ثقافات

أنفال عبدالباسط الكندري: أنت نافذتي

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

&

&جسده مرمي على الأرض وعينه معلقة بسقف الحجرة الكئيبة , و بين يديه ورقة بيضاء , أحلامه القديمة في فم المدفئة وتلك الهدايا برائحتها وملمسها تشعل ذاكرته التي لا تموت .إلى أين ينظر ومن أين يبدأ ؟ من ذلك الباب الذي أقفله على نفسه ورمى بمفتاحه خارجاً أم إلى تلك النافذة التي نسي كيف يكون شكل الفصول خلفها , تلك التي غطى الغبار الوان ستائرها , عن ماذا سيبحث خلف الرماد الذي تركته له , ماذا تركت له أيضاَ ؟ صوت يحفر في قلبه وضرب أقدام صغيرة تطرق بوجع في صدره الذي ضاق بهذا الواقع , كيف لها أن تتركه قبل أن تعلمه كيف يفتح ذراعيه لغيرها ؟ كيف يطعم ثغر غير ثغرها ؟ فهو لم يعتد بعد على عطاء مخلوق غيرها ؟ذلك الصوت أصبح أقرب من أي شيء حوله , هناك يد تضرب على بابه الذي لم يلامسه أحداً بعد أن أخذ عزاؤها ودخل تلك الحجرة التي ضمت بصدرها أحلامها معه , ليعتكف مع ذكرياته التي تتغذى على وجعه .وقف ليسأل نفسه وهو يقترب من الباب هل هناك يد في هذه الدنيا مازالت تنتظر يده ؟فسأل : من ؟&أجابته بصوتها الدافئ الذي وجده يحتضن حزنه بحنان فائض منذ أن خلق حتى دفن نفسه بعيداً عن واقعه الذي يرفضه , قائلة : روحها التي بقيت بين يديك .عاد ليسأل والدته : من ؟فأجابت : قلبها بملامحك , و جسد تكون ..: كفى .عادت تصر بما تحمل من مشاعر خوف : لك أن تضمها كلما ضممت طفلها إلى صدرك , أن تحبها للمرة الثانية , أن تقبلها كلما قبلته , أن تقول لها كل يوم : انظري لازلت أحبك , و أنت تعتني به .كان ذلك الشوق أقوى من تلك الكلمات التي لم تكن لائقة بحجم ألمه , فبكى من قلبه الذي يعتصر وهو يضرب بكفه على الأرض وينادي على تلك التي تركها تحت التراب &, ظهرت روحها لتحيط بوجعه وتضمه , ثم اقترب صوتها من أذنيه قائلة له : " ألم تسرق من الليل ما يكفي من الحزن على فراقي لأن تختنق به ؟ , كفاك .. انهض بكل ما تبقى بداخلك من حب لوصلي واتبعني لحياة أخرى " . فوقف مع طيفها وهي تمسك بيديه تاركاً نفسه بكل ما تحمل من شوق ليغرق في تلك العينين اللتين كان يبحر تحت جمال سماءهما , ثم إذا حل المساء توسد جفنيها تاركاً أمر حراسته للرمش الذي كان السيف يحرس أحلامه التي تأتي بها , أخذ يتبع قلبه الذي يجر بكفها , وهو يسير فوق ذكريات من حقول كستها زهور تتفتح على ابتسامة منها , &فتحت بيديها نافذة الحجرة ثم نظرت في عينيه فكسر النور الذي يشع منها صورة الواقع سائلة : تسقط معي ؟ " . فقال لها كحبيب مجنون بها : " أسقط معك , وأسقط نفسي في قاعك الذي ليس له آخر " .أغلق كتاب ذكرياته حين ان انتهى من قراءة آخر صفحة حب في عينيها , ثم قبل جبين طيفها وضمها إلى صدره محتضناً جميع آماله بحياة أخرى تجمع بين روحين , &ورمى نفسه خلف نهايتها من تلك النافذة التي اقسم أن لا يفتحها إلا بوجودها معه و إلى جانبه .
&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف