فنانون مكفوفون ينتصرون على الظلام بالموسيقى
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
إعداد عبدالاله مجيد: كانت فرشته خسروجردي التي نشأت في شمال ايران تحب ان تغني. وكان كل من يسمع صوتها في الطريق يحضنها ويقبلها على رأسها ويقول لها انها صاحبة صوت جميل. كان هذا موقف الجميع باستثناء والديها اللذين هدداها بصب البنزين عليها وحرقها إذا ضبطاها تغني في الشارع. وقالت خسروجردي لصحيفة الغارديان "ان من الصعوبة بمكان ان يولد الانسان بنتا ، وكارثة ان يولد بنتا وعمياء ايضا".
كان والدا خسروجردي يعتقدان ان عمى ابنتهما قصاص رباني. وكانا يضربانها واجبراها على الزواج من رجل لديه زوجتان رغم ان الأربعة، بعد زواجها القسري منه، لم يكونوا يعيشون في منزل واحد. وتتذكر خسروجردي انها كانت تعيسة وكلما شعرت بالاكتئاب كانت تغني ولكنها كانت على اقتناع بأن الغناء في العلن مستحيل.
قدمت خسروجردي التي هربت من ايران واستقرت في بريطانيا قبل خسم سنوات وصلات غنائية امام الجمهور مع "اوركسترا الرؤية الداخلية" المؤلفة من مغنين وعازفين مكفوفين من جنسيات مختلفة خلال جولة الفرقة في بريطانيا.
وشُكلت الاوركسترا بمبادرة من الموسيقي الهندي المكفوف بالوجي شريفاستاف الذي يعزف على آلة السيتار. وتضم الاوركسترا 14 عازفا
وقدمت الاوركسترا احدى حفلاتها في مطعم في لندن يتناول رواده وجباتهم في الظلام ويقوم على خدمتهم نادلون مكفوفون بينهم الياباني تاكاشي كيكوتشي الذي يعزف على آلة الفيولا في الاوركسترا.
وقال شريفاستاف لصحيفة الغارديان انه فقد بصره بعد ثمانية اشهر على اعطائه دواء شعبيا لعلاج التهاب في عينيه. وروى شريفاستاف ان عائلته كانت تعيش في قرية وان والدته التي انجبته بعد تزويجها مراهقة لم تدرك ما حدث لابنها عندما رفعت الضمادات عن عينيه. واضاف "ان القذارة التي رمتها أمي هي كل ما بقي من عيني". وحدث ذلك عندما تبرعت جارة قائلة انها تستطيع ان تعالج الالتهاب ولكن الدواء السام الذي اعدته احرق اعصابه البصرية واصابه بالعمى.
شريفاستالف لا يضمر اي حقد على الجارة وعندما التقاها مؤخرا لامس قدميها تعبيرا عن الاحترام. وقال "ان عماي هو الذي أوصلني الى ما انا عليه. ولولا عماي لكنت الآن كاتبا في الهند ولكن العمى قادني الى آلة السيتار ودلني الى الموسيقى".
يعود اعضاء اوركسترا الرؤية الداخلية في اصولهم الى الهند وايران واليابان ونيجيريا ولبنان ولكنهم جميعهم يقيمون في بريطانيا. وكانت احدى الأغاني التي قدموها في المطعم اللندني المظلم من اداء النيجيرية فكتوريا ارونواري وتقول في مطلعها "الحب أعمى/ما عليك إلا ان تلامسني ولا تخف من الظلام".
قالت ارونواري التي فقدت بصرها في سن السادسة "ان الغناء هو نور عيني وان حبي للألوان انتقل الى الموسيقى". واضافت "عندما أُغني أشعر وكأن احدهم أشعل الأنوار".
فرشته خسرودلاردي ايضا عاشت تحولا عميقا منذ عملها في الفرقة. وقالت انها كانت انطوائية ومحجبة ولكنها بدأت مؤخرا تضع زهورا في شعرها. وقالت "عندما أُغني اتذكر غنائي في الصغر ولكني الآن أُقرر ماذا ألبس ولا أحد يتحكم بي".
أُنشئت اوركسترا الرؤية الداخلية لمنح اعضائها فرصة تحقيق ذواتهم ونيل احترام المجتمع لهم كفنانين وتعزيز ثقة الموسيقيين الذين لم يعزفوا امام جمهور من قبل.