ثقافات

حين يتحول استرجاع الماضي إلى وسيلة لترميم الانكسارات

الذاكرة والمحو في رواية "تياترو ثرفنطيس" لنسيمة الراوي

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف من الرباط:&صدرت للشاعرة والروائية المغربية نسيمة الراوي، عن "دار العين" بالقاهرة، رواية "تياترو ثرفنطيس"، ثاني مؤلفاتها بعد ديوان "قبل أن تستيقظ طنجة"، الذي صدر لها، في إطار مبادرة أشرف عليها بيت الشعر في المغرب، بتعاون مع دار النهضة العربية ببيروت، في 2012.

تشكل الذاكرة الخيط الناظم بين فصول "تياترو ثرفنطيس"، وذلك بشكل يتحول فيه استرجاع الماضي إلى وسيلة لمقاومة المحو وترميم الانكسارات؛ من جهة أن الساردة (أحلام)، كما جاء في تقديم أول عمل سردي لهذه المبدعة الشابة والواعدة، تلجأ إلى أسلوب التعرية لإزاحة الغموض عما يثقل الذاكرة، سواء الفردية أم الجماعية، فيما يتحول مسرح ثرفنطيس إلى رمز يضمر تناقضات الذات والمجتمع بما هي تناقضات تشكلت في سياق تحولات سياسية مست القيم والعلاقات الإنسانية.

تطرح الرواية جملة من الثنائيات من قبيل الماضي والحاضر، الجنون والعقل، الوفاء والخيانة، الثبات والانهيار، ما عاشته الذات وما لم تعشه؛ وهي تناقضات نستخلصها من طبيعة الصراع الدائر على مدى فصول الرواية. لذلك، تقدم الرواية الساردة (أحلام) في طابعها الدرامي، فإذا هي فتاة تخرجت من الجامعة بعاهات في الروح والجسد، ومن مستشفى الأمراض العقلية بعاهات في الذاكرة، لتتخذ من الحكي وسيلة لإعادة بناء تاريخها الخاص وتاريخ المغرب الحديث، فيما يرمز صديقها مراد، لأحلام اليسار وانكساراتها وتحولها إلى النقيض. ولقد صيغ هذا التاريخ الخاص ضمن امتداد عمراني هو طنجة، ذلك أن الرواية واكبت تحول المدينة ومعالمها، وكيف أن الرأسمالية استولت على المدينة وغيرت ملامحها، بينما انهارت المؤسسات الثقافية، فاختزلت الرواية تحولات المدينة في رمزية المسرح الآيل للسقوط.

هكذا، تقاوم أحلامٌ النسيان عبر فعل التذكر، معيدة تمثيل ما تتذكر وفق قالب سردي ينبني على المفارقة من حيث بناء الأحداث، ويتأسس على رصد دقيق للداخل المثقل بالانفعالات والعواطف، وبين الخارج المثقل بما هو مادي، ذلك أن السرد يتحول إلى طاقة تنبني على الامتداد من دون أن يعني ذلك امتداد الخطية؛ فالرواية تتراوح، في بناء أحداثها، على تعدد الأزمنة والمزاوجة بين الاسترجاع والاستباق، ومنح السلطة للأنا المتكلمة كي تعيد إنتاج ما تعتقد أنها عاشته. وقد عمق هذه الازدواجية لجوء الرواية إلى نمطين أسلوبيين في بناء الأحداث: النمط التعييني وقد ارتبط بالحوارات والوصف، والنمط الشعري وقد ارتبط بتفجير الداخل عبر نقل الساردة لانفعالاتها وتقييماتها لما تواكبه عينها. لذلك، شدد تقديم الرواية على أن ""تياترو ثرفنطيس" رواية ممتعة أخلصت لرؤية خاصة تسعى الرواية إلى إثباتها، هل ما تعيشه الذات، هو فعلا قد حدث أم أننا فقط نستعيد ما نتخيل أننا عشناه".

&

غلاف&رواية&"تياترو&ثرفنطيس"&للروائية&المغربية&نسيمة&الراوي

&

يشار إلى أن الشاعرة والروائية المغربية نسيمة الراوي، التي شاركت في ورشة البوكر بأبوظبي، حاصلة على دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في التسويق والتجارة العالمية من المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير من جامعة عبد المالك السعدي بطنجة، كما شاركت في عدد من المهرجانات، داخل المغرب وخارجه، من قبيل المهرجان الشعري العالمي كسموبويتيكا بقرطبة، والمهرجان الدولي صرخة امرأة بخريس دي لا فرونتيرا، وفي ملتقى الشعر العربي الأندلسي بموغير إسبانيا، وفي ملتقى الشارقة للشعر العربي، وفي ملتقى شعراء المغرب والمكسيك في طنجة، كما توجت بجائزة طنجة الشاعرة الدولية، وفي ملتقى الشارقة للشعراء الشباب بالمغرب، المنظم من طرف دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة وجامعة ابن طفيل المغربية، في 2012، وجائزة حوار الثقافات للآداب الرباط في 2013.

&

&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف