ثقافات

جواد كاظم غلوم: بيتي النائي عن قفار بغداد

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

يا ذا الملاذ الذي يفتحُ ذراعيه لاحتضانييا ذا الحضن اللاسع حنوّاًيعتصرُني بإضمامته القويّةفردوسي في هذه الدنيا الموحلةعندما ينْأى صحبيوتخلو شوارع مدينتي من المارّةوتقفلُ المتاجرُ أبوابها فزَعاً .في أوّل الليل يتحرك العاهرونوسماسرةُ السِفاحيزنون ببلديويُقتَلُ أهلي بيدِ الأغراببيتي الصغير المقفر من العويلوسادتي الوثيرة الناعمةالمزركشة بالأحلامِ الوديعةحين ينام القتلى في العراء ساكنينويئنّ الجرحى صارخينمرتعي الآمن في غابات الموتعندما يطاردُ كاتمٌ مبحوح الصوترفاقي وندماني الذين أتوق إليهممأوى أسراري وأرشيف كلماتيحينما يشاع الرصاصُ في الطرقاتوتتناثرُ الأحزان مثل ضبابٍ معتوهساكتٌ عن نزقي وثرثرتيعندما تصمّ أذاننا اصوات ذئاب الليلرادمٌ للأذان المعلّقة بجدرانهحين ينتشر المخبر السريّورعاةُ التلصّص وآخذي الرشىساترٌ فضائحي اذا انسلّتْ عاشقتي خلسةًوأخفتْ ملامحها عن عيون المتربصينبيتي النائي عن الضجيجفي زمن هراء الخطابة والنعيقوحسيس النار وفحيح الأفاعينغَمي الذي لاينقطعُ جريانهُفي صباحات فيروزعندما يعلو النشاز ويُوسخ نقاوتناحزامي الذي يسند ظهري في كدح الحياةحينما ترتخي حبال الحبّمثل دودةٍ في وحْلٍ طرِيٍّمتّكاي البارد في هجيرة السمومفي سعير الحقد الأحول العينينمروحتي في رابعة النهارعندما يعصف اللهبُ الاحمر .قيلولتي في الظهيرةحين يوقظني السوط ويلسع ظهريكأسي وخمري "عندما يأتي المساء"قبل ان أُرغم على تناول الأسيدويلهب جوفي ويحرق أحشائيمرفأي ليلةَ أقتعد ضفّة " النهر الخالد "وهم يُسمعون الملأ الأدعية الفاسدة عنوةً .بهجتي وانا أجالسُ "كليوباترا"أتملّى قوامها الحلُمَ يتمايل مع الألحانوأعجب بأنفها الذي غيّر خارطة العالممن قبل ان يُظهروا اشباحاترتدي نقابا مخيفاً ولحْيةٍ شعثاءوجَبيناً ضالاّ بغُرّةٍ سمراء مصطنعةبيتي البعيد في ذلك الزقاقاكثر سعة من باحات السجون الواسعةومعسكرات اللاجئين العريضة .ومدّخرات كتبي التي خدشت عقليوأحدثت صدعا واسعا عريضا في ذاكرتياكثر رحابةً من دكاكين المتنبيوزوايا " الأزبكية " المظلمةالمليئة بمخبري الثقافة وهواة الزعيقبيتي الذي يتنحّى جانباًطُبعتْ على جدرانهِ حنّاءُ السكينةاعلى سقفهِ نافذةٌهربتْ منها سموم المتلصصينحاملي الكلمة الناحلةوالأقلام الهزيلة التي برَتْها سكاكينهموأظفارهم التي تلمُّ القذاراتسوره العالي مانعٌ من رعاديدِ الليلوزوارِ الفجر والبائلين في الازقّة الخلفيةبيتي العفيف العتَبةيعبس بوجهي إذا ماداسهُ فاسدو الأقداموثقيلو الظل وحواة القرود والأفاعييهزأ بابتسامتي المصطنعة امامهميشتمني حين تطأ نعالُهم بلاطَهُ الصقيلبيتي لايعرف التزلّفَ والتلوّنلايُحسنُ تحريكَ ذيلَهُ ككلابٍ داجنةولأن ميزانَهُ غيرُ مائلتراهُ لايجيدُ الكيلَ بالحصىولا الميلَ والانحناء للنفائسلايأنسُ تعاطي المنشّطاتفي ملاعبهم وسباقاتهمبيتي وحده يرتمي في القفارتُسمَعُ في أركانهِجلبةُ خيولِ أبي محسّدوبصمةُ صوت صهيلهاتوسعُ من جدرانهِتُزيدُ من رحابتهِيَرِنُّ في زواياهُ زئير الأسُودوهي تخرجُ من عرينِهاتنداح من حديقتِهِ تغريداتُ البلابلِوهي تغادرُ أعشاشهاوفي أعلى سطحهِتتعالى خفقاتُ أجنحةِ الصقوروهي تصفقُ في الريح بسطاً وخفضاًبيتي ليس قِنّاً للديَكةِ المبحوحةِ الصوتولا جُحْراً لجرذانِ الطاعونولا حضيرةَ مواشٍ تساقُ للمسالخِبعد تسمينِها من طعام النفاياتِ والمزابلبيتي الرائق الطيّب البحبوحةليس وكْراً تحاك فيه المؤامراتوتنسجُ فيه الدسائس والمكائدبيتي ليس سقيفةًيتخاصمُ فيها أدعياء المُلْكولامغارةً تُخفي ملفّاتِ المغدورين غيلةًوالمرقّنة قيود قاتليهم ضد مجهولفبساطُهُ نسجٌ طاهر المخيطولَبَناتُهُ تعانقُ إحداهما الاخرىوأطيانهُ صلدتْ مثل عمدِ السماءوأحجارُهُ من نسل كبرياء الجبالفلتعصفي أيتها الصرصر العاتيةلن تَهِدِّي أركانَه مهما شددتِوانتحبْ أيها المطرُ الأسودلن اتنحى قيدَ أنملةٍ عن جَنَّتي
jawadghalom@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف