مازن المعموري يستفزُّ اللونَ بالشعْر!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
إذا اجتمعت موهبتا الشعر والرسم، فلاشك انّ دهشةً ما سنرى معالمها واضحةً في اللوحة والقصيدة ليشكلا ثنائياً متناغماً يُحَلِقُ في فضاء الروح. ومازن المعموري الشاعرُ والفنّان امتلك الموهبتين، فهوشاعرٌ عراقيٌّ برز اسمه في تسعينيات القرن المنصرم وأصدرَ عدة مجاميع شعرية اضافة الى نشاطه المميز في الساحة الثقافية العراقية، وهوماجستير فنون تشكيلية -يحضرُّ للدكتوراه حالياً- وكان نشاطه على مستوى الفن التشكيلي واضحاً من خلال مواضبته في انجاز الكثير من الاعمال الفنية، وأصدر العام الماضي كتاباً عن الفن التشكيلي كان عبارة عن قراءة لإعمال زميله الفنان "كاظم نوير" .
في أعمال مازن المعموري ثمة أحلام تبدو قريبةً وبعيدة، قريبة حينما يبدو اللون واضحاً براقاً يسجل حضوره بثباتٍ يتحدى فيها البصر، وبعيدة حينما يبدأ اللون بالمضي في مساحة اللوحة ليتبدد عند أطرافها، ويبدو ان"مازن" يحاول أن يخلخلَ اللون بلعبة حاذقةٍ مغريةٍ وهو يمارس خيال القصيدة في فضائه ليجعل من اللون يتقد في جملٍ مرهفة ومتواصلة بموسيقى داخلية هي الأقرب من قصائده التي نجدُ فيها ذلك النزوع الرومانسي لإكتشاف الجسد بكل عواطفه واحتراقاته وشبقه.
إن شَكلاً جديداً بدأتْ تتضحُ معالمهِ عبر هذا المزج الكيماوي ان صح التعبير بين الشعرِ واللون في بوتقةٍ واحدة فيتحول اللون بانزياحٍ تلقائي الى شهقة شعريةٍ تحمل كل انثيالاتها ويكون الشعر لوناً يختزل طفولته وهو يعدو على سطح اللوحة بكل براءة.
إنها ليست لعبة فحسب بل هي لحظات صوفيةٍ تتوزع طقوسها على مساحة اللوحة.
لقد عمد مازن المعموري الى توظيف كل خبراته (القرائية) كونه مختصا في الفن التشكيلي في ان يتناول الشعر كتوأم روحي للرسم جاعلاً من الفرشاة لسان حال الشاعر، وهو العارف باداته التقنية وخبرته الثقافية الممتدة لربع قرن.
لقد كان الترف اللوني في لوحات الفنان مازن المعموري يحمل الإنكسار بل هوتناقض متعمد حين تكون هذه الالوان المترفة البراقة تعاني من هزيمة داخلية تستطيع رؤية مايلفها من خراب نفسي قاسٍ عاشه الفنان في ظل حروب وحصارات ألقت بظلالها على كل شئ.انه يقدم لنا سيمياء دالة من خلال تلك الكتل اللونية الزاهية والمنكفئة الوجوه وملامح غير واضحة تحاول الاختباء في الوقت ذاته.
إلا ان مازن المعموري يحاول ايجاد الحُلُم من خلال صياغة جديدة تتمثل بهذا الحوار العاطفي الداخلي بين شخوص تحلم بالحب، إنها قصائدَ متناثرة هنا وهناك على اللوحة، قصص حب واحلام باذخة بألوانها الزاخرة.
ان الدخول لهذه العوالم لم تكن لتتجسد بدون هذا الشحن الشعري الذي طوعه المعموري بدربةٍ ودرايةٍ وانسجام وهو يتعمد الانزياح الشعري بفعل فرشاته والوانه مع تسخير فضاء يشي بعمق الدلالة والذي لم يغب عنه تأثير الواقع بيومياته المؤلمة التي تحاول الاطاحة بتلك الاحلام، إنه الصراع المستمر، الصراع الذي يقبع في الزوايا الرمادية التي نسمع انينها، لكن الطموح للوصول ظلَّ هاجس المعموري الشاعر والرسام متجسداً بهذه الانثيالات ومعانيها التي هي صدىً لاحلام شباب تحاول الحروب تضييعهم وتسليمهم لليأس والانكسار.