ثقافات

تطوير منظومة حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة في تونس

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

محمد بن رجب من تونس: مثلت حقوق التأليف والتشريعات المنظمة لها محور اليوم الدراسي حول "تطوير منظومة حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة في تونس" الذي تضمن عديد المداخلات ومنها "التصرف الجماعي في حقوق المؤلف والحقوق المجاورة: الاشكاليات وسبل الاصلاح" و"المؤسسة التونسية لحماية حقوق المؤلفين" و"التصرف الجماعي في حقوق المؤلف والحقوق المجاورة" و"المجتمع المدني وحماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة" و"المؤسسة التونسية لحماية حقوق المؤلفين" و"حماية المصنفات السمعية البصرية" و"حماية التعبيرات الثقافية التقليدية".
مداخلات كانت عبارة عن مقاربات لواقع يعيشه مبدعون لا حقّ لهم في ما ينتجونه، وشفعت بنقاش مستفيض طالب من خلاله الحاضرون على بضرورة سن تشريعات وقوانين تضمن حقوق المؤلف وتحميه من التجاوزات نتيجة ضبابية التشريع والممارسة.
وتمثل المنظمة القانونية للملكية الأدبية والفنية محددا لمستوى التقدم الذي أحرزته المنظومة الثقافية وما هي المراحل التي يجب قطعها حتى تحقيق كامل الحقوق التي تمثل الضمانة الكبرى لحقوق المبدعين من مؤلفين وفنانين وممثلين وأدباء وغيرهم. فهذه الحقوق هي في الواقع في جوهر حقوق الإنسان التي أقرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من خلال المادة السابعة والعشرين حيث الحق في حماية المصالح الأدبية والمالية المترتبة عن إنتاجه العلمي أو الأدبي أو الفني.
وفي تونس تمت المصادقة على مشروع قانون يكمل القانون عدد 36 لسنة 1994 والمتعلق بالملكية الأدبية والفنية بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للثقافة عام 2006.
وفي هذا القانون لسنة 1994 تم التعرض للحقوق المجاوة التي أتت بها اتفاقية روما لعام 1961 من أجل حماية فناني الأداء ومنتجي التسجيلات الصوتية والهيئات الإذاعية والحقوق المجاورة هي "لحقوق المستندة إلى الحقوق الأصلية في مجال حق التأليف وتشمل المؤديين أو فناني الأداء ومنتجي التسجيلات الصوتية وهيئات الأداء والتلفزيون".
وعلى المستوى الدولي تبين الإتفاقية الدولية لحماية المصنفات الأدبية والفنية "برن"(BERN) والتي تم تعديلها أكثر من مرة وآخرها في باريس في سبتمبر 1979 وهي لتنظيم حقوق المؤلف والحقوق المجاورة وتشمل "المصنفات الأدبية والفنية" كل الإنتاجات الأدبية والعلمية والفنية.
مختلف التدخلات في هذا اليوم الدراسي حول حماية حقوق التأليف أفضت إلى صياغة توصيات تمثلت أساسا في نقاط عديدة تركزت أساسا حول أهمية صياغة إستراتيجية وطنية ثقافية وتنموية هدفها تطوير منظومة حقوق المؤلف والحقوق المجاورة والتصرف فيها وذلك من خلال تشريك كل الهياكل والمؤسسات العمومية والخاصة بما في ذلك الجمعيات والمنظمات المهنية والمؤسسات الإعلامية.
التوصيات أكدت كذلك على العمل على تكريس حقوق الملكية الفكرية في الدستور التونسي وإحداث مرصد وطني للملكية الأدبية والفنية صلب وزارة الثقافة لمتابعة التجاوزات في المجال بمشاركة ممثلين عن المؤسسات والهياكل المعنية إلى جانب مراجعة تنظيم المؤسسة التونسية لحماية حقوق المؤلفين وتفعيل دورها.
التوصيات أكدت على ضرورة تعزيز الموارد البشرية والإمكانات المادية الموضوعة على ذمتها ودعم مجهود المؤسسة التونسية لحماية حقوق المؤلفين في مجال الاستخلاصات لدى كل المستغلين للمصنفات المحمية إلى جانب وضع برنامج عمل تحسيسي وتوعوي لنشر ثقافة احترام حقوق الملكية الأدبية والفنية.
إعداد أدلة إجراءات خاصة بحماية هذه الحقوق والتصرف فيها والتأكيد على دور المؤسسات الإذاعية والتلفزية في حفز الإنتاج الثقافي الوطني ونشره من خلال تخصيص مساحات بث هامة لها وإعداد خطة عمل لتفعيل القوانين المتعلقة بحماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة بالتعاون والتنسيق مع الوزارات والهياكل المعنية مع العمل على إحداث مراكز للتراث غير المادي والمعارف التقليدية وإعداد قواعد بيانات لهذا الرصيد التراثي الثقافي الهام وتفعيل صندوق التشجيع على الإبداع الأدبي والفني وإحداث لجنة لمتابعة تنفيذ التوصيات المنبثقة عن هذا اليوم الدراسي وهو ما تم فعلا في صلب وزارة الثقافة وتحدث عنه مدير الشؤون القانونية بوزارة الثقافة يوسف بن ابراهيم.
الأديب الهادي العثماني وفي إفادة لـ"إيلاف" تحدث أهمية المرحلة الإنتقالية في تصحيح المسار:" تمرّ بلادنا اليوم بمرحلة مفصلية وحسّاسة من تاريخها، وتتوقّف عند محطّة خطيرة في ظروف دقيقة، هي وقفة إعادة نظر، وتأمل وتقييم، للخروج من تبعات الماضي وسلبياته - وما أكثرها- وحيال هذا الوضع الجديد، فإنّه لابدّ من التّفكير الجّاد والمسؤول، لوضع الأسس القويمة الضّامنة لمستقبل متين الدّعامات، يُؤمّن أكثر ما يمكن من أسباب النّجاح للمرحلة القادمة، ولن يكون ذلك حتما إلاّ بالانطلاقة الصّائبة في الطّريق الصّحيح. لقد حان الوقت، وأوشك أن يجوز... ".
و يواصل الأديب العثماني متحدثا عن مظاهر الإقصاء والتهميش وخنق لحريّة الإبداع:" في هذه المرحلة يالذّات، والهيئة المشرفة على كتابة الدّستور الجديد منكبّة على صياغة بنوده، نذكّر بضرورة الانتباه إلى دور المثقّف والمبدع وتأثيره في كلّ ما حصل وما يحصل وانعكاس ذلك على ما به تقوم البلاد بعد انتكاستها، ويكون من الأجدى أن نؤكّد على أنّ ما تعرّض له المبدع عموما والكاتب خصوصا من مظاهر الإقصاء والتهميش وخنق لحريّة الإبداع، ومحاولات احتواء أو إلغاء في ما مضى، وكانت ضريبته باهظة بالنّسبة للجميع وفي مختلف المجالات. لذا، فإنّه من أوكد الواجبات اليوم، أخذ هذا الموضوع بعين الاعتبار قبل فوات الأوان، وهذا لا يتأتّى إلاّ بالتّمثّل الصّحيح لوظيفة المثقّفين والمبدعين، وتقدير الفكر، واحترام المعرفة، وذلك بإدراج فصول خاصّة به في الدّستور الجديد، واضحة وصريحة تخصّ حقوق المبدع وتلبّي طموحاته وتطلّعاته، وتحمي إنتاجه من الصّنصرة والسّمسرة، والقرصنة، أو الامتهان والتّهميش، أو الاستغلال والاستقطاب أو العرقلة والإحباط على غرار ما حدث في ما مضى ممّا أدّى بالبلاد إلى هذا الرّاهن.. ".
وعن سبل سنّ القوانين الخاصة بحماية حقوق المبدعين قال العثماني:" في هذا الخصوص نُشير إلى ضرورة مشورة أهل الميدان من المؤلّفين ومثقّفين في مختلف المجالات، لتحديد أبرز العناصر وأدقّها في صياغة القوانين الخاصّة بذلك، ونركّز بكلّ تأكيد على قضيّة حقوق المؤلّفين ومسألة نشر الكتاب وتوزيعه، وإبلاء العناية الخاصّة، الكافية بالمبدعين والحرص على ضمان تمثيليتهم ضمن هياكل فاعلة في المؤسّسة الثّقافية، لمزيد تفعيل دورهم وتوفير أسباب ومناخات الفعل الإبداعي لديهم.".
وأكد على أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه المؤسسات العمومية الخاصة بالنشر والتوزيع:" لابدّ من إعادة دور هذه المؤسّسات في مجال النّشر والتّوزيع، ومزيد النّظر في مسألة دعم وزارة الثّقافة ومدى تشجيعها للصّادرات الجديدة من الكتب بواقعية تليق بالمجهود الفكري للمبدع بما يتلاءم وإمكانياته وطموحاته، وإعادة هيكلة لجنة الشّراءات في إدارة الآداب والسّعي إلى التّرفيع في كيفيّة المقتنيات حتّى يلامس ذلك أكثر ما يمكن من الكتب المنشورة.".
الأديب الهادي العثماني أشار إلى أهمية التنصيص على الدور الطلائعي للإتحاد الوطني للكتاب التونسيين واستقلاليته:" يجب التّنصيص على أهمية الدور الذي يلعبه الإتّحاد والخروج به من المتاهات السّياسة وتطهيره من الو لاءات والانتماءات، والإحاطة به ماديّا ومعنويا، وتثمين المدوّنة الأدبية والفكرية التونسية، ومدّ جسور التّواصل بينها وبين الجامعة التونسية والعربية، والاهتمام بما جدّ من بحوث ودراسات، واستثمار ذلك وإدراجه في البرامج المدرسيّة في مختلف المراحل التّعليمية، في ما يخصّ النّصوص الأدبية نثرا وشعرا..".
خلال اللقاء الإعلامي الدوري بقصر الحكومة بالقصبة تحدث عبد اللطيف مرابط المكلف بمهمة التراث بوزارة الثقافة عن تطوير التشريعات الخاصة بحماية حقوق التأليف مؤكدا على أن وزارة الثقافة ساعية إلى العمل بجدية من أجل تفعيل دور المؤسسات وخاصة وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية.
ومن أجل تطوير القانون الأساسي للمعهد الوطني للتراث أوضح أنّ الوزارة تعمل على تطوير التشريعات الخاصة من خلال إعداد استراتيجية شاملة تضمن لا مركزيته.
وزارة الثقافة عملت كذلك على بعث هيكل إداري جديد يتمثل في "الإدارة العامة للتراث " تعمل على متابعة ومراقبة مشاكل قطاع التراث.
عبد اللطيف مرابط أشار إلى ضرورة حماية القطع الأثرية من خلال أعمال السرقة والتشويه والهدم والبناء فوق أراض مصنفة تراثية وأكد على وزارة الثقافة تتدخل في صورة حصول انتهاكات ولكنه بين أنّ مصالح الوزارة منكبة على إعداد قانون خاص بالمتاحف بسنّ قوانين تحمي التراث من الإندثار.
أما يوسف بن ابراهيم مدير الشؤون القانونية بوزارة الثقافة فقد أكد على ضرورة تطوير التشريعات الخاصة بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة التي تعاني من عديد الإشكاليات والنقائص وهي لا ترتقي إلى ما يطمح إليه المؤلفون والمبدعون عموما.
و أضاف أن وزارة الثقافة ستعمل على تنفيذ التوصيات الخاصة المنبثقة عن اليوم الدراسي حول حماية حقوق التأليف من خلال لجنة خاصة تتابع هذه التوصيات وتعمل على تحويلها إلى قوانين تحمي المبدعين.
و قد دعا يوسف بن ابراهيم إلى العمل من أجل ترسيخ ثقافة حماية حقوق المؤلف مؤكدا في ذات الوقت على إحداث مرصد لمراقبة التجاوزات المسجلة في مجال الملكية الأدبية والفنية والنظر في الآليات التي تعمل على تسيير صندوق التشجيع على الإبداع الأدبي والفني إلى جانب إعداد خطة عمل لتفعيل تشريعات تضمن حقوق المؤلف.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف