ثقافات

أعراس

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

ساهية أو تستدير نحو الحاضر، متجذرة أو عالقة بالضباب كرؤية، يختلط وشمها ورائحتها بزنابق الله، في المدار الفلكي واقفةً تذرف دمعةً على الخليقة. لمَ يغلقُ دخانها منافذ صدري، لمَ مزقتْ الوريقات التي ستعيد من فوق سطحها الباذخِ حياتنا السابقة، القصص العشقية التي، في آواخر الليل، تسردها كقطعة من ميراثها المُحترقِ والنسيج المزركش الذي تلهفت روحها لخياطته ولبسه في ليلة عرسها. كمن يفز من حلمه قافزاً، كدث، على البعد، ألمس مفردات شفتيها، بوحها: ستشرق الشمس ثانية، سيعبرون وتنتهي الحرب يوم ما، تعال يا حبيبي. ثم أنزوت في مكان حزنها الذي لا يرغب أحد بلمس أحجاره الكريمةِ. قبل تمدد حدائقها بين أناملي، أتذكر الصدع الذي حفره الأبناء في صدغها؛ كانوا على وشك استلام السلطة الدموية. أمّا هي، فقد تلاشت عارية في البراري، كغيرها من شظايا الحكاية. مُهجرةً.

كان الطقس جميلاً حينها، لكنها لم تتنفسه أو تتلقاه كثمرة من يد الطبيعة وما فيها من إنفعالات تتعثر في المجاز الضيقِ. التباس، قالت لي مرات عديدة. هل تنعمُ بإوتار صوتي، بهواجسي الترابية؟ هناك حفر وأقواس قزح ينبغي التمتع بالصبر لفهم إيقاعها الهارب. سيدي ليس عليك تعقيد وضعية الأشياء، كأن تظن، مثلاً، بأني غير قادرة على تدبر أمري، عندما تتكاثف سحب السماء أو حينما أنسى هذا الاسم أو ذاك من معارفك القدماء. أنا مخلصة بكل ما أقوم به. أنتَ تميل، كمزاج رائق، إلى تعقيد الأمور. حين اندفعت كحيوان جائع ومتمرد على السرب، فجأة أطلقت مناديل شهوتها المختلطة بالدموع؛ جسدها الرخامي والبقع الحمراء التي تغطيه. آه، كم لوحت لك بها من بعيد: رحلتي لن أعود من بعدها. كان ذلك في منتصف الليل، وكأنها اختارت اللحظة لكي تبقي على أرقي واقفاً في منتصف الباحةِ. ومع ذلك، وكما تبين لي الأمر فيما بعد، كانت عيني قد استسلمتا إلى نوع من النعاس الطارىء، الذي لم يحرمني من حزن رؤيتها وهي تغادر مدينة القتل باتجاه الغرفة التي كنا نسكنها. سمعت من بعيد صياح بعض الديوك، أو تخيلتها، قفزت من فراشي، لم يكن هناك أحد.

ذريعة حية ككل المخلوقات المنهدة في الجحيم. أقول رداء قد يروي عطش العالم. تنشب في ظهري مخالب اجهل تواريخ بربريتها، لم تأتِ قطعاً لكي تقلب الحقل عوضاً عن متاعبي اليومية، جاءت بالاحرى حتى تقتلع الأشجار والنباتات البرية التي عرفها أسلافي، وأنا أيضاً في الطفولة. النخيل وأغصان الليمون ربما. غير أنها ما زلت كزهرة عباد الشمس لا تدور إلا من حول نفسها. مثلي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
قصيدة
سلمى سلمى -

ما زلت حتى هذه اللحظة لا أجد تفسيراً للشعور الغريب الذي ينتابني حين أقرأ قصائد ...أشكرك؟.