الدراما السيكولوجية "روح" مهرجان الجزائر السابع للمسرح
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
كامل الشيرازي: شهد الشوط الأول من مهرجان الجزائر السابع للمسرح المحترف المستمر حاليا، حضورا قويا لموضوعاتية الدراما السيكولوجية، إذ اشتغل أكثر من ناص/مخرج على استثمار الطاقات الكامنة للممثلين من خلال تساؤلات مترعة حول إدراك الدواخل والرؤى النفسية بعيدا عن جدلية "الامتلاء والفراغ" السينوغرافية والتنميطات الجاهزة، ما يؤشر على اتجاه متجرّد يلقي بظلالها على دورة ليست كالأخريات.
الجزائر: ضمن هذا المعنى، حرص الدراماتورج الجزائري البارز "هارون الكيلاني" في أيقونة "ماذا سنفعل الآن؟" على تصنيع نسق فرجوي
وخاض موسى الطفل/الشبح العائد من قبره، رحلة داخلية في ذات إنسان تطارده سياط الاغتراب، ما يستنفر جاره "جلاّب" المأزوم بعقدة ذنب، ويلتهم الجنون جسده وعقله بسبب مطاردة أصدقائه الأشباح له، ما يدخله في دوامة تنتهي بانتحاره حرقا.
وبرّر الكيلاني خياره بسعيه لمشاكسة النخب ومعانقة رقي يبعده عن هاجس الاجترار والماضوية، مشددا على جنوحه إلى مسرح استفزازي هادر يسحق محاذير الكسل والغياب والضعف، وتجعل أب الفنون كائنا حيا يخترق الكون.
وفي عرض "نساء بلا ملامح"، آثر المخرج الجزائري الشاب "محمد إسلام عباس" التعرض إلى سياقات أنثوية ضائعة في جزائر 2012، وجرى استقراء نصية الدراماتورج العراقي "عبد الأمير الشمخي" التي اقتبسها "رابح هوادف" بشكل مغاير، حيث استحضر كلمة لطالما هيمنت على القاموس الجزائري اليومي، وحينما يقترن هذا الضياع بالنساء، يدفع المرء إلى البحث أكثر عن ماهية ضياع اتسعت حدقاته على مر السنين.
من هنا، برزت فكرة التعاطي مع نصية عبد الأمير الشمخي وإسقاطها بشكل مغاير على الراهن الجزائري المثخن بطابوهاته، ولعلّ ما حدث لآلاف النساء من جرائم اغتصاب وامتهان وعنف جنسي، يشكّل أحد أهمّ الطابوهات المسكوت عنها في مجتمع لا زال يمعن في النيل من الضحية ويتعامى عن الجلاّد.
استحضرت نساء بلا ملامح مأساة ثلاث فتيات تعرضت أنوثتهنّ إلى الاغتصاب على يد مقصلة لها قوانينها الخاصة، بقين لسنوات طويلة عنوانا للعار، يُعاقبن قسريا على ذنوب لم يقترفنها في مجتمع ذكوري يوزع أحكامه الجاهزة ويمارس وصاية مغلفة بألوان من القوالب التقليدية الغير معترفة بقوانين الحياة الحقّة.
وبقدر ما اشتغل العمل (75 دقيقة) على سيكولوجية نماذج أنثوية مقهورة بالأنا الذكوري المستبدّ، فإنّه مثل دعوة للكف عن تسويق ثقافة الأحكام الجاهزة، والانفتاح على عوالم المرأة الأم/الأخت/الصبية، واعادة الاعتبار لمن جرى ويجري قتلهن مرتين، واعتناق مذهب تواصلي بنّاء ينأى عن التعصب والتطاول ومحدودية الأفق.
ويستمر مهرجان المسرح المحترف، إلى الـ27 من الشهر الجاري في مناسبة تشهد تنافس 17 فرقة محلية على الجائزة الكبرى، في وقت تشارك ست فرق عربية، وهي على التوالي المسرح اليومي من تونس بـ" أصوات"، يناير تياترو من مصر بـ"وسّع الطريق"، أبعاد من المغرب بـ" نيجاتيف"، المسرح الحي من الأردن بـ"نيرفانا"، جماعة المسرح المعاصر من العراق بـ" القصيدة الأخيرة لحارس الفنار"، وكذا جماعة النيلين من السودان بـ"الدق والسكات".
وجرى إسناد رئاسة لجنة التحكيم إلى أحمد خودي، وبعضوية نادية طالبي، جهيد الدين هناني، وجمال بن صابر، فضلا عن د/علي عواد من العراق، عبد المجيد فنيش من المغرب، هشام كفرنا من سوريا، وشادية زيتون من لبنان إلى جانب الفرنسي إيفان مارسال روموف.
الثائر المتمرد.. وفنون الكلام
سيكون الدراماتورج الجزائري الراحل "كاتب ياسين"، حاضرا في المحفل من خلال يوم دراسي يتطرق إلى أعمال من يسمى الثائر المتمرد، في وقت سيحظى أربعة عشر فنانا مسرحيا جزائريا وعربيا بتكريمات، في وقت أبدى الممثل الفلسطيني "غنام غنام" تأثره الشديد بتكريمه تماما مثل فاضل خليل، وكمال الدين عيد، قائلا:"عندما يأتي التكريم من الجزائر فهذا يعني أن حضارة بأكملها تكرمنا"..
وترى الممثلة الجزائرية المخضرمة "سكينة مكيو" الشهيرة بـ"صونيا"، أنّ المحفل يشكّل مناسبة لرسم ملامح المسرح الجزائري في آفاق العام 2062، سيما وأنّه يشهد منعطفا حاسما هذا العام بإحياء يوبيله الفضي.
وكما جرت العادة، سيعرف المهرجان عديد الورشات التكوينية في ميادين التمثيل، السينوغرافيا، الإخراج، النقد، تقنيات الخشبة، المسرح والسينما، وكذا الكتابة الدرامية.
وسيشهد الموعد على هامشه إقامة فضاء يعنى بفنون الكلام، من خلال استعراض تجارب (القوالة)، الحكواتيين، الفرقة الموسيقية المرافقة وكذا عرض العرائس، مع توليفات لالرّواية القصّة القصيرة والكتاب في ضيافة المسرح، مثلما ستنظم ليلة للفذ الكبير غسّان كنفاني.