رواية ايروتيكية خارج المقاسات المألوفة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يوسف يلدا - سيدني: يقول الكاتب المكسيكي ديفيد ميكلوس إنه لم يفكر يوماً ما بإصدار كتاب بغلاف وردي. وروايته الأخيرة التي تحمل عنوان "براما" تكشف عن إمكانية ناضجة لمؤلف لا يضع نصب عينيه أية مقاسات مألوفة لما يريد البوح به، بغية إنجاز عمل أدبي راقٍ.
أمامنا قصة تبحث في الدمار، يلعب فيها الجنس دور المدمّر وليس المبدع، وهو ما يريد الكاتب ديفيد ميكلوس أن يقوله لنا عبر سطور روايته "براما"، التي تتمحور أحداثها حول النفوذ والإنتقام والحقد والجنس، والتي تشكل البعض من هواجس الكائن البشري.
وضمن هذا الإطار الحسّاس تمثل "براما" قصة تسير ضد التيار السائد، ومحاولة في غاية الجرأة، لإستكشاف تلك الحدود التي تعد بشعة في
وأما الشخصيات التي تبعث الحياة في أحداث الرواية، وكما يشير مؤلف "الشقيقة المزيفة" 2008، و"الحياة في تريستا" 2010، فهي نماذج إكتسبت شيئاً فشيئاً خصائص خاصة بها، تنتقل ما بين الحقيقة والفانتازيا.
وتعد الرواية سيرة ذاتية بإمتياز، ومحاولة لبعث التجربة الحياتية المعاشة الى الوجود، وفي هذا المجال يقول ديفيد ميكلوس لصحيفة "السيميناريو" المكسيكية حاولتُ تعرية هذه الشخصيات حتى من الناحية الأخلاقية، إنها بمثابة حيوانات تفتقد الى الطبيعة البشرية، هي كائنات مجردة من إنسانيتها. ومن هنا جاء عنوان الرواية (براما)، وهو مصطلح جاء مطابقاً تماماً".
ومن هذا المنطلق يحمل قلم ميكلوس شحنات قوية من العناصر الآيروتيكية، إذ تتحدث الرواية عن حياة شقيقين، يتنافسان على ميراث. أحدهما يمثل الإنسان المهيمن على كل شيء، أو الوحش الذي يحصل دائماً على ما يريد. بينما يمثل الأخ الصغير الضحية، الذي تُنتزع منه الأشياء دائماً، ومع ذلك نراه يتمرد حالما تطأ قدماه عتبة المنزل الذي ترعرع فيه. ولا يبدو هذا الصراع قد تحدد بميراث والديهما، بل تعدى ذلك، لتشهد ساحة النزاع كل من ميلينا، زوجة الشقيق الكبير، ومارينا، صديقة الصغير، وقد تورطتا أيضاً في الصراع التدميري الدائر بين هذين الشقيقين، في منزلٍ يشكل مسرحاً للمواجهة، والخيانة، والرغبة، والموت.
وتتجسّد المرأة في جميع روايات ميكلوس الأربع، في صورة الشخصية الأكثر صلابة، لأنها بالنسبة له الذاكرة التي تختزن كل التجارب الإنسانية، وفي رواية "براما" نرى أن "ميلينا" أشبه بالشقيقين، وفي المقابل تعتبر "مارينا" شخصية أنثوية قادمة من روايات أخرى، تحمل معها ماضي هذين الشقيقين.. إنه ماضٍ يحول دون هذا التدمير الحميمي.
وأما في ما يتعلق بأبطال الرواية فهم من الرجال المعقدين جداً، ويعتبر الشقيق الأكبر "بيلا"، من جهته، إنساناً عنيفاً وجشعاً منذ نعومة أظفاره، بينما "أندراس" الرجل الذي لم يتجاوز منتصف العمر، يعاني من مشكلتين رئيسيتين: القذف السريع، والخضوع لطغيان شقيقه الشرس.
وإستناداً الى هذه الأحداث المأسويّة، يحاول ميكلوس إستفزاز القرّاء من أجل طرح أسئلتهم، ومن ثمّ حثهم على وضع الحلول لكل ما يدور من أحداثٍ في الرواية، وفي هذا الصدد يقول المؤلف: "أريد من القارئ أن يخرج بحصيلة، لا أن تكون القصة بالنسبة له مجرد وسيلة ترفيهية سهلة".
و"براما" التي تقع في خانة الأدب الآيروتيكي، هي رواية تمتزج فيها الحقيقة والخيال، وتتكون من سبعة فصول، تتحول بدورها الى حلقاتٍ قصيرة.
وديفيد ميكلوس "سان أنتونيو" تكساس، 1970" كاتب وناشر يقيم في مكسيكو، المدينة التي ترعرع فيها. من بين أهم إصداراته: "مدينة أفضل من هذه" 1999، ورواياته "الجلد الميت" 2005، و"الناس الغرباء" 2006، و"الشقيقة المزيفة" 2008.
ibrahimyousif@hotmail.com