ثقافات

باحث جزائري يشكك في تأسيس زرياب للموسيقى المغاربية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

كامل الشيرازي: في مقاربة أكاديمية لتاريخانية الموسيقى الكلاسيكية المغاربية، شكّك الباحث الفني الجزائري "عبد المليك مرواني" في الحقيقة السائدة تاريخيا والقائلة بكون الموسيقار الشهير زرياب المكنّى "الشحرور الأسود" (789 - 853 م) هو من وضع قواعد الموسيقى المغاربية، ورأى أستاذ الموسيقى بحاضرة قسنطينة (400 كلم شرقي الجزائر) أنّ أسطورة زرياب محض خيال صوفي.
الجزائر: في كتابه الصادر حديثا "زرياب والموسيقى العربية ما بين الأسطورة والحقيقة" (173 صفحة)، شكّك "عبد المليك مرواني" الباحث في الموسيقى العراقية في أن يكون "أبو حسن علي بن نافع "الملقب بزرياب مؤسس الموسيقى الكلاسيكية المغاربية وواضع قواعد نوبات غناء هذا الفن العريق الذي ظهر بالأندلس.
واعتبر مرواني الذي يعمل أستاذا بمعهد الموسيقى، أنّ البحوث التي قسّمها إلى خمسة فصول، توصل من خلالها إلى كون ما رسخ في المخيال العام عن زرياب لم تكن سوى من نسج الخيال الصوفي"، وبمنظور الباحث، فإنّ الأبحاث التي أجريت حول "شهرة" زرياب كشفت عن "عديد الثغرات" و"المفارقات التاريخية المناقضة للمعلومات الموجودة هنا وهناك حول الشحرور الأسود، معطيا انطباعا قويا بانتفاء صحة ما رواه مؤرخون من أنّ زرياب تعرض إلى مؤامرة حاكها ضده إبراهيم الموصلي وابنه إسحاق لغرض قتله، واصفا ما قيل في هذا الصدد بـ"الكلام الذي لا أساس لها من الصحة".
وإذ أهاب بالباحثين لإماطة اللثام عن الأصول الحقيقية للموسيقى الكلاسيكية المغاربية، فإنّ مرواني لفت إلى أنّ كتابه يطمح إلى "إعادة الحقيقة التاريخية ورد الاعتبار لآل الموصل الذين "انتهكت حقوقهم بأقاويل حيكت من العدم" على حد وصفه، وبحسب مرواني الذي قال إنّه اتكأ على مراجع دقيقة، فإنّ مسارا كاملا من تاريخ الموسيقى والفن المغاربي لا يزال غير معروف إلى غاية الساعة، وهو مدفون بنظره تحت أنقاض مملكة النسيان وعدم اكتراث الباحثين.
وتطرق كتاب "زرياب والموسيقى العربية ما بين الأسطورة والحقيقة" بإسهاب إلى سيرة إبراهيم وإسحاق الموصلي، فضلا عن تناوله حيثيات حياة زرياب، وما تزامن معها من سياق سياسي اجتماعي وثقافي على امتداد حكام الأمويين والعباسيين والأندلسيين.
وخلافا لنظرة مرواني، سبق وركّز فهرس النوبات المعدّ مؤخرا بالجزائر على أدوار ما سطره إسحاق الموصلي (767- 850م) وتلميذه زرياب في إثراء الصنعة الموسيقية الأندلسية، كما أكّد كل من "أبو علي الغوثي" (1874 - 1934) و"مصطفى عبورة" (1875 - 1935) أن ربطا مسار الموسيقى المغاربية بأصول شرقية، مع ارتحال زرياب أو الشحرور الأسود - للون بشرته - إلى إفريقيا ونهوضه بخدمة أمير القيروان الأغلبي "زيادة الله الأول" وما تلا ذلك من هجرة جماعية بعد سقوط قرطبة (1238 م) وإنشاء زرياب معهدا تخرّج منه صنّاع أمجاد النوبة الأندلسية، هذه الأخيرة قامت على كمال الدائرة كتجسيد للأبدية، عبر وترياتها الخماسية الأسطورية: الزير، المثنى، وتر زرياب، المثلث والبم، وما رافق ذلك من تطور النوبة الأندلسية محليا ومغاربيا وتنوع أدواتها الوترية والهوائية التي يفوق عددها الأربعين.
ويبرز عموم الموسيقيين إسهام زرياب في تطوير الموسيقى الكلاسيكية المغاربية عبر الجزائر والمغرب وتونس وليبيا، إلى جانب حصره النوبات الكاملة (الماية - السيكة - المزموم - الرصد ...) ونظيراتها المفقودة على غرار: حسين الصبا - حسين عشيران - حسين الأصيل - أصبهان صغير - أصبهان كبير - رمل العشية - عشاق - ماية فارغ - غريبة الحسين وغيرها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف