ثقافات

يوهان لودفيغ رونيبيرغ.. شاعر النشيد الوطني الفنلندي

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


ابتداءا من مطلع كل عام وحتى نهاية شهر شباط تغزو الاسواق والمقاهي الفنلندية كعكة شهيرة تسمى "كعكة رونيبرك" التي لا تتوفر الا في هذا الموسم من العام. اما لماذا سميت الكعكة بهذا الاسم ولماذا تنزل الى الاسواق في موسم بعينه من العام؟! فإن الاجابة الشافية عن هذه التساؤلات تقود لحياة الاديب الفنلندي الشهير يوهان لودفيغ رونيبيرغ، إذ انّ تلك الكعكة الشهيرة ما هي الا جزء من الاحتفاء بهذا الاديب الفنلندي الذي ترك وراءه آثارا ادبية عديدة من ابرزها مقطوعته الشهيرة "ارضنا" التي تعتبر الان النشيد الوطني الفنلندي.
يوهان لودفيغ رونيبيرغ Johan Ludvig Runeberg ولد في الخامس من شباط عام 1804 في مدينة بيتر ساري الواقعة جنوب غرب فنلندا، والمطلّة على احدى ضفتي خليج بوتانيا الواقع بين فنلندا والسويد والذي يمثّل امتدادا طبيعيا لبحر البلطيق.
كان رونيبيرغ ميّالا للمدن الساحلية لذلك كان يفضّل الاستقرار في المدن القريبة من البحر، حينما ترك مدينته الاولى الساحلية فان رونيبيرغ انتقل الى مدينة توركو الواقعة في اقصى جنوب غرب فنلندا وهي مدينة ساحلية ايضا مطلة على خليج فنلندا الممتد الى بحر البلطيق، في العام 1828 وبعد ان انهى دراسته الجامعية في الفلسفة هناك في مدينة توركو انتقل الى مدينة هلسنكي الساحلية حيث اسس بمعية نخبة من الادباء والكتاب صحيفة "هلسنكي فورس مورغون بلاد" عام 1932 وترأس تحريرها حتى العام 1937، لينتقل بعد ذلك الى مدينة بورفو ليشغل في فترة من حياته منصب أستاذ الأدب الرومي، مدينة بورفو ايضا تعتبر من المدن الساحلية حيث تقع على ضفاف خليج فنلندا، وبقي في تلك المدينة حتى وفاته في السادس من ايار عام 1877. هكذا هم الادباء يفضلون تلاحين الطبيعة بهدوئها وغضبها على صخب المدن، زرقة المياه وخضرة المحيط عاملان حيويان لمزاج الشاعر والاديب وهكذا كان يفضل رونيبيرغ، رغم ان فنلندا اساسا ليست الا عبارة عن ارخبيل طويل عريض من الجزر والبحيرات تمسك احداها الاخرى.. غابة من اشجار الصنوبر، السرو، والصنوبر البري& وغيرها تلاصق المدن الصغيرة والكبيرة وتسوّر معظم المباني هناك.
مستعرضا الموضوعات الادبية المختلفة ومتناولا بيئة الريف الفنلندي وطبيعتها الساحرة كتب الاديب والشاعر رونيبيرغ سلسلة من المجموعات الشعرية، هانّا، الأيائل، الملك فيالار، وغير ذلك من الاثار، اما اشهر اعماله فهي ملحمة "الملازم ستول" وقد كتبها في العقد الخامس من القرن التاسع عشر، الملحمة الفنلندية تتحدث عن الصراع الروسي السويدي على فنلندا والذي انتهى عام 1809 الى سيطرة روسيا على فنلندا بشكل كامل، الملحمة الشعرية كانت تلتقط وسط ركام الحرب والنزعات القومية صورا انسانية عند جميع الاطراف وتقدمها في اطار ادبي شيّق من هنا اخذت اهميتها في الادب الانساني.
اما قصيدة " ارضنا " التي كتبها رونيبرغ عام 1848 فقد تحولت فيما بعد الى النشيد الوطني الفنلندي الرسمي، ولان رونيبرغ من الاقلية السويدية في فنلندا وتعتبر لغته الام هي اللغة السويدية فقد كتب القصيدة بداية باللغة السويدية، لكنها ترجمت فيما بعد الى الفنلندية على يد يوليوس كروهن عام 1867. القصيدة تتكون من احد عشر مقطعا يغنى منها كنشيد وطني المقطع الاول والاخير، ارضنا اخذت طابعا رسميا كنشيد وطني لفنلندا منذ مطلع القرن العشرين، اما قبل ذلك فقد كان يتغنى به الفنلنديون كمقطوعة وطنية لحنت من قبل فريدريك باسيوس عام 1848.
تزوّج رونبيرغ من الاديبة السيدة فريدريكا رونيبرغ، وهذه الاخيرة كانت شهيرة باخلاصها لزوجها وحرصها على الوقوف الى جنبه في مختلف الاوقات، وفي احد الايام احب رونيبيرغ ان يأكل شيئا بمذاق حلو وشهي، فطلب من زوجته شيئا من ذلك القبيل، حينها لم يكن في بيتهم ما يلبي الطلب فقررت ان تصنع له كعكة جديدة مما يتوفر لديها من مواد، وهكذا ولدت تلك الكعكة الشهيرة بهذه التوليفة الخاصة التي احبها رونيبيرغ واحبها بعده بقية الفنلنديين فاسموها بذلك الاسم تيمنا بهذا الاديب الفذ وزوجته الوفية.
ما يذكّر برونيبيرغ ليس ما تبقى من ارثه الادبي وكعكته الشهية فحسب، بل اضافة الى ذلك شيّد له تمثال بارز وشهير في حديقة اسبلاندي الشهيرة الواقعة في مركز المدينة قرب ميناء هلسنكي، نحت التمثال من قبل النحات والتر رونيبرغ عام 1855. وكجزء من التمثال الكبير يقع في الجزء الاسفل منه تمثال لفتاة فنلندية ترفع لافتة كتب فيها نص يشير للنشيد الوطني الفنلندي، مضافا الى ما تقدم فهناك جائزة سنوية باسم "جائزة رونيبيرغ" تمنح الى افضل منتج في مجال الادب الفنلندي، ويعلن عن الفائز فيها في الخامس من شباط.
&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ما بعد الكعكه
المهدي -

قرانا عن الكعكة ولم نقرا له قصيدة !! ولو ببيتين!

قصيدة وشاعر
سلمى -

مقالة جميل, وهي أكّدت لي ما قرأته وأقرأه من شهادات تتغنى بفرادة وعظمة هذا الشعب... وأوافق صاحب التعليق الأول, حبذا لو أرفقت المقالة ببعض النماذج من شعره.. شكراً لإيلاف وللكاتب

قصيدة وشاعر
سلمى -

مقالة جميل, وهي أكّدت لي ما قرأته وأقرأه من شهادات تتغنى بفرادة وعظمة هذا الشعب... وأوافق صاحب التعليق الأول, حبذا لو أرفقت المقالة ببعض النماذج من شعره.. شكراً لإيلاف وللكاتب