ثقافات

تخضع الجائزة لهيمنة لجان التحكيم ومفاهيمها النقدية الخاصة

روائيون لإيلاف: هل للعلاقات دور كبير في نيل "البوكر"؟

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف:&فازت رواية "الطلياني"&للتونسي شكري المبخوت بالجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) 2015 والتي أعلنت مساء يوم الأربعاء في أبوظبي بحضور لجنة التحكيم ومؤلفي ست روايات بلغت القائمة القصيرة للجائزة في دورتها الثامنة. والمبخوت أول تونسي يفوز بالجائزة و(الطلياني) هي روايته الأولى صدرت عن "دار التنوير" اللبنانية. والبوكر العربي "الجائزة العالمية للرواية العربية" منذ نشأتها في عام 2007 وهي مثار للجدل في الأوساط الروائية العربية، إيلاف طرحت تساؤلاً على الروائيين العرب، عن رأيهم بجائزة "البوكر"، وماذا تمثل لهم كروائيين؟ تباينت الإجابات، بعض الكتاب يقاطع الجائزة سنوياً مشككاً بمصداقيتها وشفافيتها، ويتهم لجنة التحكيم بتسييس الجائزة، والآخر يرى فيها بابا للنجومية والعالمية ومبيعات أكثر لأعمالهم، وقسم يؤيد الجائزة ولكن يقول بأنها تخضع لسيطرة أهواء دور النشر ولجنة التحكيم. والآ، لنقرأ آراء عدد من الروائيين حول هذا الموضوع:

برهان الشاوي (كاتب وروائي عراقي): بغض النظر عن اللغط الذي يثار حول جائزة البوكر بنسختها العربية، فهي جائزة أفادت السرد الروائي العربي كثيراً، لكنها في الجوهر هي جائزة للناشرين العرب، فهي بالأساس تعتمد على ترشيحات لثلاث روايات من قبل كل دار نشر عربية، أي أنها تخضع لفهم الناشر إجمالي الفن الروائي ومزاجه الشخصي وعلاقاته الخاصة بالكتاب الروائيين، وحسابات الخاصة بالربح والخسارة، من ناحية أخرى تخضع الجائزة لهيمنة لجان التحكيم ومفاهيمها النقدية الخاصة، والتي هي كثيرا ما تكون مثيرة للتساؤل والريبة خلفتها النقدية وسطية تبريراتها لخفتها النقدية وسطحية تبريراتها في منح الجائزة لكن هذا الأمر ليس مطلقا فقد ساعدتنا الجائزة في كشوفات روائية جميلة في بعض دوراتها.
ويضيف الشاوي لـ إيلاف: ربما المعتقدات السياسية للكتاب أو دور النشر لها دور في تحديد هوية الفائز، فالناشر في النهاية تاجر سلعته الكتاب ولديه حساباته، وكذا لجان التحكيم التي تخضع لخلفياتها السياسية ومرجعياتها الفكرية. بغض النظر عن اعلانها بانها محايدة ومهنية.

محمد العثيم (كاتب مسرحي وروائي سعودي): رأيي بكل هذه الجوائز أنها علاقات عامة ترويجية لأنها تعطى بدون تقييم دقيق ولكن بتدخل ناشرين وأمرها مثل أمر التكريمات المجانية لا تعنيني شخصياً، أتمنى أن توجد جوائز دولة حقيقية محكمة لدعم الكتاب والمؤلفين الذين لا يوفيهم حقهم عائد كتبهم. فالجهد والمال الذي يصرفه الكاتب العربي لا تعوضة ورقة أو درع في حفلة وكل هذا الضجيج المصحوب بالبوكر وغيرها لا يفعل شيئا للكاتب.

منى الشيمي (روائية مصرية): لا أظن أن أحدا يختلف على أهمية مسابقة الرواية العربية، سواء اختلف في تقييم نتائجها أو اتفق، هذه المسابقة تطرح اسم الكتاب الواصلين بقوة على الساحة العربية، وتساهم في الحراك الإبداعي، حتى إذا تحول الشعراء وكتاب القصة القصيرة إلى الرواية، في النهاية ثمة كتابات، وثمة نقاش لا بأس به، لكن انفرادها بالساحة يجعلها كدولة عظمى وحيدة ومتجبرة، توجه القراء يمينا ويسارا، وفق ما تضعه من معايير تراها هي فقط.

الصديق حاج أحمد "الزيواني" (روائي وأكاديمي جزائري): للجوائز الأدبية نكهتها المتميّزة، وللتكريمات طعمها الخاص، وهي حقيقة لا ينكرها إلا كذّاب من الكتّاب كيفما كان، بيد أن وقعها ورنينها يزداد أكثر احتفاء واحتفالا لدى الكاتب الشاب المغمور؛ لكونها تسلّط عليه الضوء، فتتسابق دور النشر، إلى طبع أعماله، كما تهرع المجالات والقنوات، إلى الظفر بحوار حصري معه، مما يفتح له شهية الشهرة والنجومية البرّاقة، حتى يغدو وجها مستملحا لعدسات الكاميرات.
يستطرد الصديق قائلاً: عندنا في الوطن العربي تجربة الجوائز الأدبية، بدأت متأخرة، وأعني بذلك الجائزة الأبرز والأهم(البوكر العربية)، وقد كان السباق نحوها في بدايتها قليلا وغير متزاحم، ومع مرور السنين، بدأنا نلحظ اهتمام بالغ من لدن دور النشر العربية بها، في تقديم منتقياتها مما يطبع للجائزة، كما أن إعلان القائمة والطويلة والفائز بالجائزة، شكّل مادة دسمة لحبر الصحافة والمتتبعين، من راض وناقم على الاختيار، كما أن لجان التحكيم المنتقاة، هي الأخرى لم تنجُ من ألسنة الأقلام الصحفية والندوات الصحفية.
يضيف الزيواني لـ إيلاف: ثمة ثقافة ناقصة على مستوى المتقدمين من الكتّاب والروائيين للجائزة عندنا بالوطن العربي، وهو عدم تقبل المترشح للنتيجة الأخيرة، وهو أمر يتنافى مع المنطق، إذ كل من يتقدّم للترشيح عليه أن يقبل مسبقاً بنتائج المسابقة، وإلا يمسك يده عن الترشيح، وهذا اعتقادي وإيماني، كما أن هناك إشكالية عميقة طُرحت خلال السنوات الأخيرة، وتتمثل في خروج بعض الأسماء الوازنة والثقيلة، أمام أسماء شابة مغمورة، ومهما اعتبره البعض، فإني اعتبر فرادة النص، وتفرّده في التناول والطرح، والجدة في التقنية والصناعة الروائية، هو المعيار الأوحد لاختيار النص الفائز، وليس بالضرورة حصر ذلك بالاحتراف والتكرّس، إذْ كثيرا ما لاحظنا نصوص صادمة ومدهشة، من لدن بعض الأقلام الشابة المغمورة، كما أن تلميع بعض الأسماء من لدن النقد الشللي، والمكياج التجميلي الصحفي، سرعان ما يمحى بريقه عند توفر النزاهة والمصداقية، وترك سلطة النص تفرض سلطتها على المتلقي، وقد لابست لجان التحكيم العربية خلال السنوات الأخيرة، عديد الشكوك، وكذا عدم التخصصية من لدن بعض المحكمين، ومهما قيل ويقال، فإن قراءتي المتواضعة لساق البامبو، ولفرانكشتاين في بغداد، يجعلني أشدّ على يد المحكمين في اختياراتهم، لما فرضته هذه النصوص الإبداعية من جماليات راقية في الكتابة السردية.

عبدالرحمن مطر (شاعر وروائي سوري): لاشك في أن للجائزة أهمية كبيرة، من حيث تأثيرها وانعكاساتها على الحياة الثقافية والنتاج الإبداعي العربي، في مجال الرواية، وهذا لا يمكننا نكرانه، على الرغم من الملاحظات التي تثار من حين لآخر، مع كل طور جديد لجائزة البوكر العربية، قد تكون في نظر الكثيرين. من وجهة نظري الجائزة تفتقد الى أمر أساسي &- على قيمتها& &- وهي المعايير. حتى اليوم لايزال الغموض يلّف أسس& ومعايير الجائزة، وهو ما يتعارض مع مبدأي الاستقلالية والشفافية، هذا ليس طعناً فيها أو بالروايات التي حازت على جوائزها خلال السنوات الماضية.
في الواقع، فإن الحديث عن البوكر، يفتح المجال أمام ضرورة فتح ملف الجوائز في الفضاء العربي، حيث معظمها، يخدم توجهات لمؤسسات ومجموعات، أو دول، لايكون فيها التنمية الثقافية والنهوض بالابداع الأدبي، هو الهدف الرئيس للجوائز، وإنما مسائل وأسباب أخرى ندركها جميعاً.
يرحب عبدالرحمن مطر بأن تكون هناك جوائز تتأتى قيمتها من معاييرواضحة تحقق المصداقية بين أهدافها، ومساراتها، تنحاز الى / أو تقدم المبتكر والناضج في الكتابة الروائية. وأن تكون مرتبطة ببرامج عمل ثقافي مستدامة، تعزز فاعلية العمل الثقافي المؤسسي.
يتابع الحديث لـ إيلاف: سعي الكثيرين &- وأنا منهم - الى الجوائز، يعود الى الفرصة التي تقدمها للعمل الفائز بالانتشار والترويج و" العالمية ". وإن يتحقق ذلك بفتح آفاق النشر والترجمة أمام المبدعين العرب، لن تكون للجوائز تلك الأهمية التي تنالها في حياتنا الثقافية، التي وصلت لما يشبه الحالة المرضية..
يضيف مطر: أحب أن يترشح عملي لجائزة ما وأن يفوز. غير أنني أفضل غياب الجوائز لصالح حرية تعبير ونشر غير محدودة، وهي ما سيحقق تطوراً نوعياً في الكتابة العربية، نحن بأمسّ الحاجة إليه.

سليم اللوزي (روائي لبناني): جائزة البوكر، بالنسبة لي كروائي ناشئ، هي حلم، كل روائي يحلم بالحصول عليه، لما في ذلك من قوّة دفع تقدمه هذه الجائزة للروائيين للانطلاق نحو العالمية، تماما كما حدث مع كل فائز من الروائيين منه قبل، هي أهم وافضل جائزة قد يحصل عليها الروائي العربي، لا سيما وانها مخصصة للرواية العربية.
يضيف اللوزي: اللجان يتم اختيارها كل عام بعناية، ولم يعترض احد حتى الآن (حسب ما اعلم) على اداء اي لجنة من اللجان السابقة، برأي انها انظف جائزة وتتمتع بشفافية كبيرة، ودائما ما تختار الشرفاء في هذا المجال، والدليل اختيارهم هذا العام الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي كرئيس لجنة.

وحيد الطويلة (روائي مصري): لا شك أن البوكر قد فتحت باب الجوائز بقوة، كما صنعت زخماً كبيرة للرواية من جهة وللجوائز من جهة أخرى، لقد كانت البدايات واعدة جداً لكنني لا أظن أنها استمرت على نفس المنوال، أظن أن العامل الرئيسي كان دائماً في ضعف لجان تحكيم بعض الدورات، وهو ما ظهر جلياً عام 2013 التي شارك فيها ناقد عراقي لا يعرف معنى الرواية. كان على أمناء اللجنة أن يأخذوا الانتقادات بجدية أكبر، إذ لا يكفي أن تقولك لك فلورا أو لدار النشر أن الروايات وصلت، بل يجب أن يتم قراءة الروايات بنوع من العدل والنزاهة، كما جاءت القائمة القصيرة في أحين كثيرة مخجلة، وعندما تعود إلى المساجلات بين شعراء ومثقفين مع رئيس إحدى الدورات تكتشف بؤس اللجنة التي كانت برئاسة البازعي.
يتابع الطويلة الحديث: هناك جانب آخر، هو المناطقية أو توزيع الرواية الفائزة بين الدول، ستجد كلاما من كتاب معروفين من أن الدولة الفلانية لم تظهر إحدى رواياتها في القوائم، وربما هذا يحسب للجنة تحكيم لا تراعي هذا الكلام الفارغ، غير أن التلويح الدائم كل عام& بنفس اللغة والكلام هو ما قد يسبب عامل ضغط على الجائزة أتمنى الا تستجيب له على الاطلاق، قلت في شهادة سابقة إن الأمر يبدو كشهادات التطعيم يجب أن حصل عليها الجميع وهذا هو مقتل أية جائزة.
أتمنى أن تكون الرواية الفائزة اليوم إنما فازت لحداثتها واحتراج طرق تعبير جديدة وكسر للشكل الروائي المعتاد، أي مغامرة سردية بالمعنى الحقيقي، أخشى ما أخشاه أن تذهب فقط لواحد من دولة لم تحصد نصيبها من الجوائز.
بدأت الجائزة واعدة كما قلت وأتمنى أن& تقفز على الأخطاء، بالطبع لن يحوز نص رضا الجميع، لكن الروايات الجميلة ليست كثيرة، والروايات الكبيرة آحاد، وعدم فوز رواية كبيرة كتب عنها أربعون مقالاً من أساطين النقد يعني أن هناك خللاً ما.
الجوائز فسحة للكتاب وتقدير بمعنى ما إيجابي، لكن المصيبة أن الجوائز أصبحت هي معيار لتقدير قدر الكتاب وقيمة الكتابة في العالم العربي، وهي مسئولية يجب أن تحترز لها جائزة كبوكر تحوز اقبالاً كبيراً، دلني على رواية لم تحصد جائزة لكنها استمرت وسطعت بفعل قيمتها، لن تتعدى يداً واحدة في أفضل الأحوال، أقولها من خلف قلبي: لا بأس بروايات ردئية تمر، لكن المصيبة ألا تحصد روايات ممتازة ما تستحقه.
يضيف الطويلة: في النهاية لا تسألوا فلورا (منسقة الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر")، هي رائعة لا ذنب لها حتى لو كانت تعرف الحقيقة.

هيثم حسين (روائي سوري): جائزة البوكر العربيّة للرواية تثير سجالات لا تهدأ مع كلّ دورة جديدة، وهذا، إن كان يعكس حالة صحّية في جوانب منها، إلّا أنّه لا يخلو من توجيه أصابع الاتّهام، ووضع إشارات استفهام وتعجّب عن طبيعة سيرها، ابتداء من التنسيق لكلّ دورة، واختيار المحكّمين، وقبل ذلك لجنة الأمناء، وما قد يعكسه ذلك من وصاية غير ظاهرة، تمارس دورا كبيرا في الظلّ.
يستطرد الحسين قائلاً: أحدثت البوكر حراكا في عالم الرواية العربيّة، ساهمت في جذب عدد من القرّاء إلى الرواية بعدما اتّسعت الهوّة بين القارئ والكتاب، وهذا يحسب لها. لكن الأمر ينعكس سلبا بدوره على الروايات الأخرى الصادرة في العام نفسه، بحيث أنّ القارئ العربيّ الذي يوصَف بأنّه خمول يرتكن للدعاية ولا يبحث بنفسه عن الروايات ويطّلع عليها.
ويضيف أيضاً بأنه يحقّ لأعضاء لجنة التحكيم الانطلاق من ذائقتهم الأدبيّة والاحتكام إليها في اختياراتهم، باعتبارهم قرّاء قبل أن يكونوا نقّادا أو متخصّصين، لأنّ من حقّ أيّ قارئ اختيار العمل الذي يراه الأجمل من وجهة نظره، لكن عدم تبرير الاختيار بإقناع، أو التبرير بطريقة عشوائيّة يسيء إلى الذائقة نفسها، والانطباع الذي يخلّفه الأمر هو أنّ الانطلاق من القراءة الانطباعيّة لا ينصف الروايات ولا يمكن أن يساهم في تكريس رواية عربيّة متطوّرة.

إياد شماسنة ( روائي وشاعر فلسطيني): تشكل جائزة البوكر مضمارا تنافسياً بسقف مرتفع، يهدف إلى توجيه النص الإبداعي إلى ما فوق المستوى الفني العادي، وبذلك فإنها لاعب هام، وتمتلك دوراً مركزياً في تشكيل الوعي والاهتمام بالرواية العربية، وتشكل مرشداً للقراء المتابعين، من حيث أنها توفر قائمه مختارة (قصيرة وطويلة) من الرواية المنجزة التي تحقق شروط وقوانين صارمة للتفوق، كما أن البوكر، إضافة إلى ما تكوّنه من طموح بالحصول عليها أو تجاوزها، فإنها تهيئ فرصه ظهور إعلامي، ومجال للتسويق وتوزيع الأعمال الروائية، قد لا يحظى بها كتاب امضوا عشرات السنوات في الكتابة كل ذلك بالإضافة إلى القيمة الاجتماعية والنقدية للجائزة.

إبتسام التريسي (روائية سورية ): البوكر في نسخها الأولى، كانت محط أنظار الكثير من الروائيين، لاعتقادهم أنّها ستمنحهم الشهرة المحلية والعالمية. وشكّلت ركيزة للانتشار والشهرة. في اعتقادي أنّ الجائزة مهما كانت لا تصنع كاتباً، وإن كانت تساهم في انتشاره. في كلِّ عام تُوجه للبوكر مجموعة من الانتقادات ينفيها القائمون على الجائزة.. هناك خلل لا يمكن إثباته، لكن بشكل عام آلية اختيار الأعمال الفائزة ليست آلية علمية، بدليل وصول أعمال إلى القائمة القصيرة، يُجمع القرّاء على رداءتها، مقابل خروج أعمال مهمة من الجائزة، مما يؤسس لنوعية ذات مقاييس محددة في الكتابة الروائية.

عواد علي (روائي وناقد عراقي): لا شكّ في أن جائزة البوكر من الجوائز المهمة في الحراك الثقافي العربي، إلى جانب جائزة زايد ونجيب محفوظ وكتارا الحديثة، وربما تكون أهم هذه الجوائز معنوياً حتى الآن، وقد لعبت دوراً كبيراً في تصدّر الفن الروائي المشهد الإبداعي في العالم العربي، وحققت شهرةً ونجوميةً للفائزين بها، محيطةً إياهم بهالةٍ إعلاميةٍ واسعةٍ، واهتمامٍ غير مسبوق في الأوساط الثقافية العربية.
يضيف عواد علي: رغم أن مستوى روايات بعضهم متواضع وأقل بكثير من مستوى روايات لم يسعفها الحظ في المشاركة، ومن فضائل الجائزة أيضاً أنها أغرت الكثير من القراء، الذين لم تكن تعنيهم الرواية، إلى اقتناء الروايات الفائزة بالقائمتين الطويلة والقصيرة، والأولى طبعاً، وقراءتها من باب الفضول، وأحياناً مناقشتها في مواقع التواصل الاجتماعي. كما أنها دفعت بهؤلاء القراء إلى تعقّب كل رواية جديدة تصدر باسم أحد حاملي لقب هذه الجائزة، إلى درجة أن روايات البوكر صارت تتصدر قوائم الكتب الأكثر بيعاً في المكتبات، ومن ثمّ الأكثر قراءةً، ناهيك عن دورها في اتساع دائرة كتّاب الرواية، حيث تحوّل العديد من الشعراء والنقاد والصحفيين إلى كتابة الرواية.
ينوه عواد علي إلى عيوب الجائزة قائلاً: كل ذلك لا يلغي وجود عيوب تكتنف هذه الجائزة، منها غياب المعايير الموضوعية التي تستند إليها لجان التحكيم في اختيار الروايات الفائزة، لذلك تُمنح أحياناً لروايات ضعيفة تشوب بعضها أخطاء إملائية ونحوية وطباعية، حتى بات عدد من المتابعين يرى أنها توزّع على أساس جغرافي. ومن عيوبها أيضاً أنها تعتمد على ترشيحات الناشرين فقط، فمن كانت تربطه بالناشر علاقة قوية يحظى بالترشيح، أو أن الأمر منوط بذائقة الناشر، وهي ذائقة لا يُعتد بها في أغلب الأحيان، أو بما يشير إليه من المقربين. ويستطرد قائلاً: أعرف بعض الناشرين يكذب على هذا الروائي أو ذاك فيعده بترشيح روايته إلى الجائزة، لكنه لا يفعل، أو يطلب منه مالاً أكثر مقابل ترشيحها، أو يدعي بأنه يعتمد على لجنة في اختيار الروايات، وهو ادعاء باطل في الحقيقة. لذلك أرى أن تفتح الجائزة الفرصة أمام الروائيين في ترشيح رواياتهم بأنفسهم على نحو فردي لكي يتحرروا من عسف الناشرين.

