الكلام التالي حول كتاب "الحقيقة والرغبة" لثيرنودا. يكتب إيميليو: "تحت المراجعة الدقيقة للشاعر إيميليو برادوس". ولكن، بتعديل بسيط من كورتازار تصبح الجملة هكذا: "تحت إهمال...".
ومن بين أكثر من 500 كتاب تم إهدائها الى خوليو كورتازار، يمكن تسليط الضوء على كلمات الإهداء التي كتبها خوان كارلوس أونيتي على كتابه "فلنترك الحديث للريح"، وذلك لبلاغتها الشعرية، إذ يكتب: "إلى خوليو كورتازار الذي فتح ثغرة يتنفس من خلالها الأدب الذي شاخ. مع حبي الخالص، أونيتي".

سيدني - استراليا
ibrahimyousif@hotmail.com



التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
متابعاتك مفيدة
جلال زنكَابادي -

مشكور جداً عزيزي يوسف ؛ فمتابعاتك شيّقة ومفيدة، وأنتظر جديدك الجميل دائماً،وبودّي أن أعرف هل تعدّها عن الإنكَليزيّة أم عن الإسبانيّة، أو عن كلتيهما؟

متابعاتك مفيدة
جلال زنكَابادي -

مشكور جداً عزيزي يوسف ؛ فمتابعاتك شيّقة ومفيدة، وأنتظر جديدك الجميل دائماً،وبودّي أن أعرف هل تعدّها عن الإنكَليزيّة أم عن الإسبانيّة، أو عن كلتيهما؟

مصادر إسبانية
يوسف يلدا -

أخي جلال، أشكرك على كلامك الجميل.أما مصادري فهي إسبانية.

مصادر إسبانية
يوسف يلدا -

أخي جلال، أشكرك على كلامك الجميل.أما مصادري فهي إسبانية.