"شمع أحمر"... هل ستفتح باب السينما في السعودية؟

أطلقت جماعة سينمائية نخبوية أسرتها التنظيمية السرية "شمع أحمر" تنظم من خلالها عروضها السينمائية التي لا تصل حدود السياسة، وتهدف إلى خلق رؤية سعودية للسينما المحروم مشاهدتها بصيغتها العالمية داخليا.

الرياض: حين بدأت في السعودية إنتاجات اليوتيوب الشبابية التي لا تزال تحتفظ ببعض بريقها اليوم، رغم تعدد الشركات الراعية التي فرضت بعض القيود على حريتها، كانت الرسالة الكبرى موجهة للشباب، بصوتهم ورؤيتهم وأفكارهم التي ولدت من رحم المجتمع، هي رسالة سمعها الكثير على الأرض هنا، وتجاوزتها للفضاء.

اليوتيوب، أصبح المتنفس اليوم، والوعاء الذي تختلط فيه كل البضائع، في مجتمع سعودي محروم وفق الأعراف والقوانين عن بيئة الترفيه، ومن تلك البضائع الرائجة، إنتاج الأفلام القصيرة القائمة بالجهود الشخصية، والغائب عنها التنظيم أو الإشراف المؤسسي الأهلي تحديدا، لأن التنظيم الحكومي يرفض وجوده.

من "أبها" في جنوب السعودية، حيث الغيوم والضباب الذي يعتلي جبالها، تأسست جماعة سرية أسمت نفسها بـ"شمع أحمر"، ليست جماعة ترتبط بالسياسة، حتى تعلن التأسيس سرياً، لكن الظروف الإجتماعية المفروضة تحتم الممارسات السرية وخلف ستائر الضباب الكثيف الذي يغشى أبها.

جماعة "شمع أحمر" تنطلق لصناعة السينما، من عقول ممارسة وناقدة على أرض نخبوية، تتجاوز مسألة عرض الأفلام إلى خلق الوعي وتوجيه الرسالة الأهم إلى الدول الأخرى عن طبيعة وحياة المجتمع السعودي، إضافة إلى محاولة تسليط الضوء على السلبيات والظواهر المجتمعية.

ليس ذلك الكلام متداولا، بل جاء بعد اتصال "إيلاف" بأحد مؤسسي الجماعة السرية الذي فضل كذلك أن يكون اسمه تحت غطاء مؤقت، حيث أوضح أن اسم "شمع أحمر" لم يُطلق على الجماعة لكسر التفاؤل، بل حتى يبقى الأمر أبيضا، ولأنه ليس وراء الغلق "الأحمر" من ذنب، التي يريد مؤسسوها من ورائها بعث الطائر الأبيض.

العضو السري في "شمع أحمر" تطرّق خلال حديثه إلى الرؤية التي يسعون لها من استراتيجيتهم بعيدة المدى، حيث تعبر رؤيتها ألا يدوم حظر السينما في السعودية إلى أكثر من خمس سنوات، مع استمرار العمل في جو سينمائي تدريبي يوصلهم برسالتهم.

وأضاف أن آلية العمل لديهم تعتمد على عرض الأفلام السينمائية المحلية فقط في المنازل عبر تقنيات في متناول اليد، التي لا يتجاوز زمنها عادة أكثر من ثلاثين دقيقة، يتم بعدها مناقشة فكرة العمل ونقدها عبر الحضور والمهتمين الذين توجه لهم الدعوات انتقائيا.

وقال أن من ضمن أهدافهم هي صناعة سينما سعودية تقوم على أسس صحيحة، ليس لها أي دوافع سياسية أو بعيدة عن الرؤية الوطنية بل هدفهم فيها الممارسة الإجتماعية لأجل الفن.

وتعاني السينما في السعودية من الاعتراف الرسمي، وربما تكون هي الدولة الوحيدة التي تغيب لديها دور عرض السينما، وسط تنظيم سري وآخر علني لمهرجانات الأفلام القصيرة السينمائية بين الأندية الأدبية، والمبادرات من قنوات تلفزيونية.

المهرجان العلني الأخير كان من تنظيم قناة روتانا عبر مهرجان "الأفلام السعودية" وسط متابعة كبيرة من المهتمين بصناعة السينما، واعتبر خلالها مدير المهرجان المخرج السينمائي السعودي ممدوح سالم أن المهرجان الذي انطلق في شهر حزيران (يونيو) الماضي أعطى "بوادر ممكنة لانطلاق مشاريع سينمائية سعودية لفتح آفاق تجديد الدعم الإنتاجي للأعمال السينمائية المحلية بالمملكة".

ووفقا لآخر الإحصائيات - غير الرسمية- التي نشرت عام ٢٠١٠ فإن ٩٥٪ من رواد دور عرض السينما في البحرين هم من السعوديين الذين اعتاد عدد كبير منهم على عبور جسر الوصال بين المملكتين كأقرب نقطة سينمائية وسط تقيدرات بأن ما ينفقه السعوديون من بوابة السينما البحرينية يتجاوز النصف مليار دولار.