مدينة أثرية هامة تعيش في عالم النسيان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
إن زيارة واحدة من تلك الآثار الهامة والبعيدة يعطي فكرة جيدة عن التاريخ الفرعوني وكيف بني الفراعنة المقابر والمعابد وأسسوا المدن في مناطق صحراوية شديدة الوعورة ـ لكنها لم تكن ابداً بعيدة عن نهر النيل الذي التصق به الفراعنة في كل تحركاتهم.
مدينة الكاب هي واحدة من تلك الآثار الغير معروفة في الجنوب، نحاول زيارتها والتعرف عليها رغم انها غير موجودة علي الخريطة السياحية لمصرية ـ ربما لأنها بعيدة نسبياً أو تتطلب إعداداً خاصاً، لكنها تبقي من الأهمية بمكان فقد كانت عاصمة مصر العليا في عصور ما قبل التاريخ ثم أصبحت فيما بعد عاصمة الإقليم الثالث لها طوال فترة تزيد علي الثلاثة آلاف عام وحتي حكم عصر البطالمة.
ان زيارة مدينة الكاب تتيح للمشاهد رؤية هذا الجزء المهم من تاريخ مصر القديمة، فالمدينة تحتوي علي آثار من مختلف العصور يأتي في مقدمتها مقابر الأشراف التي ترجع الي عصرالدولة الحديثة من سنة 1550 الي سنة 1070 قبل الميلاد.
وصلنا الي مدينة الكاب بعد أن قطعنا مسافة 70 كيلومتر الي الشمال من اسوان، اطلال المدينة لا تبعد أكثر من 300 متر عن الطريق العام الذي اوصلنا اليها، أما المقابر المهمة فهي تتركز فوق ربوة عالية من الجبل الرملي.
أول ما تقع عليه عينك في تلك المنطقة الصحراوية الجميلة، هي كثرة الرسوم والنقوش علي الجبل الرملي.
تبدأ الزيارة في الوصول الي الربوة العالية ـ ونصعد عليها عن طريق سلم جانبي صنعته هيئة الآثار المصرية بارتفاع حوالي 7 متر الي أعلي الربوة، أول المقابر التي تستقبلنا هي مقبرة "با ـ حري " الذي كان يشغل وظيفة كبير كهنة الألهة نخبت، وكان يعمل في ذلك الوقت كاتب حسابات محاصيل القمح، أما والده فكان هو المعلم الأول للأمير" واج ـ مس" ابن الملك تحتمس الأول كما ان" با ـ حري "نفسه عمل معلماً ايضا للأمير "مواس ـ مس" ابن الملك تحتمس الثاني.
عند الدخول الي المقبرة نجدها مستطيلة الشكل، وهي تنتهي في الجهة الشرقية بكوة تحتوي علي 3 تماثيل هي علي التوالي "با ـ حري وزوجته ووالدته"، وتغطي المقبرة الكثير من النقوش والمناظر وهي في غاية الدقة والروعة وتمثل الرسوم والمناظر فيها الحياة في العالم الآخر والحياة اليومية لأصحابها ـ في نفس الجهة تقع مقبرة" احمس ابن ابانا "وكان ضابطاً بحرياً في عهد الثلاثة ملوك االأوائل من الأسرة الثامنة عشر وهم احمس وامنوفيس وتحتمس الأول وشارك في الكثير من العمليات الحربية فقد حارب ملوك الرعاة الهكسوس في اواريس وحارب في بلاد النوبة وفي اثيوبيا وسوريا وقد كافأه جميع الملوك اللذين حارب في عهودهم لشجاعته ـ وعندما اصبح كهلاً قضي بقية حياته في مدينة الكاب.
المقبرة من ناحية الوصف هي ايضاً مستطيلة الشكل وتحتوي علي حجرة تؤدي الي حجرة الدفن حيث يظهر علي الجدار الشمالي احمس ابن ابانا وزوجته وعلي الجدار الجنوبي يظهر وامامه النص الشهير الذي يحكي تاريخ معارك التحرير.
أما المقبرة الثالثة فهي مقبرة "سيناو" ويرجع تاريخها الي الي عصر الملك رمسيس التاسع وكان "سيناو" يشغل وظيفة كبير الكهنة في الكاب في عهود الملوك الرعامسة ابتداءً من رمسيس الثالث وحتي رمسيس التاسع والمقبرة مستطيلة الشكل هي الأخري وفيها تمثال للملك رمسيس الثالث وهو في الواحد والعشرين من عمره.
اما علي الجدار الجنوبي من المقبرة فيظهر سيناو وزوجته جالسين بينما الأب المقدس للأله امون ـ رع ـ يقدم لهما القرابين.
المقبرة الأخيرة هي مقبرة" رني" كبير الكهنة ايضا في الكاب والذي عاش في عصر الأسرة الثامنة عشرة..وبها هي الأخري نقوش رائعة الجمال احداها يصور صب الماء المقدس علي " رني" وتري فيها ايضاً القوارب التي وضع في احداها التابوت وحوله الكثير من الأقارب والقرابين التي حملته الي المقبرة وتري في الخلف مشاهد النساء وهن يجذبن شعورهن حزناً وكمداً وفي نهاية المقبرة نجد تمثال مهشم ل "رني " وبعد الانتهاء من الزيارة وعلي بعد كيلومتر واحد نمر علي معبد امنمحتوب الثالث الذي شيده للآلهة نخبت سيدة مدخل الصحراء.