"الركض فوق بساط البلور" كتاب جديد لزكريا عبد الجواد
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الكويت:عن دار مدارك للنشر والتوزيع في دبي، صدر حديثا للروائي والإعلامي زكريا عبد الجواد، كتاب "الركض فوق بساط البلور" في مسعى لرصد هموم وآفاق الهجرة العربية إلى بلاد الشمال الباردة، التي تنامت بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة.فمن خلال عدد من الرحلات إلى كندا على وجه الخصوص، يسعى الكتاب للاقتراب من تلك التجربة، طارحا العديد من التساؤلات الموجعة منها لماذا ينجح العرب، أكاديميون، ساسة، علماء، فنانون، أطباء، إعلاميون، رجال أعمال، وباحثون هناك، بينما يدورون في بلادنا حتى نهايات العمر بحثا عن فرجة ضوء. وكيف تأتيهم فرص التفوق، والمنافسة، وإثبات الذات هناك، ويطاردهم الإحباط، واليأس في " بلادُ العُربِ أوطاني"هم أنفسهم هؤلاء العرب اليائسون، المحبطون في بلادهم، الذين يجأرون بالشكوى بين أهاليهم وفي بلدانهم، هم أنفسهم الذين ينقلبون إلى النقيض هناك، يحترمون القوانين، يجتهدون، ينافسون الآخرين بكفاءة، يحتلون مناصب مرموقة، يتفوق أبناؤهم، يثقون في أنفسهم وفي عدالة سوف تنصفهم دون واسطة ودون أبواب خلفية يفتحها في العادة في بلادنا مسؤول أو ضابط شرطة أو نائب برلمان.في مقدمة الكتاب يقول المؤلف "سافرت لأعرف. وكررت الذهاب مرات.... لكن عطش الروح ظل باقيا. يحرضني في كل مرة على الارتحال إلى هناك، حيث الزمن مغاير، والرؤية مختلفة. وحيث البرودة القارسة كفيلة بضخ الدفء في مهجة ظلت معلقة بين مكانين.... وهائمة في فضاءين، ودائمة الهوى نحو ما يبعث في القلب السكينة."ويضيف: "سافرت لأسأل. وظل السؤال معي. انطلقت لأدور في كندا التي تسكن الغرفة الأخيرة من بيت العالم، وتلاصق آخر جدار شمالي للأرض.. أسأل بحيراتها المليون، وأنهارها التي بلا حصر، فضاءها اللانهائي وجليدها الدائم، عن سرّ بلد لا يضم سوى ملايين قليلة من البشر. كلهم - إلا قليلا - مهاجرون قدموا من بلاد الدنيا بحثا عن رحابة، أو هربا من جوع أو حرب أو مطاردة. جاءوا إليها حيث المناخ مغاير، واللغة مختلفة، والثقافة متعارضة. رحت أسأل عن تلك البوتقة التي تمكنت من صهرهم ومزج إمكاناتهم والانطلاق بجهودهم - ومن بينهم عرب - لتتبوأ مكانتها السامقة، وتحتل على مدى سنوات متتالية المركز الأول على مستوى العالم في قائمة أفضل مستوى للمعيشة والتعليم والخدمات الصحية والديمقراطية والحرية واحترام حقوق الإنسان. بينما بلاد اللغة الواحدة والثقافة الواحدة والمصير المشترك، تراوح في نفس المكان الذي كانت عليه قبل عشرات السنين، أو تتراجع رويدا"ما الذي جرى فدفع الدفء في العروق هناك رغم الصقيع الذي يطارد تلك البلاد طيلة نصف العام؟ وما الذي يجري فتسري البرودة في أوصال أمة قادت الدنيا زمنا، ورفرفت أنوار حضارتها في مختلف الأرجاء؟ ما الذي حدث؟ وما الذي يحدث؟ وكيف يمكن في نهاية تلك الإغفاءة الطويلة... أن نفتح العيون وندرك؟"يواصل الكاتب "كانت السنوات التي أعقبت العام ١٩٩٠ قد شهدت حركة واسعة من الهجرة إلى كندا، فجأة اندلعت النيران في المنطقة العربية، حرب أهلية في لبنان، عشرية سوداء في الجزائر، حرب بلا معنى بين العراق وإيران، ثم مغامرة حمقاء تدخلنا في دوامتها رعونة حاكم, أطلق جيشه ليحتل دولة شقيقة، وفي مصر يسد حكم فاسد نوافذ الأفق أمام أبناء شعبه، فيهرب الذين شربوا من ماء النيل ويبحثون في أرجاء الأرض عن طمأنينة.فساد وقمع وجهالة وضيق أفق، هبت فجأة وأجبرت أعدادا كبيرة من أبناء الأمة الواحدة على الانطلاق بحثا عن بقعة توفر لهم أمانا لم يعثروا عليه في بلدانهم، سافروا واستقروا، نجحوا وتعثروا، بكَوا طويلا وأضناهم الحنين دائما، باتوا أعضاء في جسد غريب، اندمجوا وذابت أجيالهم، لكن القلب ظل يحمل توقا للأوطان."في كندا، حيث يعيش عرب كثيرون، انطلقوا يحلمون بالاستقرار والأمان، هناك قصص كثيرة ينبغي أن تروى، ثمة نجاحات هائلة وثمة أوهام، غير أن هناك أيضا تجربة مهمة خاضتها تلك الدولة ونجحت فيها، حين تمكنت من جمع خليط من بشر في معظمهم مهاجرون، أتوا من ثقافات مختلفة، من دول بعيدة أو قريبة، تمكنت من صهرهم جميعا في بوتقتها. كيف حدث ذلك؟ كيف استطاعت كندا أن تجمع الشامي على المغربي؟ وكيف نجحت في تحويل هذا التنوع إلى قوة دفع هائلة، وتمكنت من توظيفه لصالح التنمية والبناء والتقدم؟ كيف استطاعت أن تصب جهودهم في الهدف الأساسي المتمثل في بناء البلاد وتفوقها وتمايزها، بينما تتصاعد في شرقنا الأوسطي نغمات الطائفية البغيضة، ونزعات التشرذم والتمييز، وشرارات حروب الكلام البدائية؟ كيف تجمع كندا كل هؤلاء، وتستغل إمكاناتهم؟ بينما نحن الذين نشترك في الكثير من الأسس، نتباعد، ونتناحر في معارك خائبة؟"السر دائما يكمن في العدل، وفي احترام الإنسان وتقديره والإيمان بأن الإبداع في داخل كل إنسان. غير أن المهم دائما تحفيزه، وتنميته واكتشافه منذ بداياته. فهل أدرك الذين في بلادنا، قيمة أن يشعر الإنسان بأنه آمن، وأنه سوف يُنصف، وأنه إن اجتهد، سوف يثاب؟ هذا هو السر في كندا. وهو الذي يبحث عنه الناس هنا وهناك .. وفي أقصى بقاع الأرض.نجح الروائي والإعلامي زكريا عبد الجواد في كتابه "الركض فوق بساط البلّور" المكون من سبعة فصول، في رصد هموم الهجرة العربية التي تسجل تزايداً ملفتاً في أعداد المغادرين لأوطانهم بحثا وطن بديل، كما نجح في عرض مفارقات مثيرة للأسى والدهشة.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف