ثقافات

اشتقتُ لغيابِكَ

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

أيها الوطنُ الرابضُ بقلبي
كالصوانِ الأصمّ
أما آن لك أنْ ترحلْ
بكلِّ ما فيك من أسىً
بكلِّ أنفاسِك الحرّى والباردة
بكلِّ شجوِك الغارق بالحزن
لم تُسمعْني يوما؛ لحناً حلوا
موّالاً عذبا يشجُّ أضلعي
لم تُبهِجْ أساريري
برقصةٍ آسرة
لم ترْبتْ على كتفيّ حانياً
لم تأخذْني بأحضانك
لاأريدُ مكوثَك معي
توجعُني بشرودِك
تتوهُ بي بعيدا
تفزعُني أحلامُك
ارحلْ كما يرحلُ الطغاة ُوالمارقون
خذْ معك شلالاتِ حنيني
بحارَ حبِّي السالفِ
بِتُّ الآن أمقتُك
أحيدُ عنك جانبا
أغمضُ عينيَّ كي لاأرى..
طلعتَك الشوهاء قبالتي
*******************
مهجعُك قد علاه القضيض
رأسُك مليءٌ بالكوابيس المرعبة
سأهيئ شراعَ سفينتك
أفكّ مرساتك
أطفئ فنارَك
لتبحرَ بعيدا.....بعيدا
كالذكريات المُرّة
كالطفولة البعيدة الشاردة
حينها لم تعدْ
تجثمُ على صدري
كالكَدَرِ الثقيل
كالوساوسِ العصية
شفيتُ من حبِّك الآثم
صدري ضاق ذرعا بك
حقولك المفعمة بالرياحين..
أضحت خرِبةً تؤمها الكلاب الضالّة
والثعابين السامّة
وطريدو المنافي
والجرذان المحشوّة بالطاعون
******************
حينما ترحل..
سأوفي بنذري الذي حززته برقبتي
سأكون خاليَ الوفاض
جذلا ؛ ولا أمرح مني أحَد
سأطير طليقا كالسحاب
سأشدو في الأعالي
مزهوا بخفتي
وأستعيدُ عافيتي
خذْ معك صُرَرَ دراهمك
زناخة َنفطك
ألاعيبَ مزادك
رافدَيك الآسنين
رياضَك الخاملة
أغصانَك اليابسة
شجرَك المثقل بالزقّوم
خذ معك جيشك العرمرم الهزيل
وملفات العهر والسحت المكتنزة في الرفوف
كلَّ حرائقك التي اكتويت بها
لاأطيق وقوفك أمامي
كفاني اشتعالا بحبك
لستُ طامعاً فيك
أرضك غدتْ يبابا قاحلا
قلاعك سجنٌ لي
ماؤك أجاجٌ كالح
زادُك زُفْرةٌ مقيتة
حَطَبُك أجسادٌ عاريةٌ
تتراكمُ في المزابل
يعلوها الدم ؛يدثرها الخوف
عيناك نازفتان حزنا
مللْتُ جهشةَ بكائك
أهلي هجروني للشتات القاصية
رفاقي يهزؤون بي من بعيد
في مدن الثلج
في قيعان الأرض
فجِّها وعميقها
قدماي ترتجفان حين أتسكع...
في أزقتِك..يتراءى لي الموت
جذوري تقطّعت بها السبُل
ملامحي محتْها التجاعيد
مغناي التراتيلُ والأذكار
السابلةُ تلوكُ سيرتي
الأغراب تتشفّى بوجعي
لأنّ حنينَها رياء..
لستُ أسميها بلادي
ورِقّتَها مَيْنٌ
ليست مسقط رأسي
ومهوى فؤادي
سأنشدُ لها ساخرا:
"بلادي إذا جارتْ عليّ كريهةٌ
وأهلــي إذا شحّــوا علـيّ لئــامُ
تنــحّ بعــيدا لاأريــدك خــاذلا
رعيتــَك التعبـى تُذلُّ ،تضــامُ "

/بغداد

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
رفقاً بالعراق
الشاعر عبد الرحيم -

أخي جواد ، رفقاً بهذا الوطن الجريحأدمت سكاكينك الحادة هذا الوطن الجميل ، وطنك ووطن ابائك وابناءك وآبائي وابنائي ، ، اعرف حجم المرارة التي تعتلج في دواخلك ، اعرف كم تعاني ، اعرف انك تنزف دماً ، اعرف انك تتجرع في كل لحظة كؤوساً من السم والأحباط ، اعرف ان قلبك يحب العراق ، كل العراق ، اعرف ان جواداً عراقياً خالصاً ، طيباً، بريئاً صادقاً ، كريماً ، اعرف ان هذه الصفات هي صفات العراق وصفات اهله الطيبين جميعا ، أنا يأخي مثقل بالهموم مثلك لكن نفسي لا تطاوعني على أن اقول في العراق وطني شيئاً مما قلته أن اضربه بمثل هذه السكاكين ، اخي جواد رفقاً بوطني فهذا الوطن المخضب بالقدسية لا يستحق منا التانيب ، ماذنبه ياترى؟رفقاً به فهذا عراق الشرفاء فقط اخوك الشاعر عبد الرحيم حمدان الشويلي

رفقا بالعراق مرّة 2
محمد الصالح الغريسي -

الشّاعر الّذي ينزف شعرا جواد كاظم غلوم نصّ صادق إلى حدّ الوجع،صريح في أحاسيسه إلى حدّ الإيلام،يرشح حزنا و إحباطا و ثورة...و أنا أقرأ قصيدتك ،أحسست أنّ كاتبها ليس جواد كاظم غلوم ،و إنّما هو العراق .أحسست أنّ العراق هو الضحيّة ،هو من ينزف،هو الغريب بين أبنائه... المقطّعة أوصاله جرّاء الفتن و المؤامرات..هو من عانى من الظّلم و القهر و الإذلال و الاحتلال.و لكنّي في النّهاية أراكما واحد..فرفقا أخي جواد بنفسك و بالعراق..كم نحن في حاجة إلى التّسامح و النّسيان..كم نحن في حاجة إلى المحبّة و السّلام ..فاذهبي أيتّها الأحزان بعيدا عن العراق..و أشرقي يا شمس المحبّة و الحريّة..إنّ الحزن و الفجيعة أخي جواد لا يزيدان الجرح إلاّ نزيفا .فكفى روحك الرّقيقة حزنا ،فمن حقّها أن تذوق طعم الابتسام..هاجر إلى الحلم إلى مدن الورد..هاجر إلى الفجر حيث شلاّلات الضّياء تغسل أدران الماضي الكئيب ،و تجرف الدّموع إلى العدم. "قدماي ترتجفان حين أتسكع...في أزقتِك..يتراءى لي الموتجذوري تقطّعت بها السبُلملامحي محتْها التجاعيدمغناي التراتيلُ والأذكارالسابلةُ تلوكُ سيرتيالأغراب تتشفّى بوجعيلأنّ حنينَها رياء.. " هو إحساس بالغربة قاتل، يمكنك استبداله ،بالحبّ..ثمّ الحبّ...ثمّ الحبّ.. العراق ...كم أعطى لأهله و غير أهله..كم أعطى للتّاريخ و للإنسانيّة ..لم يكن يوما جلاّدا و إنّما كان الضحيّة..أرض العراق تتسع لكلّ الأعراق و كلّ الأديان،فلينعم الجميع بالمحبّة و السّلام..لا حزن بعد اليوم...لا حزن بعد اليوم.. دمت مبدعا أيّها الشّاعر الصّادق كلّ الودّ و التّقدير محمد الصالح الغريسي