ثقافات

"إيلاف" تقرأ لكم في أحدث الإصدارات العالمية

مصر بعد 25 يناير: أوتوقراطية فثورة فإخوان... فعسكر!

الجيش من استعاد مصر من براثن الإسلاميين بعد الثورة وليس الليبراليين
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

في كتابه المثير للجدل "إلى قبضة العسكر"، يوثق دايفيد كيركباتريك خروج مصر من أوتوقراطية حسني مبارك، ودخولها في إخوانية محمد مرسي، ثم عودتها إلى قبضة العسكر والأوتوقراطية من جديد.

إيلاف: في عام 2005 وصل ضابط متوسط العمر إلى مدينة كارلايل في ولاية بنسلفانيا الاميركية. وفي أثناء دراسته في الكلية الحربية الأميركية هناك، كان هذا الضابط المتدين يؤمّ الصلاة أحيانًا في المسجد المحلي. وخلال المناظرات الأكاديمية، كان يختلف مع القائلين إن الإسلام السياسي لا ينسجم مع الديمقراطية. وفي البحث الذي قدمه للامتحان النهائي، قال إن الديمقراطيات العربية يجب أن تضم إسلاميين، حتى لو "كانوا متطرفين".

عندما أُطيح حكم حسني مبارك بانتفاضة شعبية في عام 2011، وفاز الإخوان المسلمون في الانتخابات التي أعقبت اطاحته، بدا هذا الضابط، عبد الفتاح السيسي، راغبًا في العمل مع الجماعة. عُيّن وزيرًا للدفاع، وسرعان ما نال ثقة الرئيس الإخواني محمد مرسي. لكن، بعد أقل من عامين، عزل السيسي مرسي ولاحق "الإخوان" في إثر تظاهرات مليونية ضدهم.&

فرضيات غربية خاطئة
يصف دايفيد كيركباتريك هذه الحوادث التاريخية بتفاصيل مثيرة في كتابه الجديد "إلى قبضة العسكر" Into the Hands of the Soldiers (منشورات فايكينغ، 384 صفحة، 28 دولارًا)، معترفًا بصعوبة تفسيرها وفهم دوافع أشخاص مثل السيسي ومرسي، وتوقع الاتجاه الذي ستمضي فيه مصر، قائلًا إنه جاء إلى مصر، ومعه "الفرضيات الغربية المتعارف عليها، وكانت كلها تقريبًا خاطئة".

لكن كيركباتريك تمكن مع ذلك من حل اللغز، الأمر الذي لا يمكن أن يُقال عن القوى الخارجية، وخاصة أميركا، التي وقفت متفرجة على مآل الديمقراطية المصرية.&

يصف الكاتب جماعة الإخوان المسلمين بأنهم اللغز الأكبر، مشيرًا إلى سهولة التعرف إليهم من مظهرهم، على الرغم من كونهم جماعة سرية. لكن نياتهم كانت عصية على الاكتناه قبل الثورة.&

كان خصوم الإخوان يقولون للصحافيين الأجانب إن الجماعة تريد "أسلمة" مصر على طريقتها. لكن كيركباتريك، ومراسل مجلة "إكونوميست" السابق في القاهرة، الذي راجع كتابه في المجلة، وغيرهما من الصحافيين الأجانب، كانوا يسمعون من الإخوان المسلمين أشياء مختلفة، بما في ذلك تعهدهم فصل الدين عن الدولة، وحرية التعبير، ومساواة المرأة، وغير المسلمين. وفي أثناء الانتفاضة، قالت الجماعة إنها لن تنافس على أكثر من ثلث مقاعد البرلمان، ولن تقدم مرشحًا إلى الانتخابات الرئاسية.&

نفقد بلدنا!
نكثت الجماعة بهذه الوعود كلها. تنافست على غالبية مقاعد البرلمان، وخاضت الانتخابات الرئاسية أيضًا.&

بعد انتخابه ، زرع مرسي إخوانيين في مفاصل الدولة الحسّاسة، وبعد شهر أصدر قرارًا يضعه فوق القانون، ومرر دستورًا عارضه الليبراليون. قال شاب مصري لمجلة "إكونوميست": "حسبنا أننا أخذنا نفقد بلدنا"، فنزل الملايين إلى الشارع في عام 2013 مطالبين برحيل مرسي.&

ظنّ الليبراليون أنهم سيستعيدون مصر بإنقاذها من أشداق الإخوان المسلمين. لكن الذي استعاد مصر كان الجيش. وعندما تحرك السيسي لعزل مرسي، وقفت أميركا حائرة.&

يكتب كيركباتريك: "واشنطن لم تتكلم بصوت واحد ذي صدقية". كان الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما يعارض استيلاء الجيش على الحكم، داعيًا مرسي إلى تقديم تنازلات لإنقاذ نفسه.&

لكن العديد من المسؤولين الأميركيين سلموا بسيطرة الجيش، بل شجّعوه. وينقل الكاتب عن وزير الدفاع الأميركي وقتذاك تشاك هيغل قوله للسيسي: "أنا لا أعيش في القاهرة، بل أنت من يعيش فيها، وعليك أن تحمي أمنك وتحمي بلدك". وأعلن وزير الخارجية وقتذاك جون كيري أن "العسكريين يعيدون الديمقراطية" إلى مصر.&

سجون جديدة
من جهة أخرى، حمّل الجنرال جيمس ماتيس، الذي كان حينذاك قائد القوات الأميركية في المنطقة، حمّل الإخوان المسلمين كامل المسؤولية عن متاعب مصر. وقال إن الدستور الذي أيّده مرسي "رفضه على الفور أكثر من 60 في المئة من الشعب".&

رأى ماتيس والجنرال مايكل فلين، رئيس وكالة الاستخبارات العسكرية في حينه، أن الإخوان المسلمين لا يختلفون عن جهاديي تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية. وتبوأ الاثنان مناصب رفيعة بعد فوز دونالد ترمب بالرئاسة الأميركية.&

تلاحظ "إكونوميست" أن جذور القاعدة وجماعات جهادية أخرى انبثقت في سجون مصرية بدأت تستقبل الإسلاميين بأعداد كبيرة في ستينيات القرن الماضي. وبدأت السجون المصرية الآن تمتلئ بالمعتقلين من جديد، حتى تعيّن بناء سجون جديدة، حيث رُمي الليبراليون مع الإسلاميين. وبحسب "إكونوميست"، هناك الآن نحو 30 ألف سجين سياسي، بينهم الكثير من الصحافيين.

استنكرت وزارة الخارجية وصف كاتب المراجعة حركة السيسي بالانقلاب (صفة رفضت أميركا استخدامها)، في حين أن مقدمي الندوات التلفزيونية شجبوا كيركباتريك على الهواء بوصفه "عدو الدولة".&

لن يختلف
بعد عزل مرسي، شهدت مصر تمردًا جهاديًا مسلحًا في سيناء، ما زالت تعاني آثاره إلى اليوم. لكن مسؤولين أميركيين قالوا إن عزل مرسي والإخوان كان أهون الخيارات التي كانت كلها سيئة، مشيرين إلى عودة "الاستقرار".&

على امتداد عدد من السنين، قدمت الولايات المتحدة نحو 80 مليار دولار إلى مصر، كانت طيلة هذه السنوات تقريبًا محكومة خلالها كما تُحكم الآن.&

يقول الكاتب إنه مهما تمنى أن يكون الأمر مختلفًا، "فالواقع لن يكون مختلفًا في الغد"، بل إن الإدارة الأميركية الحالية لا تتمنى أن يكون مختلفًا. فهي ترى أن السيسي يريد إشاعة إسلام معتدل وإصلاح الاقتصاد، وهو يسمّي ترمب "شخصية فريدة قادرة على عمل المستحيل".

في المقابل، يحتفي ترمب بقيادة السيسي ويسمّيه "رجلًا رائعًا". ومثله مثل العديد من الرؤساء الأميركيين، فإن ترمب يبدو غير مكترث بعودة الحكم الأوتوقراطي إلى زرع البؤس والتطرف في مصر.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "إكونوميست". الأصل منشور على الرابط:
https://www.economist.com/books-and-arts/2018/08/11/egypts-path-from-autocracy-to-revolution-and-back-again?frsc=dg%7Ce


&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف