رسالة ساحرة لفان كوخ تعرض للبيع بنصف مليون يورو
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
ايلاف: تُعرض للبيع بالمزاد في باريس الشهر المقبل رسالة فريدة من نوعها شارك في كتابتها الرسامان فنسنت فان كوخ وبول غوغان.
وتتحدث الرسالة "الساحرة" التي كتبها الفنانان على ورق رخيص منتزَع من دفتر مدرسي عن الصداقة والأمل. وتشير الرسالة التي كُتبت في مرحلة دقيقة من حياة الرسامين الفنية الى حلمهما ببناء مجتمع طوباوي من الفنانين المتآخين وتحقيق نهضة فنية جديدة وعن لوحات مغمورة اصبحت الآن تحفا فنية تُباع بالملايين.
ولكن حياة الفنانين وقتذاك كانت لا تمت بصلة الى هذه الأحلام والأماني. فبعد فترة قصيرة على كتابة الرسالة اشتبك الرسامان في معركة عنيفة، وفي واقعة تاريخية ذائعة الصيت قطع فان كوخ أذنه اليمنى ايذانا بتردي حالة الرسام الهولندي العقلية الى حد اصابته بالجنون ثم انتحاره.
وظهرت الرسالة التي تقع في اربع صفحات بخط يد كل من فان كوخ وغوغان بعد ان قرر صاحبها الذي يملك مجموعة مقتنيات خاصة، بيعها بالمزاد في باريس الشهر المقبل حيث من المتوقع ان تباع بمبلغ يصل الى 500 الف يورو.
ونقلت صحيفة الغارديان عن توماس فينينغ الخبير في دار كريستي للمزاد ان الرسالة تلقي ضوء على "أشهر علاقة فنية في التاريخ". واضاف فينينغ انه امضى حياته في دراسة الرسائل "وهذه واحدة من اعظم الرسائل التي رأيتها وأكثرها سحرا. فهي تأخذك الى بيتهما، وتفتح لك حياتهما في تلك اللحظة تحديدا".
ويمكن ان يتخيل المرء فان كوخ جالسا يكتب الرسالة على ورق رخيص لأنهما كانا مفلسين ثم يقول لصديقه غوغان "أكملها انت!".
كتب فان كوخ وغوغان الرسالة على ورق مخطط من النوع المستعمَل في الدفاتر المدرسية الفرنسية وبعثا بها الى الفنان الطليعي اميل برنار في تشرين الثاني/نوفمبر 1888 من بروفانس حيث استأجر فان كوخ طابقين من بيت خاص اصبح موضوع لوحته "البيت الأصفر".
وكان غوغان وصل قبل اسبوع على ذلك التاريخ، بعد أشهر من المماطلة والتردد، ليعيش ويرسم مع فان كوخ عاما أو عامين. وكان عالم الفن الفرنسي ينتقل وقتذاك من الانطباعية الى الحداثة والسوريالية ولكن فان كوخ وغوغان لم يكونا حتى ذاك الوقت رسامين معترفا بهما على نطاق واسع في الوسط الفني.
وفرح فان كوخ كالطفل بمجيء غوغان رغم تقلب أمزجته وضعف قواه العقلية. وكتب انطباعاته الأولى عن الرسام الفرنسي في الرسالة المشتركة قائلا "ان غوغان يثير اهتمامي كرجل. فأنا منذ زمن طويل ارى أننا في مهنتنا القذرة كرسامين بأمسّ الحاجة الى اشخاص لديهم يد الكادح ومعدته، لديهم أذواق طبيعية، وطباع مجبولة على الحب والخير، اكثر من أثرياء باريس المنحطين والمستَهكلين. وها نحن الآن، بلا أدنى شك، في حضرة مخلوق بكر له غرائز حيوان بري. ففي غوغان يطغي الدم والجنس على الطموح".
ويضيف فان كوخ "قمنا بعدة زيارات الى المواخير ومن المرجح ان ينتهي بنا المآل مشتغلين هناك في احيان كثيرة. فان لدى غوغان في الوقت الحاضر لوحة قيد الانجاز لذات المقهى الذي رسمته أنا ايضا ولكن بشخوص شوهدت في المواخير. وهي تعد بأن تصبح عملا جميلا".
ويتابع "أجريتُ دراستين لأوراق ساقطة في جادة تحفها اشجار الحور ودراسة ثالثة للجادة كلها، باللون الأصفر فقط".
ويكتب فان كوخ في الرسالة انه يناقش مع غوغان "الموضوع الرائع لرابطة تضم فنانين معينين" وتوقعات غوغان بشأن بناء "عالم جديد.... ونهضة فنية عظيمة" تجد موطنها في المناطق المدارية.
ويضيف غوغان في الصفحة الأخيرة من الرسالة "لا تستمع الى فنسنت، فهو كما تعرف ميال للتعبير عن الاعجاب والمغالاة فيه ايضا. وان فكرته عن مستقبل جيل جديد في المناطق المدارية تبدو صائبة تماما بنظري كرسام، وأنا ما زالت اعتزم العودة الى هناك عندما تتوفر لي وسائل العودة. من يدري، بقليل من الحظ....؟"
وبعد ثمانية اسابيع، في 23 كانون الأول/ديسمبر، وصلت الصداقة الى نهاية دموية عندما اشتبك الرسامان في معركة عنيفة سببها، على ما يُعتقد، انفاق فان كوخ القليل مما لديهما من مال على العاهرات ورفضه التوقف عن تعاطي الخمرة.
وهدد فان كوخ "صديقه" بشفرة قبل ان يقطع بها أذنه هو. وبعد فترة وجيزة على هذه الواقعة دخل فان كوخ أول مصح في سلسلة من المصحات العقلية التي تنقل بينها. وتوفي في عام 1890 عن 37 عاما بعد ان اطلق النار على نفسه.
غوغان عاد الى باريس وفتح فيما بعد مشغلا في بولينيزيا الفرنسية حيث توفي في عام 1903 عن 54 عاما. ولم يلتق الاثنان قط بعد المشاجرة رغم تواصلهما بالرسائل.
وقال الخبير فينينغ من دار كريستي ان الرسالة المشتركة تكشف عن اختلاف شخصيتي الفنانين والهدوء الذي سبق العاصفة في صداقتهما. واعتبر "انها لحظة صداقة وتفاؤل وعمل مشترك. إذ يبدو ان كل شيء سيكون على مايرام وانهما انجزا الكثير من العمل في فترة قصيرة". واضاف خبير الرسائل في دار كريستي "ان الأحداث الدراماتيكية التي اعقبت كتابة هذه الرسالة تضفي عليها مسحة من الحزن. انها وثيقة تسلب الألباب".
ستعرض الوثيقة للبيع في المزاد الذي تقيمه دار كريستي في باريس يومي 12 و13 كانون الأول/ديسمبر ضمن مجموعة من مقتنيات بيير بيريس.
التعليقات
سوق الفن
علي النجار -بدل ان تذهب الرسالة الى متحف فان كوخ في امستردام, وهو مكانها الطبيعي. تتحول الى سلعة يلهو بها اغناء العالم تباهيا بثرائهم. هذا هو حال الفن الان وغذا. ما دام تجارة مربحة للمزادات الفنية, وليس له علاقة بكونه منتج ثقافي انسناني عام.