المخرجة الإيرانية مانيا أكبري: السينما تهدد الحكومة

لم ينجح السرطان ولا الاعتقالات والنفي من طهران بحد طموح مانيا أكبري وثنيها عن صنع الأفلام المسيسة القوية، حتى أصبحت تلقب بـ"امرأة ايران الحديدية".

هربت مانيا أكبري من مسقط رأسها طهران الصيف الماضي، لكنها لم تتخلى عن هدفها المتمثل بمعالجة قضايا المجتمع الايراني مثل الزواج والإجهاض والكفر والسحاق وغيرها من المواضيع التي تعبر من "التابوهات".الكثير من المتاعب مرت على أكبري في حياتها الخاصة، فاختبرت ما هو شعور أن تفقد امرأة ثديها بسبب مرض السرطان، كما انها انتجت أفلاماً سببت لها المتاعب مع السلطات وأثارت غضب وصدمة المؤسسة الدينية.اليوم، وبعد 15 سنة من الرقابة و"العيش في الخوف والإحباط"، تمكنت أكبري من مشاهدة آخر أفلامها تعرض تجارياً للمرة الأولى.الممثلة والكاتبة والمخرجة الايرانية البالغة من العمر 39 عاماً لم تختر العيش في المملكة المتحدة، فهي أرغمت على ذلك بعد أن تعرض طاقم تصوير فيلمها للإعتداء والاعتقال من قبل السلطات الايرانية بحجة أنها صورت العمل (من طهران إلى لندن: نساء بلا صدور) من دون الحصول على إذن رسمي.خافت أكبري من أن يكون مصيرها السجن فهربت إلى لندن, تقول المخرجة الايرانية لصحيفة الـ "غارديان": "رحلت عن بلادي وأنا أشعر بالحزن والخوف والإحباط. لكن مع ذلك، كنت فأعيش في ايران غربة وعزلة رهيبة. لم أتمكن من الحصول على إذن لتصوير أفلامي أو عرضها. ما زلت أحب إيران. ما زلت مفتونة بها. لقد أعطتني الإبداع، ولكن كان علي أن أغادر".أكبري مخرجة افلام عصامية، قالت انها قدمت خمسة أفلام روائية طويلة، عملت عليها بسرية تامة وبميزانية محدودة جداً، بينما كانت تعمل أيضاً كمصورة ورسامة. وتم عرض أفلامها في أكثر من 40 مهرجاناً، وفازت لأول مرة بجائزة أفضل فيلم في مهرجان البندقية السينمائي، الذي كان بعنوان (20 اصبعاً).وعملت الشابة الايرانية على الأفلام الوثائقية التي كانت مسيسة أكثر من اعمالها الدرامية، ففي العام 2011، قدمت ما وصفته بأنه "وثائقي الحذر من الغضب والانتقام والعنف والقانون"، حول طفل اسمه بنهود نفذ فيهم حكم الاعدام من قبل الدولة الإيرانية.وتتحدث أكبري في أفلامها عن الصراع الداخلي في المجتمع الايراني والكفاح من أجل السعادة، والسيطرة في العلاقات الجنسية، والامومة ومشاعر الحب التي تآكلت بفعل العلاقات الجنسية.يرزت أكبري للمرة الأولى على الساحة في عام 2002 حيث لعبت دور البطولة في فيلم للمخرج الإيراني عباس كياروستامي (تين) وهو فيلم تدور أحداثة بالكامل داخل سيارة.وقالت أكبري: "لقد علمني كياروستامي كيف أتجرد من نفسي ومن الحدود التي يفرضها علي المجتمع. علمني كي أتحرر في عملي من كل القيود وكيف أتعرى كلياً بالمعنى الدرامي".في عام 2007، تم تشخيص أكبري بنوع عدواني للغاية من سرطان الثدي. في فيلمها (10 +4) الذي كان نوعاً من التتمة لفيلم كياروستامي، قالت أكبري انها اكتشفت كيف يعيش الانسان مشاعر الحياة والموت في وقت واحد."السرطان ليس مجرد مرض"، كما تقول. "انه مرض قادر على تغيير مظهرك بقدر ما يستطيع تغيير داخلك. نحن نختبئ وراء جلدنا، لكن أحد مفاهيم الفن هي تحديد المعاناة، أو حتى الموت، بشكل مختلف لاعطائها معنى جميلاً".تأثرت أكبر بالكثير من السينمائيين والأعمال الوثائقية، من ضمنها فيلم مايكل هانيكي الحائز على جائزة السعفة الذهبية "رقصة بين الحب والموت" - وفيلم "إعادة تدوير الأرقام" لهنري مور، والراقصين مثل هنري ماتيس، ولوحات بابلو بيكاسو.أعمال المخرجة الايرانية تبدو وكانها خليط بين الخيال والوثائقي، لكنها تقول انها تتدرب أشهراً طويلة قبل البدء بتنفيذ أفلامها "فإذا توقف رجل، في منتصف الجملة، ليبعد خصلة شعر عن وجه زوجته، فهذا ليس من قبيل الصدفة".وتضيف: "من خلال السينما، يمكنك أن تأخذ جمهورك بأيديهم وترشدهم على نواحي حياتك. أنا أحمل معي كل تجربة واجهتني".من جهة نظر غربية، قد يكون من الصعب أن نفهم لماذا تمنع الدولة الإيرانية عرض الأفلام أكبري، وكأنها تشكل تحدياً وجودياً لها. لكن هذا الأمر صحيح، فأكبري تقول إن "السينما يمكن أن تجعل الناس أكثر إدراكاً، ولذلك فمن الممكن أن تهدد الحكومة التي تريد فرض أيديولوجيتها على الشعب".