القصيدة الشعبية في الأهزوجة البحرية.. حيث للإمارات صوت البحر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الشارقة: البحر له معانٍ عدة متمثلة في كونه الصديق الذي يعتبره الكثيرون وفياً وحافظاً لأسرارهم، فضلاً عن أنه كان ولا يزال مصدر رزق لمَن يعتاش منه، وهو بالتالي يحفظ كرامة الإنسان.. ومن هنا، نشأت العلاقة بين البحر والإنسان في البيئة الخليجية الصحراوية ذات المناخ المتفرّد، لتتشكل الأهزوجة بمعناها الشعري - الغنائي، في الوقت الذي تشعبت فيه البيئات التي ينطلق منها هذا الفن العابق في التاريخ، مما اصطلح على تسميته في النهاية بالأهزوجة البحرية بين البحارة، علماً أن لها أنواع وفنون.
والأهزوجة هي جزء من الأدب الشعبي لأي مجتمع، وهي كغيرها من الأجناس الأدبية إنما تعبر عن حياة المجتمع وعاداته ومعاناته وطموحاته، إضافةً إلى وظيفتها السيكولوجية في التخفيف من ضغوط الحياة اليومية، كونها تخاطب الروح الإنسانية مباشرة..
وليس هذا فقط، بل يرتبط هذا الفن ارتباطاً عضوياً بالهوية الوطنية للمجتمع الإماراتي، الأمر الذي يلقى أهمية كبيرة بين أصحاب الرأي، ممَن يرون بضرورة نقله إلى الأجيال القادمة من شريحة الشباب خصوصاً.
كما تتميز العلاقة بين الإنسان الخليجي والبحر بالألفة، كعلاقة الأرض بالمطر والشِعر بالصورة، وفي هذه الثنائيات تتوضح صورة المواطن الإماراتي أكثر من خلال إقامة مركز الشارقة للشعر الشعبي أمسية بعنوان (القصيدة الشعبية في الأهزوجة البحرية). وفي هذا الملتقى، اجتمع عدد من المهتمين بهذه الحالة الشعرية وتبادلوا الذكريات والنقاشات فيما بينهم، مستعرضين كلّ ما يتعلق بالأهزوجة البحرية كفن خليجي..
أهزوجة وجلسة سمر ومحبة
تحدث في الملتقى أحد رواد التراث الشعبي ومن المختصين بقصيدة الأهزوجة البحرية ناصر الكاس، مؤكداً انتشار هذا الفن بين البحارة، وتطرّق إلى جلسات السمر، فضلاً عن إنشاده مجموعة أهازيج بحرية.
كما تحدث الباحث المتخصص في فن الأهزوجة البحرية سلطان بن غافان، موضحاً أساليب الشعر في اللون والبحر الشعري نفسه، ودور الأهزوجة الكبير في رفع المعنويات والحالة النفسية للشخص، بل والشموخ والمحبة بين الناس أيضاً حين ترديدها.
في حين اعتبر الشاعر راشد أحمد بوسنيده الأهازيج الشعبية في الأدب الشعبي بمثابة المرآة التي تعكس واقع الشعب في تلك الفترة، من خلال تحليل مضمون نصوصها.
وشارك في النقاش العديد من المهتمين، مثل الراوي سعيد الحديري، والشعراء: خلفان بن عبد الله بن يدعوه، وعلي بن عبد الله بن شمسه، وراشد بن ثاني، وراشد بن حميد بن درويش، وصمع يوسف بوهارون، وغيرهم ممن رددوا بعضاً من هذه الأهازيج.
بن غافان: الأهزوجة هي إيقاع حياتنا
في تصريح لـ "إيلاف"، اعتبر الباحث المتخصص في فن الأهزوجة البحرية سلطان بن غافان أن الأهزوجة البحرية تنطبق على حياتنا عموماً، فكل حركة في البحر أيضاً هي أهزوجة، مثل رفع الشراع ورمي المرساة والغوص وما إلى ذلك من تناغم وإيقاع بين كافة مكونات البحر، لتتشكل بالتالي موسيقى بينها، فالأهزوجة هي إيقاع حياتنا مؤكداً ضرورة استحضار هذا الفن مجدداً، والاقتداء بالشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، الذي كان مهتماً بالأهزوجة، حيث قال غافان: "يجب أن نسير خلف آباءنا وأجدادنا الشعراء من البحارة، ممن كانوا ينظمون الشعر كما ينظمون السفينة ويرمون الشباك للصيد، ويغنون فرحين، فالأهزوجة ترفع من معنويات مرددها، وترفع هممه وتمسكه بمجتمعه ووطنه".
وردّد بن غافان نماذج من أشعار الأهزوجة خلال اللقاء بصوت شجي يشبه هدير البحر ورقته، وأضاف لـ "إيلاف" قائلاً: "من خلال الجمعيات، والتركيز على المناهج الدراسية عبر وزارة التربية، يجب إنهاض فن الأهزوجة الشعبية، فهذا جزء أساس من تراثنا الغني، الذي يشجع شبابنا على ممارسة الغوص والصيد واستنهاض الهمم والشموخ، وكذلك التواصل مع وزارة الإعلام لدعم أكثر عبر الفضائيات، والنتيجة الحصول على الدعم المادي والمعنوي".
ومن هذه الأشعار نذكر منها:
"أنا ولامر حشى ولا بالعين شفناه
العيد مر بساحل البر وين الغضي زاهي بحناه.."
" بسألك يا الكندورة
عن من حاك ودرز
قالت حسين الصورة
اللي في الرايح طرز
أزياء النساء ..عفة واحتشام"
"يا هل اليميل ألفيتوا
وبكم زهت لبلاد
ويطول عمر الزينة
غمٍ على الحساد.."
وفي ختام الملتقى، قدّم كلٌ من عبد الله العويس، رئيس دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، والشاعر راشد شرار، مدير مركز الشارقة للشعر الشعبي شهادات تقديرية للمشاركين في هذه الأمسية، بحضور أحمد حبيب غريب، مدير عام مؤسسة حميد بن راشد النعيمي.
ومن الجدير بالذكر أن الملتقى أقيم في يوم الخميس، بتاريخ 13/12/2012.