ثقافات

متاحف القصور الملكية تحكي تاريخ مصر الحديث

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في كل دول العالم تحكي قصور الملوك والقياصرة الذين حكموها جزء من تاريخ تلك الدول وتشترك كلها في مظاهر البذخ والثراء والفنون المعمارية الفريدة حتي تبقي نبراسا يذكر الأجيال الجديدة بعظمة وتاريخ الأجداد .لم تكن مصر ذات التاريخ الممتد استثناء من ذلك ، فبغض النظر عما تذخر به من كنوز الحضارة الفرعونية، ظلت القصور الملكية فيها مليئة بعوالم من الاسرار والحكايات، حيث بقيت شاهدة علي تاريخ أمة وحياة شعب، مرت به احداث وثورات غيرت مجرى التاريخ القديم والحديث فيه.خصوصية هذه القصور أيضا أنها مرت بمرحلتى حكم ملكى وجمهورى بما شمله من ملوك ورؤساء. فقد سكن هذه القصور ملوك ورؤساء بعضهم حقق تقدماً لبلاده وآخرين لن يذكرهم التاريخ.من أبرز القصورالمصرية التي مازالت مقرا لحكام مصر قصر رأس التين و قصر أنطونيادس اللذاين شهدا قرارات غيرت مصير مصر، أما قصور القاهرة فهى عديدة مثل قصر عابدين الذي لايسقط ابدا من ذاكرة المصريين لما شهده من أحداث وتاريخ ، هناك ايضا قصر الدوبارة وقصر القبة وقصر العروبة أو القصرالذي شهد حكم مبارك وفيه أنتهت حقبة حكمه التي يعتبرها البعض فترة حكم حالة الظلام في تاريخ مصر المعاصر.
قصر رأس التيننمر في جولة علي القصور الهامة التي ارتبطت عند المصريين بأحداث تاريخية هامة، ففي الأسكندرية نجد علي سبيل المثال قصر رأس التين ، أحد أهم المعالم التاريخية الأثرية فى المدينة، تعود أهميته التاريخية إلى أنه القصر الوحيد الذى شاهد وعاصر حكم أسرة محمد على باشا فى مصر، كما يعد من أقدم القصور التى أقيمت فى مصر، ويطل على شاطئ البحر المتوسط مباشرة، ويعتبر من أهم معالم الأسكندرية بشكل عام ، وقد شيده محمد على باشا وإستعان بمهندسين أجنبيين فى بنائه، وتم إفتتاحه رسمياً عام 1847 وهو مشيد على الطرازالأوروبى، وبنى على شكل حصن، وقد سمى بهذا الاسم لوجود أشجار التين فى المنطقة، وكان مقراً صيفياً للأسرة الحاكمة ،وقد أعيد بناؤه فى عصر الملك فؤاد على طراز آخر يتماشى مع روح العصر الحديث وأصبح مشابهاً لقصر عابدين في القاهرة ، ولكنه أصغر منه.نجد في بدروم القصر صالة متصلة بسلم لمرسى يخت الملك ،لقد شهد القصر أحداثا مهمة ، من أهمها علي الإطلاق ًو هو إنتهاء حكم الأسرة العلوية لمصر والإنتقال من الحكم الملكى إلى الحكم الجمهورى وذلك بخروج آخر ملوك مصر " الملك فاروق الأول" وعائلته بعد ثورة 23 يوليو سنة 1952 على ظهر اليخت الملكي متجهين إلى إيطاليا، ولم يعد إلى مصر إلا بعد وفاته ليدفن فى مدافن الأسرة المالكة فى الرفاعى .أما قصر انطونيادس، فهو موجود بمنطقة النزهة بالأسكندرية ويعد من أهم قصور الثغر الأثرية حيث شهد أحداثاً تاريخية فى تلك الحقبة الزمنية.يرجع بناؤه إلى عصر البطالمة، وكان ملكاً لأحد أثرياء اليونان وعرف باسمه حتى هدمه محمد على، وأقام مكانه قصراً سنة 1860 وكان محاطاً بحدائق بها نباتات وأشجار نادرة، وقد استضاف ملوك وعظماء مثل ملك اليونان وفرنسا، وأسبانيا، وقد أقام فيه الملك فؤاد والأميرة فوزية إمبراطورة إيران وزوجها محمد رضا بهلوى "شاه إيران". كما شهد توقيع إتفاقية الجلاء بين حكومة مصر سنة 1936 الممثلة فى حزب الوفد وبريطانيا للإنسحاب من مصر لمنطقة القناة، وغرست شجرة بمدخل القصر تخليداً لهذه المناسبة. كما شهدت قاعات القصر الإجتماع التحضيرى لإنشاء جامعة الدول العربية فى إتحاد واحد، وإستمرت حتى الأن ومقرها كما هو فى القاهرة. وقد منح القصر ليضم إلى مكتبة الأسكندرية سنة 2004 م.
