"يرما"، طرح مسرحي برؤية مختلفة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يوسف يلدا - سيدني: يقدّم المخرج ميغيل نارّوس نسخة جديدة من مسرحية فيديريكو غارسيّا لوركا على خشبة أحد المسارح في سان سيباستيان بإسبانيا، حيث تجسّد فيها سيلفيا مارسو شخصية "يرما"، ويضع إنريكه مورينتي الموسيقى لها.
يعود المخرج المسرحي الكبير ميغيل نارّوس مرة أخرى الى فيديريكو غارسيّا لوركا، الذي عالج الكثير من مسرحيات الشاعر في مناسباتٍ عديدة سابقة. ويقع إختياره، هذه المرة أيضاً، على "يرما"، الجزء الثاني من ثلاثية لوركا التراجيدية التي تتضمن مسرحيتي "بيت برناردا البا"، و"عرس الدم".
وتعرض مسرحية "يرما" التي عملت على تثويرالجمهور في منتصف 1930، من خلال صورة المرأة الإسبانية في القرن العشرين، من 14 وحتى 19 من أغسطس/ آب الجاري، وعلى خشبة مسرح فيكتوريا إيوخينيا في مدينة سان سيباستيان الإسبانية. وكان لوركا قد رسم حينها صورة للمرأة الريفية، الضحية في تلك الأيام، المرأة المحكوم عليها بالقيام بالمهام المنزلية فقط، حيث كانت الأمومة شرطاً لا غنى عنه.
ومثلما تعهّد ميغيل نارّوس بأن يعود الى المسرحية مرة اخرى، وأن يقدّم "يرما" في حلّةٍ مختلفة، فقد بدت هذه المرأة رزينة وعلى حقيقتها، خلال العرض الذي بدأ يوم الثلاثاء، ويستمر حتى يوم الأحد القادم.
ويتحدث نارّوس عن هذا العمل التراجيدي الذي ينقله الى خشبة المسرح برؤيا مبسّطة موضحاً " أن عودتي الى (يرما) ليس بسبب من كونها واحدة من أكثر الأعمال جمالية في المسرح الإسباني فقط، بل لأننا أيضاً لا نزال بحاجة الى تسليط المزيد من الضوء على مدى التدهور الذي آلت إليه الأمور بين الرجل والمرأة في أيامنا هذه. لقد إخترت إسلوب تعرية الواقع، لأننا لا نستطيع أن نخفي الحقيقة أبداً، ولكي أستمر في طريقة طرح أفكاري من دون مواربة، والإلتفاف على الحقيقة، كما علّمت طلابي، عليّ أن ألتفّ عليها أنا أيضاً".
يعتقد نارّوس أن "يرما" تحاول أن تروي للمرأة المعاصرة المشاكل الزوجية بين الرجل والمرأة، إذ يقول "إنها تتحدث عن التسلط في العلاقات، حيث تمثل المرأة الطرف الضعيف، على الرغم من أن هناك نساء قويّات جداً".
حاول مخرج مسرحية "يرما" إدخال مفاهيم مختلفة، ترتبط بتجارب حياتية مرّ بها، في هذا العمل الذي يشارك في بطولته، الى جانب سيلفيا مارسو، الممثل المسرحي مارسيال ألباريز، وعن ذلك يقول "أريد الحديث عن زمن كانت أمي تتلقى فيه كلمة (كلا)، في كل مرة تشير الى التعليم، إذ لم يكن هناك من يعلمها لأن تكون إمرأة، والمسكينة حاولت جاهدة ما إستطاعت عليه، لكنها كانت تكره والدي حتى الموت، لأن أكثر ما كان يقمن به النساء تمثل في كره أزواجهن، وفي الوقت الحاضر لا أحد يخضع للآخر، غير أن أمي كانت مسيّرة من قبل عائلتها، حيث أجبرتها عائلتها على الزواج من زوج شقيقتها، بعد أن توفيت واصبح هو أرملاً، وكان لديه أربعة أبناء".
ومع بدء عرض مسرحية "يرما" شعر المخرج ميغيل نارّوس بالإرتياح التام لأداء سيلفيا مارسو، الممثلة القريبة جداً الى روحية المرأة المعاصرة "فهي ليست إمرأة حاقدة، إنها ليست كذلك، وتمكنت من أن تتحول الى إمرأة خسرت كل شئ".
وتعترف مارسو أنها قرأت المسرحية مرّات عدة "وبأنها تدخل ضمن مناهج التدريس في الكثير من المدارس الخاصة بالمسرح، وهذه الشخصية مألوفة جداً بالنسبة لي، لكن شعور الخوف كان يداخلني، لأن اللاتي قمن بتجسيد هذا الدور يعتبرن من أبرز الممثلات. أنها شخصية تتمتع بعالم داخلي غاية في القوة، تنتقل من حالة نفسية معينة الى أخرى، مستثمرة طاقة لا حدود لها".
وقد إستطاعت الموسيقى التصويرية التي رافقت العمل، وهي من تأليف إنريكه مورينتي، أن تعطي زخماً درامياً لجانب العقم الذي تناوله غارسيّا لوركا، ومدى تأثيراته السلبية على واقع المرأة.
و"يرما" ليست المرأة التي ترغب في إشباع رغبتها الشخصية فقط، وذلك عن طريق الإنجاب، لكنها أيضاً ضحية مجتمع القرن العشرين، الذي كان يفرض على المرأة أن تلازم المنزل، وتقوم بمهامها بين جدرانه، وتلتزم بتعهداتها كأمرأة، بحيث كان دور الأمومة شرطاً لا بد منه.
ومع مضي الوقت، هذا الواجب الذي كان يفرضه المجتمع ينتهي الى تدمير حياة البطلة، التي لا تتردد في الوقوف بوجه واقعها، بحيث يتّخذ ردّ فعلها شكلاً في غاية التعقيد، ويبلغ حداً لم تكن تتصور يوماً أنها ستجرؤ على الإقدام عليه.