ثقافات

عبد الامير شمخي: أُعيد انتاج مسرحياتي في اغلب البلدان العربية!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عبد الجبار العتابي من بغداد: عاد الى بغداد الكاتب والمخرج المسرحي عبد الامير شمخي، بعد غياب عنها دام نحو عشرين عاما، عاد محملا بأفكاره التي يريد ان تحتضنها خشبة المسرح الوطني ليستعيد تلك الايام التي قدم فيها عروضا ما زالت في الذاكرة ورسخت اسمه في هذا المجال، وها هو الان في طور الاستعداد لتقديم عمل مسرحي من تأليفه واخراجه ليكون المفتتح الطيب لعلاقة جديدة مع دائرة السينما والمسرح، وفي ظل تحضيراته جلسنا معا وتحاورنا في الماضي والحاضر وفي طموحاته المستقبلية ايضا.

* ها انت مجددا في بغداد، اي سيء اتيت به اليها؟
- عدت الى بغداد بعد غياب دام طويلا، وقد اتيت ببعض المشاريع الفنية، وقد انتجت قناة السومرية مسلسلا لي بعنوان (فندق قدري)، ولديّ الان عمل مسرحي مع دائرة السينما والمسرح من تأليفي واخراجي بعنوان (اكون)، وهذا العمل سبق ان عمل وترجم للغة الانكليزية ايضا، لديّ بعض الاعمال التي ترجمت للانكليزية من ضمنها (معطف الامير) الذي شارك في مهرجان المؤلفين الكنديين، هنا حديث عن تقديمه على المسرح هناك.

* ما حكاية العمل؟
-هي قصة انسانية لامرأة ورحلة فوق الارض لامرأة كل ما حولها وهمي،ثم تتحول الى رحلة شعبية تحت الارض فتكتشف ناسا اخرين ونعتمد فيها تجارب انسانية عالية جدا وشخصيات، كما انها تتحدث عن فكرة الدين ومعرفته، وتتحدث ايضا عن الامتحانات الانسانية العميقة وليست اليومية، وبالتالي نكتشف ان هذه القضية كلها تقوم بها ممثلة تقول انها كانت تبحث عن موضوع وفجأة هبت عاصة فأسقطت امامي مجموعة من الاوراق، وعندما قرأتها وجدت انها تحكي قصة امرأة لا اعرف من اي مكان هي هل في الشرق ام في الغرب، ولكنني اعدت انتاجها وقراءتها، هذه كل قضية العمل، هي ايضا تجربة جديدة بعكس مسرحية (المعطف).

* هل اخترت شخوصك من الممثلات؟
- ليس بعد، فأنا بدأت الخطوة الاولى بمفاتحة دائرة السينما والمسرح والحصول على موافقة مبدئية، وان شاء الله سنبدأ التدريبات قريبا.

* متى غادرت العراق ولماذا؟
- انا غادرت مثل كل العراقيين وكانت الخطوة الاولى عمان بداية التسعينيات، واشتغلت في عمان اعمالا تلفزيونية واشتغلت مسرحية (نساء بلا ملامح) مع الفنانة الاردنية مجد القصص، ثم انتقلت الى السعودية واشتغلت الكثير من الاعمال وأسست فريقا من المثقفين السعوديين الرائعين واحرزت للسعودية اول جائزة دولية في المسرح، في المهرجان الدولي للجامعات بمسرحية عنوانها (الهشيم) التي اعيد انتاجها في اكثر البلدان العربية وحققت رقما قياسيا، فقد تم انتاجها في المغرب، الجزائر، ليبيا، سورية، الكويت، عجمان والسعودية فضلا عن كونها ترجمت الى اللغة الانكليزية، كما انها نالت في السعودية جائزة في مهرجان الجنادرية والجائزة الاولى في مهرجان المسرح السعودي، جائزة افضل مخرج، مثلما قدمت مسرحية (نساء بلا ملامح) في عدد من البلدان العربية، والان هي مرشحة لمهرجان دولي في الجزائر، كما قدمت بعض اعمالي في اكثر من بلد عربي، وبقيت في السعودية نحو خمس سنوات وبعدها غادرت الى كندا عام 2002 وما زلت في كندا وشاركت في مهرجان المؤلفين الكنديين وتم اختيار عملي، وهذا المهرجان يختارون الاعمال بدون ذكر اسماء المؤلفين، وتم اختيار (معطف الامير) ضمن سبعة نصوص مسرحية بعد ان ترجم طبعا، كما عملت مع فريق كندي مثلما عملت مع فريق عربي في كندا، وبقيت على تواصل مع الاعمال العربية واتيت اكثر من مرة الى عدد من الدول التي قدمت فيها اعمالي وكانوا يرسلون لي دعوات، او اقوم بورش مسرحية سواء في التأليف او الاخراج؟

* ما ابرز المحطات في مسيرتك الفنية؟
- المحطة الاولى كانت مسرحية (الرهن) مع فرقة الفن الحديث عام 1984، وهي اول تجربة على مستوى الاحتراف مع استاذي سامي عبد الحميد، وهذا العمل نال جائزة افضل مؤلف، كما مثلت فيها الشخصية الرئيسية (محمد جعفر) وهي من تمثيل يوسف العاني وخليل شوقي، والمنعطف المهم الثلني في حياتي حين اخرجت مسرحيتي (الذيب) للفن الحديث، عام 1986 ونلت فيها جائزة الاخراج، وكان يمثل فيها سامي عبد الحميد وخليل شوقي وزكية خليفة وباسم قهار وهيثم عبد الرزاق وعبد الخالق ابراهيم، وهناك محطة مسرحية (اطراف المدينة) عام 1988، الجزء الاول كان تأليفي واخراج محسن العلي فيما الجزء الثاني الذي قدم على مسرح المنصور تليفي واخراجي بداية التسعينيات، والعمل الثاني خلقت فيه حالة حب اسطورية ويحيط بها عالم الغجر، ولا علاقة له بالجزء الاول بل انه امتداد لقصة اخرى، وهناك محطة مسرحية (السرداب) التي كانت من اعمالي المهمة عام 1993 انا اخرجتها ومثلت فيها سليمة خضير ورياض شهيد وميسون خليل وغيرهم، وقدمت على مسرح المنصور، كما قدمت لي على مسرح المنصور مسرحية (المطحنة) عام 1987 اخرجها محسن العلي.

* ما اخر اعمالك في بغداد قبل الهجرة؟
- كانت مسرحية (السرداب) و مسرحية (اطراف المدينة) على مسرح المنصور.

* لماذا الهجرة ازاء هكذا اعمال ناجحة؟
- كلما يزداد الانسان وعيا من المؤكد انه يكتشف الكثير من الاشياء حوله، هل يتفق ام يختلف، وفي وقتها كان هناك (التجمع الثقافي) الذي اخذ كل المسارح، علما ان في العراق كانت هناك تيارات سياسية كثيرة، الوضع السياسي كان مضطربا تحت هذا السكون بالاضافة الى ظروف الحرب والازمات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، كلها تكالبت، والحروب تفجر هذه الازمات وتجعل الانسان في مواجهة يومية معها، فتحلم ان تحقق ذاتك، ان تكتشف وجودك، فعندما سافرت الى الاردن كان الكثير هناك لا يعرف شيئا عن الحركة الثقافية لان فترة الحرب طويلة وفترة الحصار كانت طويلة، وانغلاق طويل ايضا، ومن اولى الخطوات في الاردنية بدأت اكتشف ذاتي من جديد، فلم استطع ان اقدم شيئا لانهم لا يعرفون اي شيء عن الوسط الثقافي العراقي وعن الوسط الفني، وما كانت هنا اعمال عراقية تقدم في الاردن الا اعمال قليلة جدا تشارك في المهرجانات، وفي الثمانينيات كانت الفرق التي تغادر قليلة جدا، بحكم الظرف وحمك تشتت الكادر الفني، لذلك كنت ارى ان كل انسان يحمل قدره، البقاء قرار وقدر والهجرة سواء كانت للشرق او للغرب او اي اتجاه هي رحلة قدرية، خيارات قدرية ليست يومية، انما تؤخذ مرة واحدة وليست بسهولة.

* هل كتاباتك التي كتبتها بعد الهجرة فيها امتدادات للعراق؟
- مسرحية (معطف الامير) التي شاركت فيها بمهرجان كندي، يعود المعطف في نهاية المطاف الى العراق ويموت في العراق ويعلق على مسرح عراقي ويقول : (درت كل هذه الدورة ومن ثم عدت الى هذا المسرح الفقير)، نحن لا يمكن ان نغادر بلدنا، كل الناس الذي غادروا هم يحملون محبة العراق او شيئا غير المحبة،قدرية وجودهم في العراق معهم، نحن ولدنا كي نعيش هنا، ولكن قراراتنا حاولت ان تغير القدر في حين القدر اعادنا مرة اخرى لاننا ولدنا هنا حتى نكون هنا، هذا هو المهم.

* ما الذي اعطتك اياه الغربة ككاتب ومخرج؟
- ان اصطدم بثقافات اخرى، هذه مسألة اكيدة، وان تتحرك في فضاءات اكثر حرية، ان تشاهد تجارب، علما ان التجارب الفنية العراقية تجارب متقدمة جدا، فضلا عن انك تخسر بعض الاشياء حين تغادر، تخسر هذه الالفة، انا اقول دائما ان الابداع يجب ان تسبقه حرية مطلقة، اي انك عندما تكون مع مجموعة، انت حر بالتفكير، غير خجل، غير مقيد، تقدم على انجاز اشياء جديدة جدا، ابتكارات جديدة، اي انك عندما تكون مع مجموعة ايضا تفكرون بالتكامل، مني خطوة ومنك الخطوة الثانية، ومن فلان الخطوة الثالثة وهكذا تبنى الافكار، ونكتشف اننا غادرنا الخطوات الاولى والثانية والثالثة ووصلنا الى خطوات عالية جدا بالتفكير، سواء كانت فلسفيا او فكريا او جماليا.

* قلت انك ابن فرقة المسرح الفني الحديث، هل سألت عنها في عودتك هذه؟
- نعم، سألت عنها الاستاذ سامي عبد الحميد، ولا توجد الان فرقة مثلما لا توجد اشياء كثيرة، حتى الشوارع التي تركناها هي ليست ذات الشوارع، بل انها تلونت بألوان جديدة ودخلت بها استثمارات اخرى، كانت الحياة اكثر هدوء.

* هل كنت تتابع ما يحدث في المسرح العراقي؟
- نعم لانني على اتصال باغلب الفنانين، وكنت اقرأ عن بعض التجارب واكن لم اشاهدها، وكل تجربة بالنسبة لي احس انها تمسني فأقرأ ما هو ايجابي عنها وما هو سلبي، ثم انني لديّ معلومات اولية عمن انتج هذه الاعمال،اي العقل المفكر خلفها سواء كان مخرجا او مؤلفا او ممثلا، احس كم تطور فلان وفلان، وهذا مهم جدا.

* ثمة اشكالية في المسرح العراقي، الجاد والشعبي، اين تقف منهما؟
- لم اكتشف في الخارج هذه، لان المسرح شيء منتج للناس، في المسرح الكندي لا توجد مثل هذه القضية، كل نشاط انساني هو مقدم للناس، سواء مسرح اكاديمي او شعبي او اي شيء، فالطرف الاخر ليس انت، ليس صديقك، الطرف الاخر جمهورك الذي لا يعرفك الذي تشترك معه بالافكار، اما ان يكون جمهورك هو صاحبك الذي تشترك معه بانتاج الافكار الذي هو المسرح الاخر، فهذه مسألة عقيمة كما لو كنت تدور في حلقة مفرغة، ولذلك فالمسرح الاستهلاكي هو الذي بدون جمهور، سواء كان اكاديميا او غيره، القضية الاخرى ان المسرح الشعبي عندنا عالي جدا، ولكن في المقابل حاول البعض ان يلصق به بعض الاعمال التي تقدم بسطحية ساذجة، ولا اقصد المسرح الكوميدي الذي يمكن ان يقدم بمستوى عالي التفكير، ولكن اقصد الاعمال التي فيها التأويل الفلسفي سهل جدا وساذج، هذه ليست استهلاكية بل نائمة في الظل، هي تحتاج الى جدار لتنام في ظله مثل الكثير من الاعمال التي قدمت في الثمانينيات، يقال عنها اكاديمية، ولكنها كانت تبحث عن ظل تنام تحته، التي هي التسميات، انها تنتمي الى المسرح الجاد، في حين ان التأويل الفلسفي والفكري والجمالي لهذه الاعمال بسيط جدا، ايضا انها خسرت الطرف الاخر الذي هو ليس المنتج الفني معك انما الطرف الذي لا يشاهدك وانما يشاهد عملك.

* اراك تذكر (المعطف) كثيرا، ما قصته؟
- يتحدث عن رحلة شخصية رئيسية، ولكن طريقة التناول طريقة جديدة في المسرح، اي طريقة اسلوب العرض جديدة، فيما كانت مسرحية معطف الامير ما عندي شخصية انسان بقدر ما عندي شخصية معطف، يدخل الجمهور يجد معطفا معلقا، فيتحدث عن نفسه قائلا (انا لست سوى معطف معلق من رقبته) وبعد ذلك هذا المعطف اشتراه امير ومن ثم هؤلاء الناس لا يحتفظون بأشيائهم التي تبقى لفترة ما ومن ثم يأخذه شخص ويهديه الى محقق في المخابرات وهذا يستخدمه في مكان اخر ويهاجر هذا المعطف وينتقل من مرحلة الى مرحلة ومن ثم يأخذه شخص يقول عنه المعطف انه (انتن واحد في الكون) وهو المعطف الاسود الذي كانت الناس تخافه، وبعد ذلك يبيعه ويهاجر ومن ثم يأخذه عجوزان صينيان كما تأخذه بنت وتأتي به الى الوطن العربي بعد ان مزق، فتجلس هي وامها واخواتها فيقول هذه هي الليلة الوحيدة التي تم فيها تصليح جراح القدر دون ان يؤذونني، وصباحا تأخذه على يدها وتهديه الى شاب، يقول المعطف انه احب هذه البنت، ولكن بمرور الزمن يقول ان هذا الشاب اخذني الى حرب وخلا صور البنت واشيائها في الجيب الذي قرب القلب، وهي التي حين اعطته اياه قالت له اتمنى ان يتحول هذا المعطف الى معطف من حديد عندما ينهمر الرصاص ليحميك، فيقول المعطف : انا مع الاسف لم اتحول الى معطف من حديد وعندما انهمر الرصاص سقطنا معا، انا تعرض نسيجي الى ثقب، وهو كان يتلوى امامي، وانا ادعو اليه بالشفاء، وفي نهاية الامر بعد ان يأخذوه من المقبرة يأخذه احدهم ويبدله برغيف خبز، ومن ثم يضعونه في محل لبيع الملابس المستعملة (البالة) فيرمونه في الماكنة المهولة فيتمزق وقد ما عاد يقوى على الزمن فيرمونه في مستودع مع الفساتين الحلوة فيقول (نمت فترة طويلة من الزمن الى ان سمعت احدهم يقول انه يبحث عن معطف بالي تماما لانني ممثل واريد معطفا هكذا، فأتى بي الممثل وعلقني ها هنا وفي النهاية انا لست سوى معطف معلق من رقبته.

* الى اي نوع من انواع المسرح ينتمي؟
- هو مسرح.. كل التسميات واردة، هو مسرح اكاديمي بحثي، كل عملية مسرحية هي عملية بحثية في الجمال وغيره، وهذا العمل الكثيرون تحدثوا عنه وكتبوا عنه من انني استنطقت اشياء غير محسوسة واشتركوا معها الناس عاطفيا، علما انها معاطف جامدة، كما انه قدم في الوطن العربي ايضا مثل السعودية والشارقة وليبيا، وتمت اعادة انتاجه من قبل الفرق الفنية في هذه الدول.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف