العنصر الغرائبي والبناء الأدبي والفني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إن هذا المفهوم وإن شغل الحيز الكبير من أعمال كثيرين من رواد الأدب والفن الغربي حديثا على نحو بارز، ليس بدخيل ــ إطلاقا ــ على الثقافة العربية بشقيها الأدبي والفني،بقدر ما هو ضارب بجدوره عميقا في الأسطورة العربية القديمة، على سبيل المثال لا الحصر، السيرة الهلالية وألف ليلة وليلة وبعض مذاهب الصوفية..
إن مجابهة المبدع لعوالم الحقيقة المريرة بجراحاتها وأوجاعها وتناقضاتها وأقنعتها المتفق عليها واتسامها بمنظومة قوانين عمياء رادعة وقمعية أكثر من اللازم في تغييها وقصديتها إقصاء كل ما من شأنه تعبئة النفس بأشكال ممكنة من ترعرع قابيلة التوجه صوب النزعة الإنسانية ورعايتها وتطويرها ..قلت إن هذا بالدرجة الأولى كفيل بزرع مواقف الرفض و الإنزياحات واختلاق المناخ الغرائبي والفانتازيا المموهة المتماشية والحالة الآنية ، يجري كل ذلك من قبل هذا النموذجي الخلاق، تنقيبا على طفولة بريئة غافية في تنايا الروح الشفافة المنقادة دوما بما هو فطرة مترفعة على الإنغماس في مستنقعات الرذيلة، تلكم الروح المتدثرة بالبياض، المتألمة من هول ما يتراكم عليها من أحداث يتم فيها تسخير المنطق وفق ما يكرس للأنانية المريضة ويشتغل على تعطيل دور الفكر الجمعي كأداة في تغييبها لا حديث& عن فعل حضاري ينسينا جهالة البدائية وفوضويتها..والأحساس الذي يتلبس متملي لوحة مجسدة لهذا الرمز أو متبلورة ماهيتها عليه، هو ذاته ، أي الإحساس، مع تفاوت نسبي في بريق الملامح أو خفوتها، لحظة الإنتهاء من مشاهدة شريط سينمائي أو الإصغاء لمقطع موسيقي أو قراءة نص أدبي، شريطة ألا تخرج هذه الوسائل وهي تستهلك، عن نسقها الغرائبي الرامي ابتداءا إلى إيقاظ الدهشة الكامنة فينا كآدميين كلما هددت عقولنا صدمة واقع مهيمن حديدي القبضة والسلطة، لا يمكن التخمين بمدى خطورتها ولا تحديد أجل الغيبوبة الناجمة عنها..
ولست هنا لأتوغل أو أتشعب في رؤية تأويلية محددة لتسليط مزيد من الضوء على عنصر الغرائبية، محور مادة مقالتي هذه، على اعتبار أن التطرق له وتناوله نقدا ودراسة وتمحيصا حصل مع نخبة من الغيورين على مسارات التطور الأدبي والفني عربيا وعالميا ، والمراجع طافحة وتنضح بهذا الخصوص.. غير أنني أريد أن أختم باستقراء جوهري مستلهم مما تشي به الحالات العالمية المرضية والموحية بتأثر الأجيال الصاعدة بالميل إلى مثل هذا الرمز وبصم الحقلين به ،الأدبي والفني ، نظرا لقيمته وثرائه وقدرته الخارقة على الإثارة العاطفية والفكرية ، تمهيدا لناشئة من المتلقين تحترم ذاتها وهويتها من خلال نبذ السائد و الثورة على تكرر سيناريوهات توليد ما نلمحه اليوم من هزائم وانكسارات وخدر وولوج متاهات مدشنة للتشظي والفرقة ومسهلة لنفاذ مآرب الطامع والشامت إن عدوا أو صديقا..
شاعر مغربي/14/11/2014&
&