ثقافات

جبور الدويهي: السياسة والطائفية هما صلب المشكلة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

محمد الحمامصي من القاهرة: تستعيد رواية "شريد المنازل" للروائي اللبناني جبور الدويهي، والصاعدة ضمن القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية في نسختها الخامسة ـ 2012 ـ أجواء الحرب الأهلية اللبنانية والصراع الطائفي وانعكاساتهما على المواطن اللبناني.
الرواية تعد السادسة في مسيرة الروائي، حيث سبقها "اعتدال الخريف" التي حازت على جائزة أفضل عمل مترجم من جامعة أركنساس في الولايات المتحدة، ترجمت إلى الفرنسية والانكليزية، و"ريّا النهر"، و"عين ورده" التي ترجمت إلى الفرنسية والتركية، و"مطر حزيران" التي اختيرت ضمن اللائحة القصيرة لجائزة "بوكر" للرواية العربية في عامها الأول، وترجمت إلى الفرنسية والإيطالية والألمانية والإنكليزية، وجميع هذه الأعمال صادرة عن دار النهار ببيروت.
الدويهي حائز على إجازة في الأدب الفرنسي من كلية التربية في بيروت، وعلى دكتوراه في الأدب المقارن من جامعة باريس الثالثة "السوربون الجديدة"، ويعمل أستاذا للأدب الفرنسي في الجامعة اللبنانية.

** بداية نود التعرف على المرتكزات الرئيسية التي قامت عليها تجربتك الروائية والمراحل التي قطعتها حتى رواية "شريد المنازل"؟
** بدأت محاولاتي الكتابية، مثل الكثيرين، بضربات صغيرة، تجارب لسيناريوهات خيالية محدودة في الزمان والمكان لا تستدعي الكثير من الشخصيات فأصدرت مجموعة قصص قصيرة بعنوان "الموت بين الأهل نعاس" ثم كما تأتيك الشهيّة وأنت تأكل، رحت أوسّع تدريجاً من إطار وحجم كتاباتي كي أصيغ سرداً أكثر تركيباً وتداخلاً وتنوعاً في الشخصيات والمصائر، فكانت لي ست روايات في ما يقارب الــ 18 عام وكان آخرها في نهاية 2010، "شريد المنازل"، التي وصلت الى القائمة القصيرة في جائزة الرواية العربية (البوكر) بعد وصول سابقتها، "مطر حزيران"، إلى نفس اللائحة قبل أربعة أعوام.

** ترجمت أعمالك إلى العديد من اللغات، كما أنك أستاذ للأدب الفرنسي بالجامعة اللبنانية، وحاصل على الدكتوراه في الأدب المقارن، فضلا عن عملك بالترجمة، ما أثر ذلك أولا على رؤيتك وثانيا على دعمها؟
أحبّ القول بأن أثر الفرنسية في كتابتي العربية هو الذي يعطيها نكهة مميزة. لكن الأمر لا يتوقف على اللغة بل هناك الثقافة الأدبية وخصوصاً الروائية والتي بدأتها بالفرنسية والانكليزية ومنها عدت الى العربية وكتّابها فصرت كأني، وفيما يخصّ النوع الروائي، سلكت الطريق التسلسلي، سرفنتث، بلزاك، فلوبير، دوستويفسكي، نجيب محفوظ، الخ.

** الحرب الأهلية اللبنانية كانت محورا رئيسيا للعديد من الأعمال الروائية والأفلام السينمائية، أنت أيضا عالجتها في أعمال سابقة مثل رواية "مطر حزيران" برأيك ما الإضافة التي شكلتها روايتك "شريد المنازل" وهي تستعيد أجواء الحرب الأهلية اللبنانية بواقعية؟
** لست في موقع قول ما هي الإضافة التي يمكن أن تقدّمها رواية لأدب الحرب. في كل الأحوال، تبدو الحرب اللبنانية، بمعنى النزاعات الأهلية المتناسلة وشبه العبثية مع موكبها الدامي من الدمار المادي والمعنوي، أي ما اصطلح في الغرب على تسميته "اللبننة"، موضوعاً رئيسياً حتى إشعار آخر في أعمال فنية وأدبية مختلفة والسبب في رأيي أننا ولو توقّف صوت الرصاص لفترات ما نزال نعيش "سلماً أهلياً بارداً" على حدّ تعبير عالم الاجتماع وضّاح شراره. ما حاولت تصويره هو أن للعنف منطق خاص يتجاوز اللعبة السياسية ويتغذى من صيرورته، خلافاً للقناعة الرهيبة التي يمارسها البعض بأن العنف شكل من أشكال العمل السياسي بل أحياناً النمط شبه الوحيد.

** هذا الشريد المأزوم الفوضوي جراء الصراع الطائفي الذي يأكل المجتمع جاء بلا هوية في سياق انهزامي، ماذا أردت أن تقول؟ هل أردت القول بأن لا أمل؟
** لم أسعى الى ايصال رسالة محددة بل الى استكشاف أشكال وأحوال انعكاس العنف الأهلي على نماذج من الشخصيات قد تمثّل فئات متنوعة من المجتمع اللبناني.

** شخصيات الرواية هل خلقتهم الرواية، أم هم من خلق أحداثها وفضاءاتها؟
** انطلقت فكرة الرواية من حالة واقعية تدور حول شاب ولد من عائلة مسلمة وتربّى لدى عائلة مسيحية في ظروف خاصة وما جعلني استرجع قصته طبع ورقتَي نعي له عند وفاته المبكرة، واحدة إسلامية والأخرى مسيحية وإقامة الصلاة عليه لدى "أقاربه" من الجانبين. كانت هذه شرارة الكتابة لكن مسار الرواية وسيرة الأمكنة مثل العاصمة بيروت فرض عليّ إدخال شخصيات متخيّلة تكمل المسار الدرامي وتنوّع النماذج البشرية.

** تشكل ثنائية الدين والسياسة محورا أساسيا في الصراع الطائفي هل تحملهما المسئولية؟
** السياسة والطائفية هما صلب المشكلة، فلبنان مجتمع ودولة على درجة من الدقّة والهشاشة بحيث لا يحتملان موجات النفوذ الخارجي المتوالية عليهما منذ عقود من الزمن. ويأتي الاصطفاف عموماً على شكل انقسامات طائفية في ظاهرها لا ترقى الى مسألة الدين في شيء بل الى استخدامه في لعبة اقليمية ومحلية لا تقيم وزناً لمخزن الخزف فتكسّره ما الدبّ في الحكاية في الوقت الذي نحتاج فيه الى عناية ورعاية وتوافق ودولة قانون لا تلغي الجماعات ولا تسلّطها على الدولة والتوازن صعب ولا مفرّ من السعي اليه في الوقت نفسه. شيء من صخرة سيزيف.

** كيف ترى للمشهد الروائي اللبناني؟ ولماذا برأيك لم تخل رواية صدرت خلال السنوات الماضية من إشارة للحرب الأهلية أو الصراع الطائفي أو علاقة الدين بالسياسية؟
** النوع الروائي في لبنان مزدهر وعلى نوعية عالية. فهنا مجموعة من الكتّاب باتت تصدر أعمالها بشكل دوري وتلقى صدى طيباً في افة أرجاء العالم العربي كما تترجم الى مختلف اللغات في الغرب. أما السبب في حضور الحرب الأهلية فهو برأيي محاولة البحث عن معنى، ايجاد قوام لما تداعى وتفكك أمام أعيننا، اللهاث وراء تشظّي الهويات وتناحرها في حيّز صغير لكنه يكتنز تناقضات قد تثير اهتمام القراء في أنحاء كثيرة من عالم اليوم الذي يواجه مسألة الهويات المتناحرة هذه على أكثر من صعيد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف