ثقافات

سلفادور دالي: المعرض الشامل

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
برشلونة: أقام متحف "الملكة صوفيا" في الاسبوع الاخير من شهر نيسان اكبر معرض على الاطلاق للفنان "سلفادور دالي" 1904-1989، هذا ما يتفق عليه كل النقاد والخبراء في شأن "الدالية" المحيرة و المثيرة الفضول منذ الربع الاول من القرن الماضي من حيث الانتاج التشكيلي، و الادبي، و حتى الفلسفي بجانب عمله المسرحي و السينمائي، هو الذي بنى أسطورته حيا، و جعل من "هذيانه" اساسا لعمله الفني، مفاخرا سيطرته على التقنية كما كلاسيكيين عصر النهضة مثل "رافائيل" و "تيسيان".ظهور "دالي" بين فترتين حاسمتين في تطور المدارس الفنية على مدى القرن الماضي جعل منه فريدا و خصوصيا و هو كان يعي ذالك، أعني الحداثة التي بدأها الانطباعيين بين نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين، ليصل الى التحول الجذري الذي جربته الحركة الفنية في الستينات فيما سمي ب "البوب ارت".التهيئة لهذا المعرض الرائع استمرت اكثر من 3 سنوات، و بعد مفاوضات متعبة و شاقة بذلها مركز "بومبيدو" للفنون في باريس، و متحف الملكة "صوفيا" المدريدي تمكن من اقناع العديد من المتاحف و المؤسسات الفنية في مختلف يلدان العالم أعارة مقتنياتها من اعمال الفنان، أقناع أصحاب اهم اعمال "دالي" كان أصعب في بعض الاحيان، اخيرا، المجموعة كانت 200 لوحة، و هذا رقم قياسي في تأريخ معارض الفنان خلال العقود السبعة الاخيرة، و أقيم هذا أولا في مركز "بومبيدو" للفنون في باريس خلال الاشهر الستة الاخيرة، تحت عنوان "كل الايحاء الشعري، و كل أحتمالات التشكيل" و ها هو ياتي مدريد تحت نفس العنوان، و كما حدث في باريس يصير هذا المعرض من اهم الاحداث الفنية في اسبانيا.حيث تتراكم أسراب الزوار أبواب المتحف و الانتظار لساعات من اجل الدخول، لان الفنان و اسمه يثير الاثارة دائما، ليس فقط بين العارفين في الفن و الفنون، و انما على ابسط المستويات الشعبية.يتكون المعرض من 11 جناحا تعكس مراحل تطور الفنان منذ الطفولة، ففي الاثنين الاولى نرى تخطيطاته و رسومه الاولى التي تكتض ب "بورتريهات"شخصية بجانب لوحات ر سمها للعائلة بجانب مناظر طبيعية لقرية "كاداكيس" شمال أقليم "كاتالونيا" وهذه القرية ستكون لاحقا مسكن شيخوخته، الجناح الثالث و المهم بأعتقادي هو الذ اطلق عليه أسم "العسل اكثر سكرا من الدم" و فيه نشاهد انتقال "دالي" الى دار اقامة الطلاب العتيدة في مدريد، و هناك يتعرف على الشابين أبطال تلك الدار و هما "فيديريكو غارثيا لوركا" الذي سيصير شاعر اسبانيا الاكبر، و "لويس بونويل" الذي سيكون فيما بعد أحد اهم مخرجي السينما في العالم، في هذه المرحلة يجرب الفنان تحولا جذريا أثناء هذه الصداقة الحميمة، "لوركا"من غرناطة و "بونويل من قرى "سرقسطة" و هو من قرى شمال أسبانيا، هذا يجعلني أتذكر رفاقي في "أكاديمية الفنون الجميلة"في بغداد التي كانت تزدحم بشباب مبدعين من قرى الجنوب و من قرى "كردستان" و تعامد حب الفن و لوعته جعل من معظعمهم فنانين رائعين دون شك. في هذه الفترة يتخلى الفنان عن البساطة و السذاجة احيانا و يكتشف سهولة التفوق، يكتشف سموه على الاخرين و يكتشف عبقريته ليسخر من الواقع الثقافي، و يسخر من مثقفين تلك الفترة في رسوم عرفت ب "الفطائس النتنة" ليبدأ مغازلة التكعيبية و المستقبلية.الجناح الرابع يمثل نضوج الفنان بعد انتمائه الحركة "السوريالية" و عمله السينمائي المشترك مع "بونويل" تحت عنوان "كلب اندلسي" و يتعمق في دراسة "فرويد" الذي سيداعب "تدهور؟" صحته العقلية ليرسم لوحات بالغة الغرابة في استخدام عبقري لخيال الجنون اللحظي و الحلمي، و صار من اكبر المعبرين عن "الفرويدية" فنيا حيث نفذ أكثر لوحاته شهرة مثل "الاستمنائي العظيم" و "الحاح الذاكرة" التي سميت ايضا الساعات المائعة، 1931، و هذه اللوحة أعارها متحف نيويورك للفن الحديث لهذا المعرض، و من متحف "فيلاديلقيا" تأتي اهم لوحاته و التي تعددت عناوينها هنا تسمى "البخار المائع لفاصوليا مسلوقة" 1936 يتنبأ فيها "دالي" وشوك وقوع الحرب الاهلية الاسبانية المدمرة، ثم لوحة "تحولات نرجس"، و متحف الفنون البلجيكي يعير واحدة من اجمل لوحات الفنان "غواية القديس انطونيو"، هنا يتخلى "دالي"عن الفطائس و الجثث المحببة ليمنح عمله بعدا فلسفيا و دينيا بالغ التعقيد و يعمق في المعنى "الهذياني" في لوحاته و يعيد رسم لوحات كلاسيكيين الرسم مثل "فيلاسكيز" و "ميليت" و يعيد رسم لوحة هذا الاخير "صلاة التبشير" حيث يحول الانثى الى حشرة فرس النبي تفترس الذكر بعد المضاجعة، هذه كانت من اكثر مراحل الفنان ثرائا فنيا من كل نواحي القنية الاكاديمية. الاجنحة التالية تمثل المرحلة الاميركية، فبعد الحرب العالمية الثانية يغادر للمرة الثانية الى الولايات المتحدة ليتفرغ الى أختراع نفسه من جديد كمحاضر و نجم تلفزيوني و كاتب، و يرسم مجموعة من الرسوم التوضيحية لكتابه "الحياة السرية لسلفادور دالي".الجناحين الاخيرين جهزت لعرض العديد من مقتنيات الفنان الشخصية، من أدوات المرسم و الكاميرات و الخطوطات و الصور، بجانب العديد من نماذج مساهماته السينمائية مع "بونويل" و "الفريد هتشكوك".معرض مدهش ، رائع و فريد سيستمر حتى شهر ايلول القادم، أخيرا، لمعلومات أكثر حول سلفادور دالي بالامكان قراءة مقالاتي "سلفادور دالي، انا السوريالي الاوحد" و عودة الى السوريالي الاوحد" ثم "كلب اندلسي"

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
شكراً لمشهداني وأيلاف
ستار كاووش -

موضوع رائع عن الفنان الذي شغل القرن العشرين كله وما يزال بغرائبية أفكاره وتقنياته وعظمته المجنونة ، تحليل رائع وأنسيابية في المعلومات المهمة حول الفنان الخالد وطريقة العرض في هذا المعرض المهم . تحية الى أستاذ حميد مشهاني المبدع والمثقف المهم وشكراً لأيلاف على نشرها هكذا مواضيع رائعة .