سعاد الشاهين شاعرة الإيروسية بالشعبي: انا جريئة.. لكنني لا اتجاوز الخطوط الحمر!

بغداد: تعد الشاعرة الشعبية العراقية سعاد الشاهين من اجرأ الشاعرات العراقيات اللواتي يكتبن بالعامية، وقصائدها تثير الاعجاب مثلما تثير الدهشة والاستغراب والرؤى المختلفة لدى السامعين، فهي لا تتورع من ان ترسم صورها الشعرية مزججة بالتأويلات التي تتضح على سطح القصيدة بشيء من الهدوء والمواربة التي تفتح الباب رويدا.. رويدا الى تفسيرات تتجسد في ذهن المستمع على شكل صورة، لكنها ازاء ذلك، ومع اعترافها انها تنقل الواقع في القصيدة، ترى انها لا تتعدى المألوف سواء في القبلات او الاحضان او العناق متسائلة: هل انني وحدي التي تحضن حبيبها وتلام على ذلك!. * من اين لك هذه الجرأة في الشعر؟- منذ طفولتي وانا جريئة وليس في طرح الشعر، حتى في اسئلتي لمعلمتي انا جريئة، فأنا سباحة وفارسة ورياضية حيث كنت في طفولتي بطلة العاب ساحة وميدان، فأنا تربيت تربية (مضايف عشارية عربية) والمضايف مدارس، وكنت احب القيادة، كنت اذهب الى المزرعة وأمارس هواياتي في السباحة والفروسية وقيادة الزوارق، فجاءت جرأة الشعر من بيئتي، فحين يجلس ابي في المضيف وأجلس بجانبه اتناقش كما يتناقشون. * لكنها جرأة تتجاوز الخطوط الحمر؟- انا، من وجهة نظري، لم اتجاوز الخطوط الحمر، وهناك الكثير من الشعراء حاولوا الكتابة بجرأة ولكن الخجل يمنعهم، ولكن المشكلة انني لست خجولة في كتابة قصائدي على الرغم من انني خجولة بطبعي في الحياة، لذلك كل قصائدي جريئة، انا اعتقد بوجود محرمات، ولكنني لم اتجاوز الحدود ولم اكسر المتعارف عليه، فقصائدي تتضمن القبلات ووصف الشفايف والعناق احيانا، ولم اصل الى ابعد من ذلك الا اذا انت تراه غير ذلك، خذ مثلا ما في هذه القصيدة: ((وشفايفك تين وعسل، وسوالفك سكته ودفن)، وحتى حين اتحدث عن الحضن والعناق، الا يوجد احد يحضن احدا، الاخ يحضن اخاه والاب يحضن ابنه والحبيب يحضن حبيبته، فالحبيب عندما يستقبله حبيبه لابد من الحضن، او انني وحدي التي تحضن حبيبها وتلام على ذلك. * لكنه حب يضج بتجاوز لغة الغزل الى لغة الجسد؟- نعم.. مفهوم الحب عندي فيه جرأة، يتعدى الكلام الى الملامسة، والحب ان لم تكن فيه جرأة ليس حبا، والقصيدة ان لم يوجد فيها غزل بصورته الحقيقية.. ليست قصيدة ايضا، وانا لا ارى في قصائدي اغراء او اغواء، وان كان.. فللقصيدة فقط، فأنا احس ان القصيدة ان ذهبت منها الصورة الشعرية ستذهب حلاوتها، فحلاوة القصيدة ان اكون جريئة. * الا ترين انك تكسرين حدود المألوف؟- انا لا اتعدى حدود التقاليد واكتب ضمن الحدود ولكل قصيدة عندي لها حدود.. في وقتها ومناسبتها، فحين اقرأ قصائدي بين مثقفين غير ان اقرأها بين اخرين من بيئة اخرى، فلن تكون لدي الجرأة نفسها لأقرأ. * هل تقرئين قصائدك حسب طبيعة المجتمع؟- نعم.. لكل فئة من المجتمع اقرأ له قصيدته الخاصة، مثلا انا احضر في مجتمع ريفي له اعرافه وتقاليده، فأقرأ له ما يتلاءم معه، وكذلك المجتمع المثقف اقرأ له ما يلائمه. * ذات مرة قرأت قصيدة في نادي العلوية هزت الحاضرين، اليس هذه جرأة صارخة تبعث على تفسيرات سهلة؟- في نادي العلوية قرأت لمجتمع نخبة، وانا احفظ القصيدة التي قلت لحبيبي فيها:( مثل ما تريد رهمني / كذب وي غيرك انا ارهميا زيبق.. بيدي تتلاعب / تلمني لو عليك ألتميا محراب الصلاة والصوم / قلبي بين ايديك اسلمحلاوة ليل عيد الله / وطعم جمار برحية وبعد اطعمكفاني الشوف بعيوني/ اريد بكل ايديّ ألزم )يعني اني قلت له: لايكفيني.. ان انظر اليك بعيوني فقط، فتعال احضنك، ولا ارى في هذا عيبا ولا خجلا. - الا ترين ان في هذا تجاوز في الحب الى الايحاءات الجنسية؟- وماذا اعمل؟ هذا لانني معجبة بالحبيب، وانا لا اريد ان افضح ما بعد الذي قرأته لك، ولا اعرف ماذا ستقول اذا ما قرأته لك، وهو:(وأخضك خض لبن شجوة / لحد ما الزبدة تتلملمعوافي بحلق اليشربون / ترجع وانا خالي الصميا مترهي.. وعليك ارهى/ رهاوة معضد بمعصمرسمت العالم بلوحة / ورسمت وحدك بمرسموأحنن لك حنان الام /على اللي بقماطه واتيتمتعال وأدنه يم حلقي / يا زاد وبيك كنت احلماجرعك لو صرت زقوم/ وارضى بسمك اتسممبعد يا ناس الـ..تهمك / وانا بيا ناس تدري اهتممحبتك شروة ربحانه/ وقفت بسوقك محزمدغاوي الشاعرة التغويك/ يا الغاوي شوكت تفهم )وانا هنا.. اتساءل هل التفاحة هي التي اغوت ادم ام حواء؟ ثم لماذا تعتبرون الجرأة تجاوز؟ انا جريئة ولكنني لم اتجاوز الى ابعد من الحقيقة، واذا تقصد انني تجاوز الى الجسد فماذا افعل وقد سلمت جسدي كله لحبيبي، فلم يبق لدي شيء، وهذه خصوصيتي. *وحي الشعر حين تكتبين عن خيال ام وقائع على ارض الواقع؟- اجمع بين الاثنين، وليس عن نفسي فقط بل عن كثير من القصص التي اسمعها وأنفعل معها فتكون ادواتي كلها موجودة في تلك الحالة، فأجدني اكتب قصيدتي عن كثير من المواقف التي اعيشها، سواء في الحب والجسد، تحدث لي او لصديقاتي، مثلا احدى الصديقات تحكي لي باكية عن قصدة حدثت لها فأترجمها شعرا، قبل ايام اتصلت بي احدى الصديقات عن حالة مع حبيبها آذاها فيها، فكتبت:( يا الماتستحي ولا تخجل من الناس/ ولا ساعة ضميرك دقت بصدركولا دمعات عيني غزرن وياك بعتني وما قلت بأرخص ثمن بعتكبعتني بسوق جمعة وسعري زاد عليك/دولارك نزل وانا ارفعت سعرككنت وياك سكة وريل ومحاط العشك تشهدوكنت وياك رمش وعين وخلافك جفن ارمدوكنت وياك حرش وطين ضانكني العطش وامتدوكنت وياك سبحة وايد ما تقبل رخاوة وشدوكنت وياك كلمة وسر دفنته وما قلت لاحداناخوا بالهوى وساروا وجملهم حمل وابعدايا راهب كنيسة مريم العذراء ما مروا على المعبدايا حادي بضعنها شلون ساموا وسعرها شكداشابج عشرتي والطم على البكلة يتفرهدوبعد ساعة ويشيل شراع يبحر بالحلك والخدويكض سكان المهيلة ويراويك الجزر والمديا غالي ونظر عيني يا لبقربك عشت مسعدخسرت المعركة وياكم لجن ما مات الستشهدلذلك ما بجيت ولا لبست اسود) * من علمك الشعر؟- في البدء كان بالفطرة، لكن عندي بدايات من امي وابي وجدي وعائلتي، منذ كان عمري تسع سنوات وانا اتحدث في (الابوذية) و(الدارمي) ثم انتقلت الى الموال وفيما بعد كانت كان لي حضوري كشاعرة. * متى شعرت ان لديك القدرة على تجاوز الشاعرات الاخريات بالجرأة؟- كل الشاعرات العراقيات احترمهن وأضعهن على رأسي، ولكن ما يميزهن ان الخجل باق معهن وكذلك التقاليد ولديهن قيود في طرح المواضيع او ربما لم يصلنّ الى المرحلة التي تميزهنّ، الى حد الان اريد ان اقرأ او اسمع صورة شعرية تعجبني لكنني لم اجد واغلبهن اختص بالشعر الوطني، ولا اعرف ان شاعرة معينة كتبت شعرا غزليا ما عدا صفية نصر الله (الله يرحمها) ولميعة عباس عمارة.
* هل جربت كتابة الشعر بالفصحى؟- لا..، ولكنني ألمع مرات في القصيدة. * هل تعرضت الى موقف محرج بسبب شعرك هذا؟- كثيرا ما تعرضت الى مواقف محرجة، فضلا عن ان الشعراء لا يعطون مجالا للشاعرات وخاصة انا، فما ان اريد ان اصعد الى منصة، ولانني اتكلم في الغزل، يكون الكل حذرين مني، والى حد الان انا محاربة من قبل بعض الشعراء بسبب الغيرة مني كما يبدو. * كيف تنظرين الى الحب في حياتك؟- الحب اسمى شيء في قلب الانسان، الحب الصادق، سواء كان للحبيب او للصديق، وان كنت انا مغدورة في الحب، لانني لا احب سوى العراق، لم يأت حبيب اكبر من العراق، صحيح انني احببت ولكن لم احب احدا قدر حبي للعراق وليزعل حبيبي، انا احببت وتزوجت وصار عندي ابناء.
* هل يوافقك زوجك على كتابة هذه الجرأة في الشعر؟- وماذا في شعري حتى لا يقبل، أليس ما اقوله هو له ومن وحي ما يحدث بيني وبينه؟، انا عندما اتغزل.. فأنا اتغزل بحبيبي وزوجي واتباهى به وما اكتبه منه له ولا اخجل. * ولكن هذا الـ (له) بخصوصيته يذاع على الملأ؟- انشره.. نعم، ولماذا لا اقرأه على الملأ، فهو حبيبي وانا اتباهى به ولا اشعر بخجل من اي شيء اقوله،فهو حقيقة وانا ارسم صورها شعرا. * ما الذي يميزك عن سواك من الشاعرات؟- مبدأ (خالف تعرف)، بصراحة انا اخالف الموجود لكي يعرفني الاخرون، وان كنت اشعر انني لم اخالف كثيرا، لكن الصورة الشعرية عندي دائما تجذب الجمهور وأنا اختار صورة معينة ولكن (لا ادوس فيها الى العمق) ولكنني احاول ان اضع لها حدودا. * ما دمت تتحدثين عن الغزل والجمال، هل بهرك جمال امرأة ما وكتبت عنه؟- نعم.. وتعجبني فيها اناقتها وشخصيتها مثلما لا احب المرأة التي (تطق بعلكها)، لا يثيرني جسد المرأة طبعا ولكنني حين اشاهد امرأة جميلة اعبر لها عن اعجابي بجمالها، وذات مرة أحدى مذيعات التلفزيون طلبت مني ان اكتب عنها قصيدة غزل، وكانت ترتدي ثوبا احمر، فقلت فيها:اريد ابدي وأخاف من النهاية / جمالج آية والفستان آيةاخاف حجاية تنكال إلج وتغير الحال، يا الحبج بحر غركني مايهبعيونج قريت احلى المواويل / ضياء الصبح بيها وظلمة الليلالشعر من غير جلمات / سفر ما بي محطات، بعيونج قريت الحب روايةعلى خدودج ورد لو موردة هي / وشوك الروح الهن زاد حد حدهبيهن احلى الالوان / وردي ولون رمان/ عذاب كلوبنا عدجن هويهاريد ابدي واخاف من النهاية * اي شيء بقي لديك تريدين قوله في نهاية الحوار؟- اعتذر اذا ما احد فسر قصيدتي على انها تخدش المشاعر او يفسرها بتفسير اخر ابعد من الحقيقة، انا اكثر غزلي بعراقي الحبيب، بناسي، بالشجرة، وبالنخلة.