مومياء فأر صغير .. تفتح ملف الآثار المصرية في ألمانيا من جديد!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
صلاح سليمان من ميونيخ: فتحت عودة تابوت مصري فرعوني صغير الحجم يحتوي علي مومياء فأر صغير، يرجع الي العصر البطلمي ملف الآثار الفرعونية العديدة الموجودة في متاحف ألمانيا المختلفة من جديد، وعاد الي الأذهان نفس السؤال القديم الجديد متي تعود تلك الآثار الي الوطن الآم مصر؟
تعتبر ألمانيا من أوائل الدول التي سارعت الي البحث والتنقيب عن الآثار في مصر، ويرجع ذلك إلي بداية القرن 19 عندما خرجت من بروسيا أول بعثة أثرية قاصدة الأراضي المصرية، للبحث والتنقيب عن الآثار، تحت قيادة واحد من أشهر علماء المصريات آنذاك وهو الأثري (ريتشارد ليبسيوس) وقامت بعمل كبير في حينها عندما قامت بمسح كامل لآثار مصر الظاهرة وسجلتها بالرسم والكلمة المكتوبة، ولا زال هذا السجل يستخدم حتى الآن ويعتبر مصدرا رئيسيا للآثار التي فقدت أو تشوهت بفعل الزمن أو جهل الإنسان، خاصة أثار النوبة.ومنذ ذلك الحين
التابوت العائد الي مصر مصنوع من الخشب المغطى بطبقة جبس مطليه بدورها بطبقة من الذهب، وهو للفأر "بنو" الذي استخدم في مصر القديمة كتجسيد للإله حورس، ثم استخدم فيما بعد كرمز للدلالة علي الاستسلام والخضوع وكان قد تم ترميميه علي ايدي خبراء المان واستعاد عافيته واصبح محفوظا في حالة جيدة منذ عام 1977 في متحف لا يبتزج، وقد تم إرجاعه الي مصر بناء علي رغبة مدير متحف لايبتزج نفسه. بعد أن ساورته شكوكا منذ فترة بشأن التابوت ومدي شرعية وجوده في ألمانيا، خاصة وانه مسجل في حفائر جامعة القاهرة التي كانت تجري في منطقة تونا الجبل تحت إشراف الأثري المصري سامي جبره وكان التمثال قد وصل ألمانيا عن طريق تجار الآثار والتحف بطريقة غير مشروعة.
رغم أهمية التابوت العائد، ورغم أن المتحف المصري يضم تابوتين مشابهين بالحجم نفسه تقريبًا، أحدهما من الحجر الجيري المّذهب والآخر من الخشب. إلا أن أهمية ذلك تكمن ربما في إمكانية فتح ملف إعادة الآثار المصرية الموجودة في ألمانيا مرة ثانية الي مصر.
أحد اهم هذه الآثار التي تطالب مصر بعودتها منذ وقت طويل هو تمثال رأس الملكة نفرتيتي، ذلك التمثال الفريد المعروض في متحف برلين الشهير منذ عام 1933، غير أن برلين ترفض ذلك الطلب بشدة بحجة أن ملكيته انتقلت الي المتحف وفق قانون تقسيم الآثار المعمول به في مصر.
كان التمثال قد خرج من مصر في عام 1933 بطريقة غريبة، اختلفت فيها الروايتان الألمانية والمصرية ففي الوقت الذي يقول فيه الألمان ان الرأس خرجت بطريقة شرعية طبقا لقانون الآثار الذي كان يقوم علي تقسيم الآثار المكتشفة إلى قسمين، تختار هيئة الآثار المصرية كممثل عن الحكومة المصرية قسماً منها، والباقي يصبح من نصيب المكتشف، وبهذا الإختيار أصبح التمثال النصفي الملون لنفرتيتي من نصيب الجانب الألماني. لكن المصريين يقولون إن القانون كان ينص علي أن تأخذ ألمانيا الثلث والحكومة المصرية تأخذ الثلثين.. والذي حدث لرأس نفرتيتي عندما اكتشفت البعثة الألمانية المقبرة التي بها رأس التمثال أنها قامت بلفه بالسوليفان ووضعوا عليه الطين، ومن ثم تم وضعه مع أشياء ليست ذي قيمة، وهكذا تم تهريب التمثال الي ألمانيا.
رغم ذلك لم تفقد مصر الأمل في عودة التمثال، ففي عام 1938 بلغت المطالبة بالتمثال ذروتها، عندما نشطت الدبلوماسية المصرية في محاولة لإعادته، حتي أن هتلر أمر آنذاك مدير متحف برلين بإعادة التمثال إلي مصر، لكن مدير المتحف كتب الي هتلر يستمهله ويدعوه الي إلقاء نظرة علي التمثال قبل أن يذهب عائدا الي مصر، وهو الطلب الذي فعله هتلر عندما ذهب والقي عليه نظرة، وإذا به يقف مشدوها أمام جمل الملكة نفرتيتي، وخرج ليعلن أن مكان التمثال هو ألمانيا.
كان زاهي حواس رئيس المجلس الأعلى للآثار المصري السابق قد دخل في صراع طويل مع مدير متحف برلين ديتريش فيلدونج حول أحقية مصر في استعادة رأس التمثال خاصة بعد أن قام فنانون مجريون في سنة 2003 بوضع رأس نفرتيتي لفترة قصيرة فوق مجسم لتمثال برونزي عاري بمباركة وموافقة مدير المتحف الذي انتقده زاهي حواس بشدة واتهمه بعدم المسؤولية، وإثر ذلك نشطت الدبلوماسية المصرية مرة أخري في محاولة إعادة التمثال غير أنها باءت مرة أخري بالفشل إذ كانت حجتها في ذلك أن وضع رأس نفرتيتي علي مجسم لتمثال عاري هو أمر مشين يتطلب ان تعود الرأس الي مصر للمحافظة عليها من أعمال الدعاية الرخيصة.
أهمية هذا التمثال انه النسخة الأصلية الوحيدة للملكة نفرتيتي وهومنحوت من الحجر الجيري وقد تم اكتشافه في تل العمارنة بمصر على يد عالم الآثار الألماني لودفيج بورخارت عام 1912، وأصبح من ممتلكات متحف برلين ويرجع تاريخه الي القرن الثامن عشر قبل الميلاد أي الي أكثر من 3000 عام مضت.
هناك أيضا مجموعة من الاثار القيمة المعروضة في متحف مجموعة الفن المصري القديم في ميونيخ التي تمثل مراحل النحت المصري القديم عبر مراحله المختلفة بدء بالحضارة النوبية أي حضارة ما قبل التاريخ ومرورا بالحضارة الفرعونية من خلال الممالك القديمة والمتوسطة والحديثة وحتى الوصول إلى الحضارة الرومانية، كذلك فإن المتحف به قطعة أثرية فريدة وهي أول فازه مطعمة بالزجاج صنعت في التاريخ القديم وقد نقش عليها اسم الملك " تحتمس الثالث "من الأسرة 18 (1450 ق.م)
أحد أهم المعروضات أيضا هو تمثال الأله أمون المصنوع من البرونز الخالص ويرجع لعهد الأسرة 26 (600 ق.م)، وتمثال للأله حورس من الأسرة 27 (500 ق.م)، اضافة الي أوراق عديدة من البردي معروضة وهي تمثل العهد الفرعوني والبطلمي وحتي الروماني، كما أن كثير من الفخاريات موجود في المتحف ويمثل حياة المصري القديم في العديد من أنشطته، إحدى الفخاريات مثلا تبدو علي هيئة تمساح وترجع الي سنة (3300 ق.م) تماثيل عديدة من المملكة القديمة أهمها مغسلة لليد ترجع الي سنة (2350 ق.م).
في بادرة تقارب بين الحكومة البافارية والحكومة المصرية بشأن الآثار المصرية في المانيا والمطالبة بحق عودتها، أعاد متحف الفن المصري في ميونيخ سنة 2003، الجزء الأسفل من تابوت الملك إخناتون الذي ظل معروضا في متحف ميونيخ منذ افتتاحه إلى أن طالبت مصر باسترداده ليكتمل تابوت الملك اخناتون المعروض في المتحف المصري بالقاهرة.
قبل عدة سنوات كشفت صحيفة" دي تست" الألمانية واسعة الانتشار عن فى تابوت خشبى لمومياء فرعونية فى الحجرة رقم 7 فى الدور الأرضي فى مخازن مدرسة ليزنبورج في إقليم بافاريا، حيث يعود تاريخها الى2000سنة مضت وتحديدا الى العصر البطلمى. طولها يبلغ 152.50 سم ووزنها 26.350كيلو جرام ملفوفة بالكتان الذي تحول بفعل الزمن الى اللون الأسود آما الأنف فهى محطمة وقد زاد كثيرا فى غموض هذه المومياء الثقوب الثلاثة التى وجدت فى الرأس وفى الجهة الشمالية من الصدر- عمر المومياء وظروف موتها ظلت مجهولة. ورغم حالة المومياء هذه الا انها شكلت لغزا عن كيفية وصولها الي مخازن هذه المدرسة!!، لكن السيدة جابرائلا نويمولر مديرة المدرسة كانت قد كشفت سر هذه المومياء المصرية عندما قالت إنها لأحد النبلاء فى مصر القديمة وترجع الى العصر البطلمى، وفى سنة 1884 وصلت المومياء الي المدرسة كهدية من السيد "يوهان كريستيان هس" رجل الأعمال الألماني- الذى كان يعيش انذاك فى مدينة الإسكندرية المصرية التى لها تاريخ قديم، فقد كانت عاصمة للدولة البطلمية القديمة. وفى مناسبة مرور 50 سنة على تخرجه من هذه المدرسة قام بإهداء هذه المومياء الى مدرسته ويعرف عن السيد هس انه جد" رادولف هس" أحد معاوني هتلر الكبار إبان العهد النازي.
وعن سر الثقوب التى وجدت فى راس المومياء تستطرد قائلة إن المومياء ظلت محفوظة فى مخازن المدرسة حتى كانت الحرب العالمية فى سنة 1945 ووخضعت المدرسة الى القوات الأمريكية التى اتخذتها كمستشفى، عندئذ ألقيت المومياء مع غيرها من الأشياء المحفوظة فى فناء المدرسة بعدها وجدت هذه الثقوب التى هى عبارة عن طلقات رصاص اخترقت الرأس والصدر أثناء فترة الحرب العالمية الثانية وهو الذي دعى الصحيفة الى ذكر أن المومياء ماتت مرتين.
في سنة 1983 كانت تلك هى المرة الأولى التى أخضعت فيها المومياء الى فحوص وتجارب أجريت من قبل خبراء الآثار الألمان واستمرت لمدة أربعين يوما عادت بعدها المومياء الى الحجرة رقم 7 فى المدرسة.
هكذا هي الآثار المصرية موجودة في كل مكان، فهل سيجيء يوما ما وتعود مرة أخرى من كل أنحاء العالم الي الوطن الام؟.