ثقافات

الجزائر تستفز هاجس استرجاع مرجعيات السينما العربية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

طغى على مهرجان وهران للفيلم العربي، وكذا الأيام العربية الأولى لأفلام التحريك بالجزائر، رهان استمرارية الفعل الحرّ وكسر قيود الوصاية، وساد انطباع قوي كرّسه عموم السينمائيين عبر حراك متسارع لاسترجاع ما سموها "مرجعيات" السينما العربية.

الجزائر: شكّل مهرجان وهران السادس المختتم مؤخرا، مناسبة لإرجاع السينما العربية إلى مرجعياتها الأساسية، وهو ما حثّ عليه "نصار سمراني" منتج الفيلم اللبناني "تنورة ماكسي"، حيث ألّح على اعتبار العمل المذكور بادرة لتحقيق هذه الرغبة في إرجاع السينما من صناعتها ذات البعد التجاري إلى مرجعيتها الأساسية "الراقية".

هذا الهاجس شاطرته أيضا المخرجة المصرية "هالة لطفي" التي أيّدت الأفلام المعقدة التي تعتمد على المشاهد والتعابير المختلفة تماما عن تلك المستعملة في الأفلام ذات البعد التجاري، ومثّل "الخروج للنهار" الذي أخرجته هالة صرخة مدوية من أعماق المرأة المصرية الرافضة لكل أشكال الإهانة والاحتقار والغبن، وكبريات المواقف التي تشغل المرأة بمصر في ظل تدني القيم الاجتماعية وتدهور الأوضاع الاقتصادية، وعلى منوال "تنورة ماكسي"، طغت على "الخروج للنهار" فترات متتالية من التعابير الصامتة ومشاهد أخرى تترجم الحالة النفسية التي تعيشها أي امرأة أمام تدني القيم وهشاشة الوضع الاجتماعي وضغط المحيط.

كما تقاطعت المخرجة الفلسطينية "آن ماري جاسر" مع نظيرها اللبناني "نصار سمراني" بشأن حتمية تحقيق الإبداع السينمائي عبر انجاز أفلام تعتمد على تعبير الصورة وانسجامها مع المقاطع الموسيقية أكثر من تغليب سلطة الحوار، إلى جانب وضع سيناريوهات معقدة تجعل المشاهدين يغوصون في دواليب الأحداث.

وشاطر الناقد السينمائي الجزائري "بوزيان بن عاشور" وجهة نظر سمراني، من حيث لا إمكانية انجاز أفلام راقية ذات محتوى وموضوع إلا بالاجتهاد في شد الجمهور بمزايا سينمائية مختلفة فيها الإبداع والإتقان في صناعة المشاهد، وتكثيف شعري للمشاهد والتعابير الصامتة.

وذهب الممثلان المصريان "سامح الصريطي" و"رانيا فريد شوقي" إلى ضرورة دفع الفضاء السينمائي العربي نحو مزيد من التكاملية وتعزيز التبادل، في وقت كان الفيلم المغربي"الوتر الخامس"، فرصة لإماطة السينما اللثام عن ملحمة العشق الموسيقي، حيث سعت مخرجته "سلمى بركاش" لمقاربة الصراع
بين الأصالة والمعاصرة وتحقيق الذات والوجدان وقضايا التحرر الفني وحتى العولمة.

بدوره، شدّد المخرج الجزائري "رشيد بن حاج" على حاجة المشهد السينمائي العربي إلى رهان الاستمرارية، لضمان تطورها بشكل كامل، وأبرز بن حاج أنّ منطق الاستمرارية من شأنه الارتقاء بالفن السابع إلى مستوى مؤهلاته الحقيقية.

من جانبها، اعتبرت المخرجة المصرية "هالة لطفي" أنّ تتويج فيلمها الطويل "الخروج للنهار" بجازة الوهر الذهبي، هو تاج للسينما العربية المستقلة، وحافز إضافي للنهوض بالفعل السينمائي الحرّ والاهتمام بالمواضيع الجادة التي تحاكي الواقع كما هو.


أولى أيام العرب لأفلام التحريك

إلى ذلك، احتضنت الجزائر على مدار أسبوع كامل تظاهرة الأيام العربية الاولى لسينما التحريك، في محفل شهد عرض عديد الأفلام من الجزائر، تونس ومصر، كما عرفت الأيام تساؤلات ملحة حول أفقيات المرحلة القادمة، مثل تلك التي طرحها الناقد السينمائي والإعلامي المصري "مصطفى الكيلاني" حول كيفية صناعة البطل في سينما التحريك العربية، ومرافعات المنتج والمخرج الجزائري "جيلالي بسكري" حول مكانة سينما التحريك في المشهد السينمائي الجزائري، سيما مع جزم متخصصين بالآثار المبهرة لهذا اللون السينمائي على نفسية الطفل على حد تأكيد الخبيرة النفسانية الجزائرية "وردة بوقاسي" ومواطنتها "أمينة بلحريز".

وسعى نادي "سينيراما" التابع للجمعية الثقافية الجزائرية "الجاحظية" بقيادة الكاتب الجزائري الشاب "رياض وطار" لإنضاج تصور يضمن الارتقاء بمنظومة السينما المتحركة، خصوصا بعد التجاوب الكبير الذي حُظيت به أفلام مصنفة ضمن هذا النوع، على منوال "قصور الرمل" لمصطفى التايب (17 دقيقة) الذي جرى فيه استعراض تاريخ تونس منذ قدماء البربر إلى غاية ثورة الياسمين.

واتسم الفيلم المذكور باعتماد لغة سينمائية مزج فيها المخرج التونسي بين الصور الواقعية والرسوم المتحركة، ببطل كارتوني صغير راح يسرد ذاكرة قصور "أولاد سلطان" و"أولاد العابد" وغيرهما، إلى غاية ما ينتاب الراهنية التونسية وتجليات أحفاد القرطاجيين.

وارتضت المخرجة المصرية "زينب مصطفى" في " كل ده كان ليه" (6 دقائق)، الخوض في ارتجالية الانسان البسيط في بحثه عن تجسيد أحلام المسكن والنقود والسفر، وإحالات ذلك على ما يعانيه كادحو أرض النيل، في وقت أصرّ المخرج الكاميروني "نارسيس يومبي" على استحضار روح الطرافة في الفيلم الجزائري "الصياد والغزالة" الذي روى حكاية صياد فقير اتفق مع غزالة على صفقة لقاء إبقاءها على قيد الحياة، بيد أنّه حنث بعهده بعدما حُظي بالشهرة والثراء، ليدخل في دوامة الغزالة والغراب في قلب الغابة بعد انقضاء سبع سنوات في موضوعة مستوحاة من إحدى الأساطير الإفريقية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف