توماس فيليبو مارينيتي: إلى سيّارة السباق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أول نشر لهذه القصيدة، كان في العدد السابع من مجلته الأدبية "شعر" (اب عام 1905) وكتبت باللغة الفرنسية، وتحت عنوان "إلى السيّارة". ثم أعاد نشرها ضمن الفصل المعنون "مدائح حماسيّة"، في ديوانه الفرنسي "المدينة الشهوانية" عام 1908، وبعنوان جديد هو "إلى فرسي بيغاسُوس" (وبيغاسوس هو الجواد المُجَنَّح في الأساطير اليونانية). ثم أعيد نشرها للمرة الثالثة عام 1912، في الانثولوجيا "الشعر المستقبلي"، وتحت عنوان ذي دلالة: "سيّارة السباق" ثم ترجمت إلى الإيطالية من قبل مارينيتي(1876- 1944)نفسه ونشرت عام 1919 في كتاب عنوانه "منتخب شعري. شعر حر. كلام مسرّح". ثم اعيد نشر هذه الترجمة الإيطالية، عام 1921، في ديوانه "شبق- سرعة". وما تكرار نشر هذه القصيدة، مع تغييرات جد طفيفة، سوى تأكيد على أن مارينيتي كان قبل ان يطلق حركته المستقبلية، بأربع سنوات، من أكثر الداعين إلى أدب السرعة والمُحرّكات والآلات. ويكاد يكون هذا التقريظ الحماسيّ لسيارة السباق، أشبه بصلاة مارينيتي المبكرة للمبدأ المقدس في المشروع المستقبلي: السرعة؛ هذه الهبة العظيمة التي منحها تطور الآلات للإنسان الحديث ليكون قادرا على تنظيم رؤيا جديدة لواقع جديد تكون فيه السرعة قيمة أخلاقية، ومقولة جماليّة أساسيّة بوجه سكونية أعمال الماضي.
إلى سيّارة السباق
يا الهاً حاداً فولاذيّ العِرق
سيارةً اسكرَها الفضاء
تخبط الأرض قلقا، ضاقت ذرعا بالانتظار!
أيا وحشاً يابانياً عيونه تشبه المصهر
تَغذّى على اللهيب والزيوت المعدنية
متعطشاً الى الافق والغنائم الفلكيّة
ها أنا اطلق عنانَ قلبِك الذي يبوّق مدوّيا بشكل شيطاني
وإطاراتَك العملاقة، من اجل الرقص
الذي تقود في طرقات العالم البيضاء
ومن ثم ارخي مكابحَك الفولاذية
فتحلّقُ ثملا في اللامتناهي مانح الحرية.
وفي نباح صوتك الضخم
تتعقّب شمسُ المغيب خطاكَ الرشيقة
معجّلةً نبضها المصبوغ دماً بمحاذاة الأفق
انظر، كيف تعدو في الغاب، هناك...!
سيّان، يا أيها العفريت الرائع
فانا تحت رحمتك... خذني!
على الأرض الصّمّاء رغم كل أصدائها
تحت السماء المَعميّة رغم كل نجمها الذهبي.
مُهيّجا حمّتي ورغبتي
بضربات سيف في لبِّ المنخر
ومن حين إلى آخر أرفع رأسي
لكي اشعر بالتفاف ذراع الريح المنعش الزغبيّ
على رقبتي المرتعشة!...
فما يستدرجني هو ذراعك البعيدة الغاوية
وما هذه الريح سوى نَفَسِكَ الغامر
ويمتصني، بكل سرور، لامتناه بعيد الغور.
آه، آه... طواحين سوداء متخلّعة
بدأت فجأةً وكأنّها تجري
على اجنحتها ذات النسيج الفِقَري
كما لو على سيقان لا حدّ لها...
الجبال تتأهب لتلقي على هروبي
وشاحَ برودة خاملة...
ولكن مهلا! انظروا الى هذه الانعطافة المشؤومة!
يا ايّتها الجبال، أيا القطيعَ الوحشي، يا فِيَلة الماموث
تَعْدُون بتثاقل حانين ظهوركم الجسيمة
لقد تم التفوق عليكم... غرقى...
في شِلّة الضباب!...
واسمعُ بخفوتٍ الضجيجَ القاضم
الذي تطرحه على الأرض
سيقانُكم الهائلة بجزمها ذات السبعة فراسخ.
أيا جبالا مكسوةً باللازورد المنعش
يا انهارا رائعة تتنفس تحت ضوء القمر
وسهولا مظلمةً! إني أتجاوزكم
بعدْوِ هذا الوحش المذعور... ألا أيّتها النجوم،
ألا تسمعن خطواته، ضجّة النباح
ورئته الحديدية تتهاوى بلا نهاية.
إني أقبل الرهان... معكن، يا نجومي!...
بسرعة! بأسرع ما يمكن!...
بلا توقف أو استراحة!
اِطلقن المَكابِح!... ألا تقدَرَنَّ؟
حطّمنها، إذن!
دَعْن نبضَ المُحرّك يُضاعف اندفاعاته مئةَ مرة!
يا للفرحة! لم يعد هناك اتصالٌ بالأرض الدّرِنَة!...
ها أنا انفصل أخيرا وأطير بخفة
فوق ملء النجوم المدوّخ
وهي تتدفق في بساط السماء الهائل!
(الترجمة تمت عن الأصل الفرنسي)