حسن ناصر: شرخ في عتمة
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
شقت قطرة ماء طريقها على زجاج النافذة حيث يتكاثف الضباب..شقت دمعة ساخنة طريقها من زاوية عين ارهقها الارق على جلد شاحب يوشك على التجعد.. بنظرة (( حزينة )) فتح لها الضباب شرخا ، اطلت السيدة على المحطة المقابلة.. موجات ضوء واهنة تأتي من بعيد وتستلقي على حافات البرك.. الظلام ثقيل يترك للعين الحزينة ما يثيرها.
لِمَ تغادر الآن؟حدقت المرأة بعبور الرجل ساحلا حقيبته من خلال الشرخ الضيّق. لكن عبوره لم يكن خاطفا ، كان بطيئا..شاعريا كما ينبغي ان تكون عليه النهايات التراجيدية. انسحبت الى عمق غرفتها.. رصدت حركة اقدامها واستمعت الى وقع اقدام متخيل لعبوره.كررت السؤال : لم تغادر الان؟لم تكن قادرة على كسر الصمت المحيط بها، استسلمت لمرارة اللحظة الطويلة التي تشكلت خلالها علاقتهما. همست لنفسهالو تتأخر فليلا!بدت النافذة له معتمة لكن حوافها سربت خيطا من ضوء وشى بوجود سيدته الحزينة تقف هناك..همس.- هكذا ستبقين طويلا..ارتفعت برودة المياه الى ساقيه وتسللت الريح الى جيده على الرغم من لفاف الصوف الذي وضعه. حاكته يداها في لحظة حب.. ووضعته على جيده.. منذ متى! منذ ثلاثة ايام او ثلاثة اعوام او حتى ثلاثة قرون.. لافرق انه في الماضي ليس إلا.تلمّس لفاف الصوف.. لقد صنعته على غرار قصتهما.. عقدة اثر عقدة. تشابك لايحل.. حركة بكل الاتجاهات.. ولكنها تنتهي ايضا عند كل حافة. - لماذا تبقين هكذا؟ لم يستطع الرجل ان يستمر.. توقف امام النافذة.. كان يخاطب مربعا من العتمة يتوسطه شرخ رفيع يمرر بصيصا من ضوء.. حزر انها تراه من نافذتها العالية: غريبا.. غامضا.. مسافرا.................هي : الى اين تشد الرحال؟ كنت معي. هنا بقربي.. معا حلمنا.. ومعا رفعنا صوتنا بالغناء عن سر احزاننا.. ماالذي يغريك في هذا الظلام؛ أهي وعورة الطرق.. أم تراك اشتقت الى المضي متجردا الا من حقيبة فيها عدة اوراق لاتعني احدا سواك.. لِمَ تقرر الان التوغل في كهف الظلمة والمطر والارتحال؟ هو : للعتمة هنا احتمالات لا نهائية.. ما زلت تجهلين كعهدي بك ما يعنيه وجودي السافر وسط الانواء.. انها الحياة تلك التي ربطتنا معا في لحظة من سعيرها.. اتدرين انك كنت تصنعين من مودتك واهتمامك المفرط بي تابوتا كان علي ان اتمدد فيه شاكرا مبتسما.. وها انا الان امام نافذتك المعتمة الا من شرخ.. طليق.. المطر يداعب وجهي.. والريح تستفز في لحمي ضرورة البقاء. لك دفء المنزل.. ولي اضطراب الانواء في فضاء حر.هي : لم تغادر الان؟ سؤالي هذا يبدو ضربا من الغباء او الجنون فلم تمكث بجانبي لحظة؟.. الان ادركت أنك كنت معي مغادرا من مكان ((سابق)) ليس باستاطعتك ان تواطن محبيك. فحبك رحيلك.. وجودك الغامض في جو مشبع بالاضطراب.. انت مغادر الان.. وحتى حين تستلقي في مكان اخر وتعتقد انك تمكنت من توطين نفسك لن تكون في الحقيقة سوى مغادر يستريح.. الان ادركت انك ما احببتني قط.هو : لقد احببتك...في لحظة ما.. ولكني اكتشفت أن علي التنازل عن جناحي هل تعرفين ان روح الطائر في جناحه..كان علي ان اموت كيما اكف عن الطيران.هي؟ لم تكن طائرا كنت رمادا لكنني توهمت للحظة اننا اضطرمنا معا.هو : انا اسير ما يستعر في اعماقي.. الا تشعرين بهمسي وانا احترق ايتها العزيزة.. احترق..هي : رماد.. رماد.. ها انا ارى بقاياك هنا.. جئت رمادا وذهبت.. توهمت انني احببتك. هو : توهمت انني احببتك.هي : اذهب اذا سابقى هنا.هو : وداعا ولكن لي فضيلة الرحيل الى مكان ليس له صفات:"راحل الى حيث تشرق الشمس خلل الغيث المنهمر..راحل الى حيث يلائم الطقس ثيابي.متحاشيا الرياح الشمالية الشرقية ،ومبحرا مع نسيم الصيف،اسافر شطحا على وجه المحيط كما حصاة" (1)- نهاية -انحدرت قطرة المطر وتكاثف الضباب على زجاج النافذة.. غاب الشرخ في العتمة.
جدة 1992أغنية هاري نيلسون الشهيرة (1969)
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف