ثقافات

قرور: من ثقافة الدم إلى ثقافة العَرَقْ

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كامل الشيرازي من الجزائر: يتنبأ الأديب الجزائري "كمال قرور" أن يشهد العرب سلالة جديدة تحكمهم باسم الدين، بعد السلالات التي ظلت تحكمهم باسم الله والشرعية التاريخية.

وفي مقابلة خاصة بــإيلاف، يؤكد قرور أنّ الوقت حان للانتقال من ثقافة الدم إلى ثقافة العَرَقْ والواجب والإبداع والعمل والاجتهاد، مراهنا على أن تكون خمسينية استقلال بلاده إعلانا عن ميلاد جيل المواطنة الذي يساهم في بناء وطنه بفعالية ومسؤولية.

bull;سبق لكم في رسالة بعثتم بها إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بتاريخ 19 شباط/فبراير 2011 أن كنتم بين الذين قرعوا أجراس الإنذار بشأن الوضع العام في الجزائر .. بعد انقضاء عام هل حُظيت بادرتكم بتجاوب دوائر القرار، وما الذي تنوون فعله مع اقتراب الاحتفال بخمسينية استقلال الجزائر في الخامس تموز/يوليو القادم؟
-نعم سيكتب التاريخ لتلك الرسالة أنها كانت مبادرة صادقة قام بها بعض المثقفين الصادقين لتشريح الوضع في الجزائر ودق ناقوس الخطر، خاصة بعد تأجج ربيع الثورات العربية.
صحيح نحن في الجزائر مررنا بتجربة الارهاب الأعمى، لكن الوضع كان ينبئ بالانفجار في أي لحظة، وكان علينا أن ننبه أولي الأمر إلى ما يجب أن يكون، واتخاذ اجراءات وقائية حتى لا نعود الى نقطة البداية.
تضمنت الرسالة أكثر من سبعين اقتراحا للمساهمة في بناء الدولة الجزائرية الجديدة التي يحلم بها الشباب، وبعثنا الرسالة الى رئاسة الجمهورية عبر قنوات رسمية قبل هذا التاريخ، ثم أردنا التأكيد على ما جاء في الرسالة باشراك الرأي العام في قناعاتنا تعبيرا عن كوننا نفكر بصوت مسموع ولسنا نهمس في أذن السلطة، طلبا لودها أو امتيازاتها.
صراحة الاصلاحات التي باشرها رئيس الجمهورية كانت منسجمة الى حد ما مع ما دعت اليه الرسالة، قبل أن تلتف عليها أحزاب السلطة لتفرغها من محتواها وأكثر ما نعيبه على تلك الاصلاحات أنّ من يقودونها جزء من الماضي الذي نريد تغييره، كان الافضل أن تقود الاصلاحات شخصيات حيادية تحظى بمصداقية.

الأهم بالنسبة إلينا ليس ما فعلته السلطة بالرسالة، إنما ما فعلته النخبة والشعب والأحزاب والمجتمع المدني، المهم أنّ الرسالة أصبحت أرضية لكثير من المثقفين والأحزاب الجديدة وفعاليات المجتمع المدني للانطلاق في التفكير حول المستقبل، ودون مبالغة فإنّ معظم فعاليات التغيير الحالية خرجت من معطف الرسالة وهذا شيء ايحابي.

bull;ماذا عن السياسة الثقافية المنتهجة في الجزائر؟ وهل بمقدور المبادرات المستقلة أن تعيد بعض الوهج؟ أم المطلوب انخراطا حقيقيا للدولة في صلب الفعل الثقافي، بعد إنفاق مخصصات خيالية على مهرجانات نظمتها الجزائر على مدار العقد الأخير؟

-السياسة الثقافية في الجزائر غير واضحة المعالم حتى الآن، فهي لا تخرج عن المناسبات والتظاهرات و(الكرنفالات) رغم الأموال المرصودة للثقافة إلاّ أنّ الأمور لا تسير نحو الأحسن.
الوزيرة اجتهدت ولها أجر الاجتهاد كما اجتهد من سبقوها، لكن بصراحة ليس وزير الثقافة من يصنع السياسة الثقافية للبلاد.. هذه السياسة يُفترض أن تتعاون كل أجهزة الدولة على تسطيرها وبرمجتها باشراك المتخصصين والخبراء وفعاليات المجتمع لأنّ هذه السياسة تضع الخطوات الضرورية لبلوغ الأهداف التي تنشدها الدولة.
نحن مع وضع تصور شامل لعشريات قادمة لبناء الإنسان أو المواطن الذي نريده أن يكون مشاركا وصاحب قرار في مجتمعه، له حقوق وواجبات.. للأسف السياسات الثقافية القديمة جعلت من الجزائري مجرد طالب خبز ومسكن، مجرد كائن اتكالي ينتظر معونات الدولة، وهذا جوهر خلافي مع سياسات السلطة رغم أني مع الدولة الجزائرية وفي خدمتها.

bull;أطلقتم مؤخرا جائزة المواطنة لتثمين المبادرات والأفكار والأعمال الإبداعية والسلوكات الحضارية في كل المجالات الفكرية والعلمية والعملية، ما اثر هكذا مبادرة على منظومة الثقافة في الجزائر؟
-جائزة المواطنة هي مبادرة أخرى من المبادرات الفعالة التي قمنا بها، بعد جلسات منتدى المواطنة التي كانت تستضيف في كل جلسة مثقفا يقدم رؤيته لموضوع معين ويُتبع بمناقشة.. كانت تجربة ثرية استحسنها الجميع، لكن يد البيروقراطية امتدت اليها وعرقلتها، لذلك فكرنا في اطلاق سلسلة كتيبات المواطنة وهي بعض المداخلات التي قُدمت في المنتدى أو كنا ننوي تقديمها وفضلنا نشرها لتعميم الفائدة على الجمهور في ربوع الوطن، وسترى السلسلة النور قريبا، وإضافة إلى التجربتين أطلقنا مع بداية السنة جائزة المواطنة دورة 2012 للمواطن الفعّال.
تتزامن الجائزة مع الذكرى الخمسين لاسترجاع السيادة الوطنية وستمنح يوم الخامس تموز/يوليو كرمز لتثمين العمل والابداع والمبادرة .. الآن اللصوص والمرتشين والمختلسين أصبحوا نجوم المجتمع يحتفل بهم الجميع وحتى الاعلام اصبح مروجا لأخبارهم مثل نجوم الفن والرياضة، بينما من يعمل ويبدع ويجتهد ويبادر لا يلتفت إليه أحد ولا يثمن جهده.
وهكذا أصبحنا لا نسمع ولا نقرأ إلا عن الفاسدين واللصوص والمختلسين وكأن الدنيا آلت اليهم، من هذا المنطلق جاءت فكرة تثمين أعمال ومبادرات المواطنين في شتى المجالات، المهم ان تكون المبادرة واقعية ولها تأثير على الجماعة أو المحيط.
حان الوقت لننتقل من ثقافة الدم إلى ثقافة العَرَقْ إلى ثقافة الواجب والابداع والعمل والاجتهاد، بدل التواكل والتفاخر، إنه اعلان عن ميلاد جيل المواطنة الذي يساهم في بناء وطنه بفعالية ومسؤولية.

bull;في مُنجزكم الروائي "سيد الخراب"، برزت عبر سردية جمهورية بني الأغلب والتراكمات التي عجلت بثورة الشيخ الأخجاني، وخيبة دعاوى التعبئة السياسية والدينية، رغبة جامحة في تمرير رسائل/إسقاطات على الواقع اليومي في الجزائر؟ خصوصا مع الذي تعرضتم له أيام اشتغالكم على المخطوط؟
-سيد الخراب هي تجربة قبل أن تكون رواية، فيها القراءة والتحليل والتأمل والحدس، وفيها التاريخي واليومي والغرائبي، هي كل هذا الخليط الذي اجتمع بعد اعادة قراءة ما حدث في الماضي البعيد على ضوء ما حدث في الماضي القريب، وما يحدث في الحاضر لاستشراف ما سيحدث قريبا.
السبب نفسه يؤدي الى النتيجة نفسها، معادلة كيميائية لن تخطئ أبدا، سيد الخراب لم تتنبأ فقط بمأساة بني الأغلب السلالة الحاكمة باسم الله، باسم الشرعية التاريخية.. بل تنبأت أيضا بمن سيحكم بعدها، سلالة تحكم باسم الدين، وهذا ما ينسحب على العرب أيضا، إذ بشرّت "سيد الخراب" بالثورات العربية وخضوع شعوبها إلى سلطة الدين بعد زوال السلطات المغضوب عليها.

bull;ثار جدل كبير مؤخرا على خلفية الاحتفال بخمسينية رحيل الروائي الفرنسي "ألبير كامو" ذي الأصول الجزائرية، فهل تكريم الكاتب الذي رفض استقلال الجزائر، "مهزلة تاريخية" أم "انفتاحا" على إرث الحائز على نوبل للآداب (1957)؟
-السؤال ماهي نية المحتفلين بخمسينية كامو؟ لأنّ لكل محتفل ما نوى، ومادام الكاتب الفرنسي اختار أمه على بقية الشعب الذي يُباد، من الأفضل أن نقرأ له مثلما نقرأ بقية الكتاب، ولا يحق لنا أن نلومه أيضا فهو حر في موقفه، لكن من حقنا أن نلوم من يريد أن يصنع له تمثالا لا يستحقه، بل ذلك واجب أمه التي فضلها على بقية الشعب.

bull;هل باستطاعة الوسائط الالكترونية تنشيط الثقافة في الجزائر والعالم العربي؟
-نعم الوسائط الالكترونية تلعب اليوم دورا هاما في حياة الناس وتساهم في تنشيط الثقافة وطنيا وعربيا لأنها سهّلت التواصل والتفاعل بين المثقفين والصحافيين، وأصبحت ناقلة للأخبار والأفكار والسجالات والمواقف.
بالتالي أصبحت الصحافة المكتوبة اليوم تقليدية و(ستاتيكية) أصابها الجمود والركود، بينما الوسائط الالكترونية تتجدد كل حين، وتتدفق رسائلها وهذه تحسب لها، لذلك تستقطب اهتمام الجميع من أجل تبليغ الرسالة والتأثير في الآخرين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
رسالة
Abdelbaki Fekairi -

كان لي شرف الامضاء في تلك الرسالة دمت الاستاذ كمال

رسالة
Abdelbaki Fekairi -

كان لي شرف الامضاء في تلك الرسالة دمت الاستاذ كمال