هالة كوثراني في روايتها علي الأميركاني: واجهة رجل تخفي أوجاع الأثنى- الوطن
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
فضيلة الفاروق: تكتب هالة كوثراني ببصمة خاصة بها أشياء تشبهنا، تعتني بسرد التفاصيل اليومية و المتغيرات النفسية حسب المزاج العام لمدينة إسمها بيروت، و بلد إسمه لبنان . هكذا يصبح المكان الثابت في نصها هو الفضاء اللبناني، أما الزمن الروائي فهو تقاطعات من الماضي و الحاضر، فيما زمن السرد ينطلق من منظور الحاضر. الصوت السارد لأنثى تستلم دفة صنع الأحداث في الرواية، نسمعها منذ أول حرف في الرواية إلى آخر حرف. كل الكلمات مصاغة بضمير الأنا الأنثوية المشروخة.
فلماذا علي الأميركاني إذن؟
علي الذي يحيلنا إلى الطائفة الشيعية و الجنوب اللبناني ، لم يكن واجهة لهذه الرواية، فهناك السيدة شيرين التي خلعت ماضيها كله ، لتعيد كتابة علي بصياغة جديدة تشبه تقفي أثر شاعر أحبته . تقفي ثقافة أحبتها و تسكنها حتى النخاع. بذرة مغروسة في الأعماق، تنتظر الظروف المناسبة لتنمو من جديد.
في لحظة ما شعرت أن الحرب سرقت عمر شيرين بزواج شرعي قاتل، و أن الحرب هي التي ابعدت الحب و جموح الشباب و أحلام المراهقة من دربها. كانت تعيش داخل تابوت روتيني، كموظفة بنك و زوجة و أم و ربة بيت، وظيفة كتلك الوظائف التي تحول االإنسان إلى آلة مسلوبة الإنسانية ، تعمل كأنها غائبة عن هذا العالم. بؤرة نور تكاد تنطفئ في قلب شيرين هي حبها للشعر و لشاعر راحل، تهيكله بشكل ذكي في صورة علي الأميركاني، لتمنح له الحياة، و تغازله بخجل، لتعود الحياة إلى جذورها. قبلة خفيفة في بيت قديم، مثل رذاذ خفيف على الجذور الذي تنتظر قطرة ماء لتعطي شتلة.
لم يكن علي تائها، و لم يكن ضائعا، كان أمل الإناث الثلاث: شيرين، و هدى و الأم التي أصبحت طفلة بين يديه قبل أن توارى التراب.
ثلاثة أجيال من النساء، يشبكن قلبه ، و هو لم يكن سوى المغترب العائد من أجلهن، لكأن هالة كوثراني هنا تريد أن ترسل رسالة متخمة بآمال العودة، بأن لبنان الجديد ليس لبنان الحرب الأهلية، و ليس لبنان ما بعد الحرب، و ليس لبنان المهزوز سياسيا، فالماضي دفن، و الشباب الطائش وجد ما يهدئه، و النضج الجميل أمامه، و هو لم يعد مستعدا لحمل حقائبه ليرتمي في حضن الغربة من جديد.
علي الأميركاني رواية جميلة للروائية اللبنانية هالة كوثراني، صدرت عن دار الساقي 2012.