ثقافات

جديد الجنابي: "انحتْني في الضوء لكي لا تصاب لغتي بالدوار"

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تهاني فجر - الكويت: "أولئك الذين لكلمتهم شكل الموت/ الذين اعتمدوا كمشرعي العالم/ ومنحوا الإرادة لكي يدركوا متع الاستلام/ آه ما أعظمهم تحت نور المصابيح/ وما أصغرهم في عين الذكرى"، ثمّة اختيار لغوي واضح يعتمد على الإيماء والإيحاء والرمز وتورية المعنى يوازيه دعوة صريحة لقارئ قادر على البحث ومناورة النص ومفاوضته في ديوان "انحتني في الضوء لكي لا تصاب لغتي بالدوار" (دار الغاوون) للشاعر عبد القادر الجنابي، بل يمنحه دوراً في إنتاج المعنى باعتبار الشعر وضمن إطاره الجمالي الشكلي شكلاً من أشكال الحقيقة التي تخبر عنها العلوم الأخرى والتي ترتبط بالشعر ارتباطاً وثيقاً كالفلسفة والتاريخ.
نص الجنابي في هذا الكتاب يحتاج إلى خلفية معرفية ذات ثقل ثقافي واسع، تستطيع من خلاله كشف الاحتمالات المفتوحة للنّص، خاصة وأن الشاعر يتكئ فيه كما في كتاباته النقدية على المعنى الكامن خلف النص أي على الدّلالة المستندة الى النّص لا على المعنى المستند الى الإشارات، وهو هنا يعطي قرَّاءه فرصة الإنصات الى بنية النص الخفية، النص الذي لا يجتازه القارئ للوهلة الأولى فهو أداة شعرية ترتكز على الوعي الذي يقدّمه الشاعر لنصّه الذي يكتنز دلالات قصدية دقيقة.
وبالعودة إلى عنوان الكتاب الذي احتوى على عنوان رئيسي "انحتني في الضوء لكي لا تصاب لغتي بالدوار" وآخر فرعي "قصائد جديدة، بشكل قاطع"، نرى أن الجنابي مشغول بالقارئ منذ البداية من خلال دفعه إلى القصد الكلي الذي يريده من نصّه حيث ينطوي - بتعبير رولان بارت الأدق - "على مفهوم إرسائي يقترح نوعية القراءة المفضلة للنّص".
لغة الجنّابي الشعرية في هذا الكتاب هي لغة حوارية مفتوحة على الفلسفة وتتقاطع مع النظريات الفكرية خاصّة وأنّه يقدّم للناقد والقارئ مفهوم "الاختطاف ويبيّن اختلافه عن مفهوم التناص الذي ضيّع عند الكثيرين الحقوق الأدبية والفكرية لعدم تمييز ما اقتُطف من تناص وأصبح بذلك "تلاص" كما يقول عدنان الصائغ دائماً، لذلك نجد من خلال الاختطاف نصوصاً مهاجرة ومرتحلة في نصوص أخرى سابقة فيها من المرونة ما يكشف البعد التداولي القائم على تعدّد المظاهر الأسلوبية، وهي في أماكن أخرى تفرض سلطة التشكيل الفني والجمالي والايقاعي على عملية الاختطاف عبر لغة يصعب أن تسلّم نفسها بسهولة لقارئ عابر أو حتى ناقد سطحي، لكنها في النهاية ليست مستحيلة. "من الآن وصاعداً: خوذ وهضبة من الأحلام/ ليل مصاب بضربة شمس".
في نهاية الكتاب يمكن أن يضع الناقد سؤالاً مهمّاً مفاده: هل يستطيع الشاعر أن يخلق قارئاً متمكّناً "نموذجياً" أو حتى أن يضمن مستوى عالٍ من المتلقي؟
يستطيع أي ناقد كان طرح مثل هذا السؤال، لكن اعتقادي أن الجنّابي نجح في خلق ذلك القارئ، واعتقادي أن كل الكتابات عليها أن تقفز إلى مثل هذا النّوع من الكتابة الذّكية والحرفية على حدّ سواء.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
إضافةمهمة للشعر
محمد جميل أحمد -

كم هو مهم أن يعود الشاعر عبد القادر الجنابي إلى الشعر من جديد بذلك العنوان المثير للتأمل ، بعد كتابيه (قصيدة النثر ، والأنطلوجيا البيانية) . التحية للشاعر الكبير وهو يخوض فصلا جديدا في الكتابة الشعرية .

قراءة خلاّقة
جواد غلوم -

ارى في شعر الاستاذ الجنابي علوّا قد لايطاله القاريء العابر المتكيء على وسادته مسترخيا في فراشه لانه يشحذ العقل والقلب ويجعلك تنتفض هلعا لالصعوبة معناه بل لغزارة وكثافة دلالاته حقا انه يريد مثقفا واعيا واسع الافق ليمتع نفسه وينهل من رؤى الشاعر البعيدة الغورعسى ان نظفر بهذا الديوان في بغداد بسبب شحة دار الغاوون وقلة مايرد الينا من منشوراتها

مبروك
علي ابو خطاب -

شكرا لك ايها الجنابي ما تتحفنا به

عوده
فلاح الشابندر -

الجنابى الرائع عودة الى ذهبية الستينيات الف مبروك سيدى