ثقافات

رحيل الروائي الكبير غور فيدال

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

اعداد عبد الاله مجيد: توفي الكاتب والروائي الاميركي غور فيدال يوم الثلاثاء عن 86 عاما بمنزله في هوليود هيلز نتيجة مضاعفات الالتهاب الرئوي الذي كان مصابا به، كما اعلن ابن اخته. تمتد حياة فيدال الأدبية أكثر من 60 عاما وقال ذات مرة انه يأمل بأن يتذكره الآخرون بوصفه "المرء الذي كتب أحسن الجمل في زمنه". وكان فيدال معروفا بدماثته وطرافته، كما تتبدى في قوله "كلما ينجح صديق اموت قليلا". كان فيدال اديبا متنوع المواهب والاهتمامات على نحو لافت ويكاد يكون آخر الكتاب المعروفين الذي قاتلوا في الحرب العالمية الثانية.
وبعد ان قرر فيدال ان يعيش من قلمه وهو لم يزل في العشرين من العمر كتب مسرحيات للتلفزيون وبرودواي منها عمله الكلاسيكي "افضل الرجال". وساهم في كتابة سيناريوهات افلام مثل بن حور، العمل السينمائي الملمحي وقت انتاجه عام 1959 بطولة تشارلتون هستون. ونال فيدال صيتا سيئا بعد نشر روايته "ميرا بريكنريدج" عن مثلي شغوف بالسينما.

كما نال فيدال ثناء الباحثين والنقاد والقراء الاعتياديين لرواياته التاريخية مثل "جوليان" و"بور" و"لنكولن" التي كانت كلها أفضل الروايات مبيعاً وقت صدورها. وقال عنه الناقد البريطاني جونثان كيتس انه "أفضل من كتب المقالة في القرن العشرين". ونال كتاب فيدال "الولايات المتحدة" الذي يجمع مقالاته في الفن والسياسة والخواطر الذاتية جائزة الكتاب الوطنية عام 1993.

كان فيدال في كتبه واحاديثه التلفزيونية حيث شارك في العديد من الندوات والبرامج، مثيرا للجدل بسبب موقفه المتحرر إزاء الجنسوية بكل صنوفها وقرفه المشفوع بحجج قوية من الامبريالية الاميركية ونظرته التهكمية الى الحب والدين والوطنية وغيرها من "خيالات المآتا"، على حد تعبير الكاتب مايكل دريدا في نعي فيدال.
ولد فيدال في 3 تشرين الأول/اكتوبر 1925 في ويست بوينت في نيويورك حيث كان والده يدرس هندسة الطيران في الأكاديمية الحربية. وكانت والدته ابنة عضو مجلس الشيوخ تي. بي. غور من ولاية اوكلاهوما. وبعد تعميده باسم يوجين لوثر غور فيدال اسقط لاحقا الأسمين الأولين "لأسباب سياسية وجمالية"، كما أوضح في حينه. وقال ان هذا "كثيرا ما فُسر بشماتة على انه رفض لوالدي الذي كنتُ أحبه، لكي أصبح والدتي، التي كنتُ لا أحبها".
أمضى فيدال الشاب شطرا كبيرا من طفولته في واشنطن وكان شديد التعلق بجده عضو مجلس الشيوخ المكفوف. فكان الحفيد يمضي ساعات طويلة في القراءة له بصوت عال مدشنا عشقه للثفاقة الذي استمر حتى آخر يوم من حياته.
بعد تسريحه من الجيش قرر فيدال ان يترك الدراسة الجامعية ويعيش في نيويورك متفرغا للكتابة. ولم يمض وقت طويل حتى ارتبط بعلاقة وثيقة مع انيس نين صديقة الكاتب المسرحي تنسي وليامز ومؤلفة رواية عن علاقة صبيين اميركيين اعتبرت وقتذاك عملا رائدا في الأدب المثلي. وبسبب هذه العلاقات مرت روايات فيدال السبع التالية دون ان تأتي على ذكرها مجلتا تايم ونيوزويك او صحيفة نيوويرك تايمز. وكتب فيدال "مُحيت بعناية من التاريخ المتألق للأدب الأميركي.... وقبل 20 عاما كانت هناك دراسة أكاديمية عن أعظم 500 روائي اميركي ـ أم يا تُرى 5000؟ ـ منذ الحرب العالمية الثانية. ولم أكن بينهم. إذ انزلقت أسفل الصفحة الى هامش".
بحلول اوائل الستينات وبعد 10 سنوات من الكتابة وتأليف السيناريوهات السينمائية تمكن فيدال من تحقيق الاستقلال المالي. ولاحظ في حينه انه "لكي يكون المرء تجاريا بحق عليه ان يتقن ما يجب ألا يفعله اصلا".
وامضى فيدال العقود الثلاثة التالية في ايطاليا. وفي مكتبات روما قام ببحثه لكتابة رواية عن الامبراطور جوليان التي ارتقت الى قمة الكتب الأفضل مبيعا وأنعشت حياته الأدبية بعد افول.
وبقدر ما كان فيدال لماحا ورائعا كان سليط اللسان لاذع السخرية وخاصة في كتاباته السياسية وما برأيه "موت الامبراطورية الاميركية". وقال في احد مقالاته "ان عبقرية طبقتنا الحاكمة انها منعت غالبية الشعب من التساؤل عن ظلم النظام الذي يكدح فيه الغالبية طوال حياتهم ويدفعون ضرائب باهظة بلا شيء في المقابل".
ورغم نجاح فيدال بوصفه كاتبا ومثقفا فانه كان فاشلا في السياسة. ورشح مرتين دون نجاح، لعضوية مجلس النواب في عام 1960 ثم لعضوية مجلس الشيوخ عام 1982. ولكن السياسة كانت تسري في دمه منذ الطفولة. وعن طريق والده وجده عرف سياسيين ذوي سطوة مثل فرانكلين روزفلت.
وفي سنواته الأخيرة اصبح فيدال حتى أشد تحمسا في قناعاته السياسية حاملا على الامبرالية الاميركية بعد اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 ومستنكرا غزو العراق بعد عامين.

نظر فيدال دائما ببرود الى مجتمع زمنه واعتنق بقوة قيم التحضر والمتعة ضد هجمات الهمجي والطهراني والمتثاقف.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تصحيح
المراقب العربي -

مقال جميل وومتع وملئ بالمعلومات عن هذا الكاتب والشخصية الناقدة والحادة. لكن فات الكاتب أن أنيس نين كاتبة وامرأة وكانت على علاقة مع الكاتب الأمريكي هنري ميلر مؤلف مدار السرطان وغيرها من الروايات التي اعتبرت إباحية في حينا. شكرا وأرجو أن لا يقلل تعليقي من جهد الكاتب.

تصحيح
المراقب العربي -

مقال جميل وومتع وملئ بالمعلومات عن هذا الكاتب والشخصية الناقدة والحادة. لكن فات الكاتب أن أنيس نين كاتبة وامرأة وكانت على علاقة مع الكاتب الأمريكي هنري ميلر مؤلف مدار السرطان وغيرها من الروايات التي اعتبرت إباحية في حينا. شكرا وأرجو أن لا يقلل تعليقي من جهد الكاتب.