قصر عابدينمن الاسكندرية الي القاهرة نجد قصر عابدين الذي يعتبر )جوهرة قاهرة القرن التاسع عشر( فهو يحكى تاريخ مائة عام من الأحداث الإجتماعية والسياسية من القرن التاسع عشر فى تاريخ مصر وقد أطلق عليه "جوهرة القصور الملكية" لتميزه بالتراث الكلاسيكى وهو يضاهى القصور الأوروبية بمعماره، وقد شهدت قاعاته وأروقته صعود وهبوط ملوك وحكام ورؤساء.شيد على يد الخديوى إسماعيل بن إبراهيم باشا، خامس حكام مصر فى الأسرة العلوية وقد بنى مكان القصر القديم الذى كان ملكاً لأحد أمراء المماليك )عابدين باشا( وإشتراه إسماعيل وهدمه وضم إليه بعض الأراضى المجاورة له لتصبح مساحته 24فداناً وإحتفظ القصر الجديد باسم صاحبه القديم )عابدين( وكان يضم غرف كثيرة وأسقف منقوشة بارزة ومكتبه ضخمة تضم حوالى 55 ألف كتاب وأطقم مذهبه من الأثاث ومبنى منقوش بأسماء الملوك.اكتسب قصر عابدين أهمية خاصة لمكانته في قلوب المصريين، فللمرة الأولى يترك الحاكم برجه الذى يحكم منه فى القلعة لينزل لقلب العاصمة وسط شعبه ليحكم مما يعد نقطة تحول، وقد شهد هذا القصر أحداثا ساخنة طبعت بصماتها على تاريخ مصر. شهد قصر عابدين مظاهرة فى 9 سبتمبر سنة 1881 بقيادة الزعيم أحمد عرابى الذى قدم فيها مطالب لأمة والجيش للخديوى توفيق وكان قوله المأثور) لقد خلقنا الله أحرار ولم يخلقنا تراثا أوعقاراً ( وأعقبتها ثورة المصريين ونفى أحمد عرابى ودخول الإنجليز لمصر. قصر الدوبارةنتجه الي قصر الدوبارة وهو قصر الأميرة ) أمينة بنت إلهامى بن عباس حلمى الأول ( وهى زوجة الخديوى توفيق " ووالدة عباس حلمى الثانى الذى عزله الإنجليز سنة 1914 عن حكم مصر وكانت الملكة تعرف بلقب أم المحسنين وهو يقع فى حى جاردن سيتى.أصبح قصر الدوبارة المقر الرسمى للمندوب السامى البريطانى بعد فرض الحماية البريطانية على مصر وتم إتخاذه مركزاً للحكم الفعلى لمصر وفى تلك الفترة صدرت من داخله الأوامر التى تقيد حرية مصر وتكبلها فى الإحتلال وتستنزف خيراتها واستمر ذلك حتى قامت الثورة سنة 1952 وتلاها جلاء الإنجليز عن مصر. قصر القبةيعتبر قصر القبة هو أكبر القصور فى مصر ويرجع تاريخه إلى عهد الخديوى إسماعيل وتم بناؤه على بعد عدة كيلومترات شمال وسط القاهرة ، وكانت تحيط به الحقول الزراعية والقرى الريفية، فى فترة حكم الخديوى توفيق صار القصر الذى ولد فيه محلاً لأفخم الإحتفالات وحفلات الزفاف الملكية وكما كان يعبر فيه زائروه عن شديد إعجابهم بحدائقه الغناء وخلال فترة حكم عباس الثانى من 1892 إلى 1914 صار القصر وحدائقه مضاهياً لقصر عابدين الرسمى وكان يضم أعمال ومقتنيات ثمينة، وضمت مكتبته 150 ألف مجلدا ومخطوطات هامة مثل أوراق محاكمة سليمان الحلبى ومراسلات محمد على مع الملوك وخرائط حدود المياه الإقليمية لمصر ودستور سنة 1923 بخط الملك فاروق.عندما إعتلى فؤاد الأول عرش مصر سنة 1917 صار القصر مقر الإقامة الملكية الرسمى وخلال فترة إقامته أمر بعدة تغييرات على القصر وأضيفت محطة سكة حديد خاصة بالقطار الملكى حيث كان الزوار يأتون مباشرة سواء من الأسكندرية أو من محطة مصر المركزية للقطارات فى القاهرة وتوفى فؤاد الأول فى هذا القصر وقام الملك فاروق بإلقاء أول خطبة عبر الإذاعة المصرية فى 8 مايو سنة 1936 من هذا القصر وذلك أثر وفاة والده فؤاد الأول.بعد ثور يوليو 1952 وماتلاها من إعلان الجمهورية صار القصر أحد القصور الرئاسية الثلاثة فى مصر والقصران الأخران كانا قصر عابدين فى وسط القاهرة وقصر رأس التين فى الأسكندرية وقد كان الرئيس جمال عبد الناصر يستقبل الزوار الرسميين فى هذا القصر كما سجى جثمانه هناك بعد وفاته إنتظاراً لجنازته فى تاريخ 1أكتوبر 1970 ولايزال القصر مقراً رسمياً لإقامة الزوار الرسميين لمصر. قصر العروبةاعتلى قصر العروبة مكانة هامة فى التاريح المصري الحديث ، فهو القصر الذي حكم منه حسني مبارك البلاد لمدة 30 عام وأصبح شاهد على أصاله وقوة وقدرة الشعب المصرى على وضع حدا للظلم والقهر مما مر عليه من سنوات.مر هذا القصر بثلاث مراحل: قصر العروبة، ثم قصر الاٌتحادية، ثم قصر رئاسة الجمهورية. وهويقع فى منطقة مصر الجديدة بالقاهرة فى حى هليوبوليس، صممه المعمارى البلجيكى" أرنست جاسبار" وقد أشرفت على بنائه أكبر شركتان للإنشاءات ويضم 55 شقة و 400 حجرة بها قاعات بالغة الفخامة وأثاثه على طراز لويس الرابع والخامس عشر مفروشة بسجاد شرقى فاخر بالإضافة إلى أعمدة رخام إيطالية. عاصر الحربين العالميتين، وفي أثنائها تحول فى بعض الأحيان إلى مستشفى عسكرى ومكان لتجمع ضباط الإحتلال البريطانى فى مصر. بعد الثورة فى الستينات كان مهجوراً ثم أصبح مقراً لوزارات حكومية حتى سنة 1972 عندما شهدت مصر فترة رئاسة السادات وأنشئ إتحاد الجمهوريات العربية الذى ضم ) مصر سوريا- ليبيا(، وعرف باسم قصر الإتحادية أو قصر العروبة. بعد ذلك وضعت خطة صيانة للقصر حافظت على رموزه القديمة وأعلن المجمع الرئاسى فى مصر وأصبح مقراً للمقابلات الرسمية ولاستقبال الرؤساء والملوك وتسيير شئون الدولة. ولم يكن الرئيس السابق يقيم فى القصر إلا فى أوقات العمل الرسمية وقد شهد هذا القصر طوال الثلاثين عاماً الماضية العديد من القرارات المحورية والمفصلية في تاريخ مصر المعاصرة، قرارات صدرت و لم تكن لمصلحة مصر وشعبها بل لمصالح شخصية كان من شأنها تغيير مصير المجتمع المصري في العديد من المجالات ، وهو ما قاد في النهاية إلى اندلاع ثورة 25 يناير.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف