ثقافات

فيلم "جنة علي" لفيولا شفيق: رؤية سينمائية تكشف العنصرية!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

صلاح سليمان من ميونيخ: التقت " ايلاف" المخرجة وخبيرة السينما المصرية الألمانية "فيولا شفيق" علي هامش عرض فيلمها جنة علي في مهرجان ميونيخ للأفلام الوثائقية 2012 في ميونيخ.
فيولا شفيق هي ايضا كاتبة سينمائية درست الفن والسينما ودراسات الشرق الأوسط في ألمانيا، قامت بتدريس السينما وفن الفيلم والفيلم الوثائقي ومن ثم تاريخ السينما العربية في الجامعة الأمريكية في القاهرة بين عامي 1998 و2005، وهي عضو في عدة لجان تحكيم لمهرجانات الأفلام العالمية.
عرض لها في ميونيخ مؤخراً فيلم "جنة علي" وهو فيلم وثائقي مهم للغاية، لآنه يبحث في العلاقة الشائكة بين ثقافة الغرب والشرق من خلال العلاقة التي ربطت بين المخرج السينمائي الألماني" راينر فيرنر فاسبندر" الذي كان له مكانة مرموقة في فضاء الفن الألماني وزاع صيته في أنحاء العالم كله، والممثل المغربي الهادي بن سالم بطل فيلم " الخوف يلتهم الروح" الذي أخرجه فاسبندر نفسه، حيث تدور أحداثة في أعوام السبعينيات في ألمانيا حول علاقة مستحيلة بين سيدة ألمانية مسنة وشاب مغربي من العمالة المهاجرة آنذاك في المانيا.
علي هذاالنمط جاء فيلم "جنة علي" بمثابة دافع بسيط جديد لمناهضة العنصرية والاضطهاد الاجتماعي في ذلك الوقت في ألمانيا، والذي مثلته تلك العلاقة الدراماتيكية التي تشابكت فيها كل المتناقضات الأخلاقية والاجتماعية مما جعل الفيلم ثرياً بالعديد من المعاني الاجتماعية والفوارق الثقافية والنزعة العنصرية، في هذا السياق تقول فيولا شفيق "لإيلاف" إن الفيلم ليس فيلما للسيرة الذاتية بل يمكن القول بانه مضاد بالفعل للسيرة الذاتية، ولا يعني تركيزه علي الأشخاص أن يأخذ هذا المفهوم علي الإطلاق، بل إن الفيلم يفكك الشخصيات ويحللها فهو يفكك شخصية الهادي بن سالم ويطرح الرؤية المختلفة حوله من خلال الوسط الذي كان يتعامل معه ويعيش فيه، فالجميع عندهم رؤية مختلفة، وهنا تكمن خطورة العنصرية التي تبدأ من خلق صورة لشخص ما! دون أن تكون هي الصورة التي يفترض أنها تعكس الحقيقة، لهذا حرص الفيلم علي تسجيل آراء كل الذين كانوا يحيطون بالهادي بن سالم ومحاولة كشف ماذا كان يدور في ذهنه؟، وأين كانت تكمن مخاوفه؟، وفي هذا السياق خلصت المخرجة الي أن آراء الذين رافقوا مسيرة الهادي بن سالم في ألمانيا عكست بشكل ما علاقة الألمان بالآخر خاصة وان أحدا لم يحاول أن يعرف أو يفهم هذا الرجل وكيف كان يفكر؟
عن الفكرة وبداية عمل الفيلم تقول "فيولا شفيق" أنا باحثة في مجال وتاريخ السينما وقد قرأت بالصدفة بحثا عن أفلام فاسبندر لكاتبة أمريكية تطرقت فيه لتلك العلاقة التي ربطت الممثل محمد الهادي بن سالم بفاسبندر، وركز البحث علي تراجيديا العلاقة التي انتهت بانتحار بن سالم ، ولآنني مهتمة أصلا بعلاقة الشرق بالغرب فإن ذلك آثار فضولي كثيرا وبحثت في الأمر فلم أجد معلومات موثقة عن موت بن سالم وكان هناك تضارب كبير في الآراء حول انتحاره ،والوثائق التي وجدتها عن فاسبندر كانت تكشف عن تضارب وان كل شئ يلفه الغموض خاصة وان الهادي بن سالم كان بطل فيلم الخوف يأكل الروح احد اهم الأفلام التي كانت تناهض العنصرية في السبعينات، ثم تستطرد قائلة استطعت الحصول علي فرصة دعم من اجل انتاج الفيلم ولكن الشركة التي تملك كل حقوق فاسبندر لم تعطي لي الفرصة ارؤية انتاجه او التحقق من وثائقه، ولكن من جهتي كان هناك اصرار علي كشف تلك القضية الشائكة، ووصلت الي كل أصحاب فاسبندر، وذهبت الي السجن الذي مات فيه ين سالم في " نيم " في فرنسا ، وقرأت ملفه وكان ذلك مغامرة كبيرة، إذ أنني عن طريق محامي كان فاسبندر وكله للدفاع عن ابن الهادي بن سالم الذي كان يقيم في ألمانيا دون أوراق استطعت الوصول الي القاضي الذي حاكمه في فرنسا وعن طريق ابن الهادي بن سالم نفسهوصلت الي الأسرة الموزعة بين المغرب والجزائر وهنا حدث الترابط واصبح سيناريو الفيلم كاملا وحصلت علي اصل القصة كاملة.
تقول فيولا شفيق ان الفيلم يعكس صورة خاصة لشخصية خاصة، فالثقافة العنصرية تخلق اشكالاً كثيرة من فكر الآخر، وفق النظريات ..مثلا عندما تقول عن الأخر انه وديع وجميل فإن هذا نوع من تشكيل الآخر وهناك أنماط مختلفة من العنصرية وهي في كل مكان وزمان ـ خاصة عندما تكون الثقافة في حالة حصار أي عندما تكون ضعيف ومحاصر، وهذا بالضبط ما حدث للمجتمع الآلماني الذي كان في حالة حصار بعد الحرب لفشل المشروع الفاشي ..المجتمع كان في حالة فشل لآن مشروعه فشل بضريبة دم عالية والجيل الذي جاء بعد ذلك كان عليه دور كبير، كذلك فإن العنصرية في جيل السبعينات مختلفة عن جيل اليوم، استطيع أن أقول انه في السبعينات والثمانينات تم عمل شغل ضخم لإعادة تأويل الفاشية حيث كانت العنصرية التي تواجه بن الهادي مختلفة عن عنصرية هذه الأيام واستطيع أن أقول هنا إن فهم البشر يتشكل حسب الاختلاف وفي الثقافة نرتكب خطأ عندما نقول أن هذا ابيض وذاك اسود فلابد أن يكون هناك استعداد للمرونة في تقبل الآخر.
تضيف قائلة العنصرية تظهر خاصة في المجتمعات التي حققت نسبة كبيرة من الرخاء ثم أن فكرة الغرب المتقدم والشرق المتخلف هي فكرة رجعية صنعها الاستعمار فأوروبا الحديثة كان توجهها دائما هو توجه استعماري من اجل استغلال موارد العالم لتنمية أوروبا ،أي السياسة الاقتصادية هي التي خلقت العنصرية التي تكرس للمشروع الاستعماري الذي بدأ قبل 330 سنة ولا نستطيع ان نقول إن ذلك المشروع انتهي بل هو مستمر وهناك تيارات متطرفة مازالت تغذي هذا النوع من العنصرية حتي الآن لأنه ببساطة يخدم مشروعها الاستعماري.
لكن لا يمكن أن ننهي الحوار دون التطرق الي أحداث ثورة مصر وعن ذلك تقول السيدة شفيق عندي فكرة مشروع عن الإحباط الذي يحدث للثوار بعد الثورات وكيفية المخرج من ذلك وسوف اصورفيلمي في مناطق مختلفة من مصرـ بصورة عامة استطيع أن أقول إن كل الأفلام الوثائقية التي تم إخراجها عن الثورة المصرية هي أفلام ربورتاجية وليست تحليلية وأمامنا وقت طويل حتي نقوم بتسجيل نتائج الثورة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف