أنفال عبدالباسط الكندري: أنت نافذتي
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
&
&جسده مرمي على الأرض وعينه معلقة بسقف الحجرة الكئيبة , و بين يديه ورقة بيضاء , أحلامه القديمة في فم المدفئة وتلك الهدايا برائحتها وملمسها تشعل ذاكرته التي لا تموت .إلى أين ينظر ومن أين يبدأ ؟ من ذلك الباب الذي أقفله على نفسه ورمى بمفتاحه خارجاً أم إلى تلك النافذة التي نسي كيف يكون شكل الفصول خلفها , تلك التي غطى الغبار الوان ستائرها , عن ماذا سيبحث خلف الرماد الذي تركته له , ماذا تركت له أيضاَ ؟ صوت يحفر في قلبه وضرب أقدام صغيرة تطرق بوجع في صدره الذي ضاق بهذا الواقع , كيف لها أن تتركه قبل أن تعلمه كيف يفتح ذراعيه لغيرها ؟ كيف يطعم ثغر غير ثغرها ؟ فهو لم يعتد بعد على عطاء مخلوق غيرها ؟ذلك الصوت أصبح أقرب من أي شيء حوله , هناك يد تضرب على بابه الذي لم يلامسه أحداً بعد أن أخذ عزاؤها ودخل تلك الحجرة التي ضمت بصدرها أحلامها معه , ليعتكف مع ذكرياته التي تتغذى على وجعه .وقف ليسأل نفسه وهو يقترب من الباب هل هناك يد في هذه الدنيا مازالت تنتظر يده ؟فسأل : من ؟&أجابته بصوتها الدافئ الذي وجده يحتضن حزنه بحنان فائض منذ أن خلق حتى دفن نفسه بعيداً عن واقعه الذي يرفضه , قائلة : روحها التي بقيت بين يديك .عاد ليسأل والدته : من ؟فأجابت : قلبها بملامحك , و جسد تكون ..: كفى .عادت تصر بما تحمل من مشاعر خوف : لك أن تضمها كلما ضممت طفلها إلى صدرك , أن تحبها للمرة الثانية , أن تقبلها كلما قبلته , أن تقول لها كل يوم : انظري لازلت أحبك , و أنت تعتني به .كان ذلك الشوق أقوى من تلك الكلمات التي لم تكن لائقة بحجم ألمه , فبكى من قلبه الذي يعتصر وهو يضرب بكفه على الأرض وينادي على تلك التي تركها تحت التراب &, ظهرت روحها لتحيط بوجعه وتضمه , ثم اقترب صوتها من أذنيه قائلة له : " ألم تسرق من الليل ما يكفي من الحزن على فراقي لأن تختنق به ؟ , كفاك .. انهض بكل ما تبقى بداخلك من حب لوصلي واتبعني لحياة أخرى " . فوقف مع طيفها وهي تمسك بيديه تاركاً نفسه بكل ما تحمل من شوق ليغرق في تلك العينين اللتين كان يبحر تحت جمال سماءهما , ثم إذا حل المساء توسد جفنيها تاركاً أمر حراسته للرمش الذي كان السيف يحرس أحلامه التي تأتي بها , أخذ يتبع قلبه الذي يجر بكفها , وهو يسير فوق ذكريات من حقول كستها زهور تتفتح على ابتسامة منها , &فتحت بيديها نافذة الحجرة ثم نظرت في عينيه فكسر النور الذي يشع منها صورة الواقع سائلة : تسقط معي ؟ " . فقال لها كحبيب مجنون بها : " أسقط معك , وأسقط نفسي في قاعك الذي ليس له آخر " .أغلق كتاب ذكرياته حين ان انتهى من قراءة آخر صفحة حب في عينيها , ثم قبل جبين طيفها وضمها إلى صدره محتضناً جميع آماله بحياة أخرى تجمع بين روحين , &ورمى نفسه خلف نهايتها من تلك النافذة التي اقسم أن لا يفتحها إلا بوجودها معه و إلى جانبه .&
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف