رسالة لندن: في شوارع الفن الخلفية... وفيلم "السماء أعلم"

لندن مدينة عظيمة فيها جوانب ثقافية كثيرة جدا. بينما كنت أتمشى في الجنوب الشرقي من لندن حتى وصلت إلى "مول كاليري" فدخلته ليستهويني المعرض السنوي 2016 (رويال سوسايتي بورتريت بنترز). المعرض يحوي أكثر من 2000 لوحة رائعة لفنانين كبار من بريطانيا ومختلف أنحاء العالم.

تتكون لوحات فنية رائعة من أعضاء هذه الجمعية وروادها المبدعين لتعرض لوحاتهم الجديدة على الجمهور في عروض يفوز أعلاها بجوائز ثلاثة. الجائزة الأولى للأفضل تميزا بقيمة عشرة آلاف باون استرليني وتنال الثانية قيمة ثلاثة آلاف باون والثالثة الفائزة بألفي باون استرليني.تحدث "روبن لي" رئيس المؤسسة عن الرئيس السابق "دافني تود" وخدماته الجليلة والمشهودة وكذلك الحكام المتميزين مثل "تي شان شيرينبرك" كما شكر المؤسسات الإعلامية في "بي بي سي" و "سكاي نيوز" وتقدم بالشكر الخاص لمجلس العموم البريطاني لاسيما "جون بيركو" واللجنة الفنية التابعة للبرلمان لاسيما "نيك كليك". ثم تحدث عن تصاعد الكم والنوع في العروضات المبدعة واللوحات الجميلة لهذا العام حيث تجاوزت اللوحات 2000 لوحة رائعة. وكان منها 488 لوحة لفنانين عمرهم أقل من 35 سنة مما يدل على إبداع الشباب. كما تجاوزت الدول المشاركة 200 دولة من كندا وأمريكا وتايوان والولايات المتحدة وأوربا &وروسيا والشرق الأوسط&ثم خرجت للمشي في هذا الشارع البديع لأصل إلى "معهد الفنون المعاصرة"، ودخلت إلى القاعة الكبيرة لعروض الفنان "كوان إكسيو" في النحت ليعطي إيحاء سبل الرؤية المختلفة لإعطاء أبعاد في الجمالية والإبداع والمعرفة فيأخذ الماضي والحاضر نحو المستقبل في أفق مثير للجدل نحو الهوية والعمق للوصول إلى الجوهر والمعنى باستعمال تقنيات وإبداعات وضاءة ملفتة للأنظار وهي تستوحي معانيها من بدائيات بسيطة &إلى تكنلوجيات رفيعة ليربط القديم بالحديث في تزاوج بديع مبهر.بينما أجول بين تماثيل مختلفة بديعة مكونة من مواد مختلفة متراكبة بشكل جديد مثير للسؤال والجدل والحوار فضلا عن فيديوهاته المتنوعة.لقد اشتركت فنونه الإبداعية في مختلف دول العالم من متحف لندن إلى المتحف الجديد بنيويورك مرورا بدايلمر برلين المعاصر والفن المعاصر في فيينا ومتحف سيدني وبازل هونغ كونك ومتحف الفن المعاصر في سيول والساحر في بكين وغيرها.ثم خرجت لأذهب ألى إحدى صالاته من السينما فأشاهد فيلم (السماء أعلم) والذى يناقش مواضيع حساسة تجرف الشباب المراهق وتحدياته منها مسألة المخدرات ومسألة الجنس والبحث عن سكن واحتياج الشباب للمال ومحاولة الحصول عليه خصوصا وقت النشوة للمخدرات، تحصيل المال بمختلف الوسائل ومنها غير الشرعية ثم الخلافات التي تجعل الشباب يتصارعون حولها لدرجة الإعتداء على الخصم ومحاولة قتله. الأخوان جاش وسفدي بإخراجهما الرائع يتحدثان عن قصة شابة جميلة "إريل هولمز" ليس لها سكن من مدينة نيويورك وقد أحبت شابا الى درجة الجنون يدعى "إيليا" الذي لم يبادلها بنفس درجة الحب ويدعوها للإنتحار إن كانت تحبه حبا صادقا وفعلا تحاول الإنتخار مما يجعله في اللحظات الأخيرة تنقذ إلى الطوارئ في المستشفى المركزى وقسمه العالي للطوارئ. تمكث هولمز مدة مديدة في المستشفى دون أن يأتيها حبيبها إيليا، مما يجعلها تتحول إلى صديقها الآخر "مايك" الذى يدعي حبها لكنه فوضوى ويؤذيها ويضربها.وبدأ يتصارع إيليا مع مايك إلى درجة محاولة قتل أحدهما الآخر بمختلف وسائل العنف والقوة ولولا تدخل الآخرين لأردي أحدهما صريعا ميتا.تقضي هولمز الكثير من وقتها في الشوارع متسولة لبضع أموال تسد رمقها وتشتري المخدرات التى اعتادت عليها. وبينما هي تستجدي حتى يشاهدها إيليا فيأتيها ليسرق حقيبتها وما عندها وهي تنطارده بحثا عن حاجياتها البسيطة ليخبرها أخيرا بأنه قد رماها في سرداب من زاوية مكان مهجور لتتحرك بقوة إلى هناك حتى تسترجع حقيبتها وحاجياتها. ثم تضطرها الظروف القاهرة للسرقة من المحلات وبيع المسروقات للحصول على أبسط المتطلبات مع الأخطار الكبيرة التى تواجهها.ثم تكون الصدفة لقاءا جديدا بين الحبيبين القديمين هولمز وايليا لينتعش الحب من جديد ثم يسافرا رحلة طويلة في الباص وبينما هولمز يأخذها النوم العميق، وإذا بإيليا يوقف الباص هاربا منها ألى مكان مهجور لينام هناك فينشب حريق في الداخل وهو مستغرق في نومه العميق ليحترق به ويموت. بينما تستيقظ هولمز من نومها باحثة عنه ولا تجد له أثرا.تؤخذ هولمز قهرا إلى مستشفى الأمراض العقلية لتخالط المجانين بمختلف تصرفاتهم الغريبة&إن الفيلم يطرح إشكالات كبيرة في مدينة مثل نيويورك التي يتمتع بها أغنياء بالمليارات التي يحيرون في تبذيرها بينما جنبهم الشباب الذي يفقد أبسط مقومات السكن والمعيشة.السؤال الكبير الذي يطرحه الفيلم : هل تعرف السماء بكل هذه المشاكل ولماذا هي صامتة وأين العدالة السماوية من كل ذلك فبينما أناس يعيشون منذ الولادة على الملايين التي يتركها الآباء للأبناء وبينما آخرون يتسكعون في الشوارع بحثا عن لقمة عيش بسيطة وينتهي بهم الأمر صرعى المرض والمخدرات وجرائم الشوارع؟&