أشرف الخمايسي (روائي مصري): جائزة البوكر جائزة في غاية الأهمية، إذ أنها تلقي الضوء بقوة على الروايات التي تتضمنها قائمتاها، الطويلة، والقصيرة، فضلا عن الرواية الفائزة، ولقد ساهمت هذه الجائزة في رواج الشكل الروائي من الكتابة الأدبية، لكن بعض النتائج غير الموفقة تشير إلى خلل ما يعتري خيارات هذه الجائزة، ما الذي يدفع بلجان التحكيم للإطاحة برواية ممتازة لصالح رواية أقل روعة بكثير؟ أو لرواية عادية جدا، هل هي سيطرة الأيديولوجيا فعلا؟ هل توازنات الجغرافيا كما يقال؟ هل هي اللجان نفسها التي ما ان يتم الكشف عنها حتى نكتشف وجود أسماء لا تستطيع تحكيم خاطرة ادبية قصيرة فضلا عن رواية طويلة؟ هناك مشكلة كبيرة تتعرض لها البوكر، وربما أدت مع الوقت إلى استنزافها وضياع قيمتها لو لم يتم تدارك هذا الخلل وعلاجه.

الجدير بالذكر أن (البوكر) الجائزة العالمية للرواية العربية:& أنشئت في عام 2007 بأبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة وتم تنظيمها بتمويل من هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة و بدعم من مؤسسة جائزة بوكر البريطانية وتمنح الجائزة في مجال الرواية حصرياً ويتم ترشيح ست روايات لتتنافس فيما بينها على الجائزة وتمنح الرواية الفائزة خمسين ألف دولار أمريكي بالإضافة إلى عشرة آلاف دولار للروايات الستة المرشحة للفوز بالجائزة.

نتذكر تاريخ الفائزين بالجائزة، حصل عليها في عام 2008 الروائي المصري بهاء طاهر عن روايته "واحة الغروب". وفي العام الذي يليه الأدب المصري أيضاً بقي مسيطرا على الجائزة بحصول يوسف زيدان عن روايته "عزازيل"، وفي عام 2010 دخل السعودي عبده خال فحصل عليها عن روايته "ترمي بشرر"، المغرب في عام 2011 للروائي محمد الأشعري عن رواية "القوس والفراشة"، في عام 2012 فاز بها اللبناني ربيع جابر عن روايته "دروز بلغراد"، في عام 2013 الكويت رواية "ساق البامبو" للشاب سعود السنعوسي، وفي عام 2014&انتزعها العراقي أحمد سعداوي عن روايته "فرانكشتاين في بغداد".
&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف