علي العمري: الفخ بين نقطتين على خط مستقيم
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
&
بين نقطتين، حياتي تتحرك على خطٍّ مستقيم، أحيا عكس ما أتخيل، مُـــتورِّطٌ وكلَّ يوم أعانق المأزقَ أكثر، أنضجني التكيّفُ بعد مران سنواتٍ، فما من مهندسٍ كالقدر يَصْـفع &مُـعـوجَّـاً ويدلُّه الطريقَ، توازنتُ مرغماً لكي لا أسقط، فالضريبة باهظةٌ لمن يسقط على خط مستقيم، شكّلني الواجبُ كما يشاء، واجبُ ألا أكون أكثرَ من حَـــبْــلٍ ينشدُّ بين الوظيفة والبيت، واجب أن أتماسك كأبٍّ سيقتله الأبناءُ ذات يوم، وأن أتيبّسَ في بطاقة، وأدوس قلبي على الســـدَّة كل صباح، بعضي انتصر عليَّ ولم يسمح بالتخاذل، حرَّم الانفلات أو التسكع في الطرق المتعرجة، كنتُ أداةَ إرادةٍ صلبةٍ لأعيش جاداً في مهزلة غيري، لم أتعلّم اللهو، وبالنسبة لي كلُّ صحراء مزرعةٌ للفشل، ومحرقةُ أحلام، خضعت بلا تذمر، برواقية قروي مصابٍ بفقرٍ في الدم، أرعبني العوزُ وخوفي من الضياع مَرَضي، قادتني سذاجتي إلى التفاهة، وبوهم أن أصل اللُبَّ تكدست حياتي بالقشور، توطَّـنتُ، وباكراً مغامرتي جفَّت من نفسها، لأظل مثل ثور معذَّبٍ يحرث نفسَ المسافة كلَّ يوم.&هزمني بعضي المتحكمُ بي طيلة النهار، ولأجْـلِ اللقمة أتقنت ما في الغباء من المكر، نزاهتي يلعبها في العادة كلُّ دجال، وهزيمتي يرفعها بعضي كالراية لئلا أجوع، ولأنني مولودٌ في الليل، أستيقظ عادةً في الظلام، أشعر كما لو كنت أنفض عني غبارَ البلادة، فقط لسويعاتٍ قليلة، أنتبه لي منهكاً شوهتني الاستقامةُ، أخترع سيناريوهاتٍ مضحكةً لبدائل مستحيلة، أتساءل لِمَ كل هذه البلادةِ شرطٌ لاستمرار حياتي؟&حواسي كفّـت عن العمل وتآكلت من صدأ التكرار، وعيناي بنظارتين، واحدةٍ لغشاوة البعيد والأخرى لأتبيَّـــن كم القريبُ مقرفٌ، لساني مُـدَرّب يعي أن الزلَّة باب إلى التَّــهْــلُـكة، وأصابعي رخوة أتمنى لو كانت مسامير، لأندفع بشهوة وحش في الشوارع، تؤلمني النتيجةُ وأتمسّك بالسبب، أماني زائف وبلادتي ثمنٌ مُـسْتحَق الدفع كل يوم، في تلك السويعات وفي يقظات خاطفة أشعر أيّ كائن صرتُ في ورشة العمر الضائع، فأنا مسروقٌ تلعب اللحظاتُ بوجهي، ألهث ولا أتذكر، داخل الروتين أتقـــوَّسُ و أصير العَجَلةَ تندفع ذاتياً في اتجاه واحد، بقائي بأسلاكٍ شائكةٍ محروسٌ بين نقطتين، ولأنها يقظات موجزة في سويعات قليلة من الليل، أسلِّم بانشطاري، نصفٌ يجرُّ النصفَ بخُطَّاف الضرورة، كآبتي مطرقةٌ تقرع أجراسها ناحية القلب، ولا أغفو كلَّ ليلة إلا طينةً منهكةً، منتظراً الصباح يكرُّ من جديد لأنهض بشهية مقهور، أخلع نفسي وألبس الثوب مغادراً، فاللقمةُ فخٌّ بين نقطتين على خط مستقيم. &&شاعر من السعودية&التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف