أسئلة الربيع العربي العلامة الأبرز لمعرض الجزائر الدولي للكتاب

الجزائر: تشهد الدورة السادسة عشرة لمعرض الجزائر الدولي للكتاب الذي سيفتتح هذا الأربعاء ويستمر إلى مطلع الشهر القادم، حزمة أحداث واعدة، ولن تغرّد التظاهرة خارج سرب "الربيع العربي"، حيث سيطرح المحفل أسئلة كثيرة حول الثورانية العربية، فيما أقدم المنظمون على منع عرض ما لا يقلّ عن مئتي كتاب.

تبعا لما اتسمت به السنة الحالية من أحداث مفصلية في المنطقة العربية وهبوب رياح الثورات في أكثر من ست دول عربية، خصّص عرّابو المعرض نافذة خاصة حملت مسمى "الثورات العربية وانعكاساتها" وستستمر لستة أيام كاملة بمشاركة ثمانين اسما سياسيا وفكريا وأكاديميا وأدبيا.

بهذا الصدد، ستتطرق نخب جزائرية، تونسية، مغربية، مصرية، لبنانية، أردنية، فلسطينية، وسورية إلى ثلاثة محاور: "الربيع العربي في الروايات العربية"، "ربيع الشعوب العربية"، الثورات العربية"، بتواقيع خاصة لمصطفى الفيتوري، محمد سلماوي، رباب المهدي، إياد البرغوثي، فوزي طرابلسي، واسيني الأعرج، رضوان زيادة و كوكبة هائلة من الأسماء البارزة محليا ودوليا.

إلى ذلك، يُنتظر أن تخطف ندوة "العالم العربي في غليان: انتفاضات أم ثورات؟"، كل الأضواء، بحكم مشاركة عشرات الشخصيات والباحثين في الحدث الذي ستحتضنه المكتبة الوطنية الجزائرية اعتبارا من 28 أيلول/سبتمبر الجاري، وستتوزع الندوة المذكورة على عدة ورش تتناول مواضيع "أسباب الاحتجاجات العربية"، "رد فعل الأجهزة الأمنية في التظاهرات"، وكذا "الإسلام والديمقراطية".

وبحسب الخبير السياسي الجزائري البارز "شفيق مصباح" المشرف على الندوة، فقد جرى دعوة مواطنه "الأخضر الإبراهيمي" المندوب الأممي السابق في العراق، وكل من الباحثين الأميركيين "وليام كونت"، "ستيفن زينيس"، و"جون أنتليس"، إضافة إلى الباحثين المصريين "سعيد إدريس" و"حلمي شعراوي"، ناهيك عن طائفة أخرى من الأكاديميين المعروفين من بريطانيا وفرنسا والمغرب وتونس ولبنان.

وتحت شعار " الكتاب يحرّر من الأميّة، من الجهل، من الأحكام المسبقة، من الملل، من الوحدة"، ستعرف الطبعة الجديدة لمعرض الجزائر الدولي للكتاب، مشاركة قوية لـ521 دار نشر من 35 دولة وهو ما يمثل زيادة بـ30 بالمائة مقارنة بآخر دورة، وأفيد أنّ لائحة المشاركين تتضمن 376 دار نشر أجنبية، فضلا عن 145 ناشرا جزائريا وسيتوزع منشطو الموعد على 402 جناح.

ويبرز اسم روسيا التي ستشارك للمرة الأولى في معرض الجزائر للكتاب، فيما سيكون لبنان ضيف شرف المحفل المرتقب، وستتولى 60 دار نشر تمثيل بلد الأرز، أهمها دور عريقة مثل الفارابي، الآداب، المعارف وغيرها.

وفي تصريح خاص بـ"إيلاف"، أفاد "إسماعيل مزيان" محافظ المعرض أنّ الأخير أعطى الأولوية هذه السنة للكتب والمصنفات ذات الطابع العلمي والتقني والأدبي، خصوصا مع تزامن المعرض مع افتتاح موسم المدارس والجامعات. ومراكز التكوين.
وأشار مزيان إلى أنّه جرى اختيار لبنان ضيف شرف، تكريما لما قدمّه مفكروه وكتّابه من عطاءات أثرت الخزائن المعرفية العربية والعالمية، وتميّز لبنان في مجال الاستثمار الثقافي.

وانتقد مزيان التأويلات المثارة حول الغياب المحتمل لمواطنته الكاتبة الفذة "أحلام مستغانمي"، وأوعز أنّ محافظة المعرض وجّهت دعوة لأحلام المتواجدة في فرنسا حاليا، بيد أنّ انشغال صاحبة "ذاكرة الجسد" بالانتهاء من روايتها الجديدة قد يدفعها للغياب عن الدورة.

كما حرص مزيان على نفي ما راج عن احتفاء الحدث بالثورتين التونسية والليبية وتجاهله نظيرتيهما الليبية، وقال المسؤول الأول عن المعرض "ما قيل غير صحيح"، مسجلا أنّ بلاده حريصة على مواكبة راهن البلاد العربية، علما أنّ التظاهرة ستعرض بأجنحتها مئات الكتب التي تتناول ما حصل منذ 14 يناير المنصرم وتوابعه.

وعن مزاعم "ترويج معرض الجزائر لثورة مضادة"، و"تجاهل كتاب ليبيين مناوئين للقذافي"، بحكم تشديد الرقابة ومنع عدد من الكتب، اعتبر محافظ المعرض ذلك "محض تشويه"، وعلّق مزيان:" ليست لدينا لا الوسائل ولا السلطة من أجل المنع، وإدارة المعرض "ليست مخولة" لمنع الكتب".

ولفت مسؤول المعرض إلى أنّ المئتي عنوان التي جرى حظرها من لدن لجنة متخصصة، طالتها آلة المنع لثلاث أسباب رئيسة: مساسها بالأمن الفكري للجزائر ومرجعيتها الدينية السنية، إثارتها حساسيات عرقية ومذهبية في تاريخ الجزائر، وعدم استفادة بعضها الآخر من رخص دخول تمنحها وزارة الأوقاف.

وشدّد مزيان على أنّ الأمر في النهاية ليس مقصورا على الجزائر، فجميع الدول التي تنظم معارض للكتاب تستند إلى مقاييس متعارف عليها تخضع لما يُسمى "سلم الأولويات الوطنية".

وستكون المناسبة مواتية للهائمين بالأدب الروسي ومتذوقي "دستويفسكي" و"سولجنستين" و"تشيخوف" و"غوغول" للاستزادة من خلال المحاضرتين اللتين سيلقيهما الكاتبان الروسيان "ألكسي فارمالوف" و"جيرمان سادولاف"، مثلما ستتولى المدوّنة المصرية "نوّارة نجم" نقل صور عن ثورة 25 يناير، وما حصل على مدار ثمانية عشر يوما في ميدان التحرير.

ويُرتقب أن يجلب معرض الجزائر لهذا العام ما يربو عن 1.4 مليون زائر، فضلا عن أعداد كبيرة من عشاق الكلمة، فضلا عن ، ولضمان التكفل التام بمتطلبات التظاهرة، جرى تزويد القاعة البيضاوية وملحقاتها - وسط الجزائر العاصمة - بتشكيلة متكاملة من التجهيزات والوسائط، فضلا عن مضاعفة مساحة المعرض إلى عشرين ألف متر مربع، بعد أن كانت لا تتجاوز العشرة آلاف في دورة أيلول 2010.

ويراهن المنظمون على تحويل الحدث إلى فضاء حميمي للتبادل المعرفي والتلاقي الانساني، لذا جرى تدعيم أجنحة العرض بفضاءات للاستراحة والتنزّه، مع فتح أيقونات خاصة بالأطفال.

إلى ذلك، سيشهد المعرض احتفاء بإصدارات عدد من الكتاب الجزائريين، على منوال كتابي "من دس خف سبويه في الرمل" و"عطش الساقية" لعبد الرزاق بوكبة، ديوان "ماء لهذا القلق الرملي" لمحمد الأمين سعيدي، "على جبينها ثورة وكتاب" ليوسف بعلوج، مجموعة "فاعل الحبر" لرمزي نايلي، رواية "أعشاب القلب ليست سوداء" لنعيمة معمري، أنطولوجيا "الصوت المكنون في الشعر الملحون" لتوفيق ومان، ورواية "سيد الخراب" لكمال قرور.