مأساة الموسيقى في مالي تحت سيطرة الإرهابيين الإسلاميين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
قلة من بلدان العالم تتسم فيها الموسيقى بأهمية اجتماعية وسياسية كما في مالي الصحراوية. لذا أُصيبت الأوساط الفنية والثقافية عموما بالصدمة إزاء منع الموسيقى في ثلثي مالي الذي سيطر عليه الاسلاميون. وكما قال انصار ماني مدير مهرجان تمبكتو اشهر الفعاليات الموسيقية في مالي قبل ان يُجبر على الهجرة فان "الموسيقى مهمة في مالي بوصفها حدثا يوميا. وهي ليست نشاطا فنيا يُمارس مقابل مردود مادي فحسب بل نحن من خلال الموسيقى نعرف تاريخنا وهويتنا. وكان شيوخنا يعطونا الدروس من خلال الموسيقى، وعن طريق الموسيقى نعلن حبنا ونعقد قراننا على زوجاتنا، وبالموسيقى ننتقد ونعلق على من حولنا". وفجأة وجد سكان شمال مالي أنفسهم محرومين من هذه الأداة الثقافية والاجتماعية بالغة الأهمية بقرار جماعات تتحدث باسم الاسلام.وكان العديد من موسيقيي مالي نالوا شهرة واسعة في الغرب. والقائمة لافتة حقا بالأسماء اللامعة، من علي فاركا توريه الى سالف كيتا مرورا بالفنانة التجريبية الجريئة روكيا تراوري. ومن لم يسمع بفرقة تيناروين الامازيغية التي فازت بجائزة غرامي للموسيقى العالمية وعزفت مع فرقة الرولنغ ستونز. وهناك الفنانة المناضلة اومو سنغاري وفرقة امادو وماريام لموسيقى البوب على الطريقة الأفريقية. وقام هؤلاء الفنانون على اختلاف مدارسهم واساليبهم الفنية بدور متميز في تعريف الجمهور الغربي على الثقافة الأفريقية وحضارة مالي العريقة، وكيف كان افراد العائلات التقليدية من الموسيقيين يعملون مستشارين للحكام وأمناء على تاريخ البلد وحافظوا على التراث الشفاهي من جيل الى آخر. ولكن الجماعات الاسلامية التي سيطرت على شمال مالي حاولت أن تمحو هذه الثقافة العريقة بالاكراه وبتر الأطراف وفي مجرى العملية فرضت على الموسيقيين الماليين ان يفكروا في سبل الدفاع عن الثقافة الوطنية بفنهم. ونقلت صحيفة الغارديان عن انصار ماني مدير مهرجان تمبكتو انه يشعر "بالخجل مما حدث لا سيما وان الأشخاص المسؤولين عما حدث يسمون أنفسهم مسلمين مثلي". وقال ماني ان الميليشيات الاسلامية منعت الموسيقى "لتفرض سلطتها بحيث لا يكون هناك ما يهددها. ولهذا السبب استهدفت الزعماء التقليديين والموسيقيين واستخدمت مفاهيم تعود الى 14 قرنا ولم تُطبق قط، كما لو أنهم أخذوا حاسوبا ومحوا الذاكرة الصلبة ثم فرضوا أفكارهم بدلها". وقال ايادو آغ ليش عازف الغيتار في فرقة تيناروين ان الشباب كانوا يمنعون من الاستماع الى الموسيقى والعائلات حطم الاسلاميون تلفزيوناتها لمشاهدة برامج موسيقية ولكن الموسيقى ظلت تصدح "تحت الأرض". وتحدثت فرق موسيقية أخرى عن ملاحقات مماثلة في المناطق الواقعة تحت سيطرة الاسلاميين. وقال بينو ابراهيم آغ احمد من فرقة تيراكافت انه أُجبر على الفرار الى الجزائر وفقد نصف يده. واضاف لصحيفة الغارديان "لا أعرف هذه الجماعات أو ماذا تريد" مشيرا الى مخاطر التنقل في مناطقها ولكنه أكد تصميمه على الاستمرار في العزف.
ويُلاحظ التصميم نفسه في العاصمة باماكو التي لا يسيطر عليها الاسلاميون ولكن موسيقييها يواجهون تحديات من نوع مختلف. وقال باسيكو كوياتي أشهر عازف في العالم على آلة نغوتي ان الموسيقيين في المدينة لا يستطعيون العمل بعد غلق الأندية وتأجيل جميع الحفلات وتناقص الأعراس تحسبا لاستهداف التجمعات العامة بهجمات ارهابية. واضاف ان السلطات طلبت من الجميع التريث بانتظار عودة الهدوء الى شمال البلاد.وكان فنانون من مالي بينهم كوياتي نفسه وفرقته "نغوني با" وسيدي توري والفرقة الطوارقية "تاميكراست" قاموا بجولة موسيقية أوروبية شملت بريطانيا وفرنسا غنوا خلالها للسلام ووحدة مالي وأراضيها وحماية ثقافتها.