ثقافات

حسن ناصر: ثلاث قصائد

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بطانيات بخضرة العشب مقلمة بخطوط فاتحة

في الجيش كانت بطانياتنا ممتلكاتٍ ثمينةً؛
في قاعات معسكرات التدريب، ردهات المستشفيات العسكرية،
عنابر النوم في الخطوط الخلفية،
وفي كل الملاجئ والمواضع والسواتر والمكامن ..
بطانيات خضراء لها لون عشب في ربيع
تزينها خطوط فاتحة .. كانت تنتظرنا.
مصانع بعيدة سرقت الألوان والمعادن والصوف
من الطبيعة وزودتنا بالرصاص والأغطية
......................
بطانيات موحدة شاركتنا الرحلة
صارت لبعضنا أكفانا
وبعضنا الآخر ما يزال يحتفظ بها
ربما تراها الآن مفروشة
تحت بائعة مسكينة في شارع عراقي
ربما ترى قطعة منها ملقاةً عند عتبة باب
أو ترفرف أعلى شاحنات الطابوق والحصى
جيل منها ولا شك تفسَّخ الآن
مع رفاقنا في باطن الأرض
ربما تراها في فيلم وثائقي
عن الحرب العراقية - الايرانية
أو عن طريق الموت شمال الكويت
مرمية في الصحراء قرب جثة
رأيتها أنا أمس ..تذكرت
في ليالي الحرب
كانت أناملي
تتلمّس النعومة الوحيدة
المتوفرة في الملجأ
حافات بطانيتي المغلفة بالساتان

صبية تنسى أنها مدينة

في ميسان
رطب الخيال
وحقل الأساطير
وملعب الماء
كان العالم أبهى
وكنا صبية نسوا الزمن
أو علقوه
في سينما الخيّام
كانت العربات رقيقةً
والأسيجة قابلة للعبور
ودجلة من أهل البيت
الأصدقاء يشعون مرحا
والعسس يقطفون الرطب
في البساتين
كانت النساء أجمل
وكان الرجال فرسانا عاشقين
في ميسان
كانت المدينة تغفل تاريخها
تدفن كآبتها
وتخبز الرغيف
فيها
أبناء خجولون
مشاغبون
يشغلون أمهم
عن منصب المدينة

كلب الونبي

في الونبي
كنت طفلا
أقود دراجة بثلاث عجلات
ببدلة ٍ من القطيفة
رمّانيّة داكنة
على صدري علامة مرساة
كان الكلب ورائي
أقود دراجتي
غير بعيد عن دار مندثرة
حيث عاش الأصمعي يوما
.......
أبي يقود السيارات
في شركة النفط البريطانية
-لذا كنا نسكن في الــ 1B -
وأمي تعاني من مغامراته
أختي الصغرى
تلهو أسفل السلم
ولا تستطيع صعوده
أخوتي خارج البيت
في الونبي الرمّاني الداكن
على صدري مرساة
وورائي كلب
أبحر في الآزقة
..........
بعد نصف قرن
أشعر بأني لم اعد الى البيت
أعرف أن اختي الصغرى ماتت
قبل أن تتسلق السلم
وأن مغامرات أبي انتهت
وأمي راحت
واندثر كلُّ شيء
بعد نصف قرن
ما زالت ألهث وكلب الونبي ورائي


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف