أنفال عبدالباسط الكندري: رسالتي الأخيرة إليك..
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لقد كنت الأول في قائمة أهدافك التي تنوين تحقيقها، وكنت لي مجرد رغبة وإن لم أصل إليها تفرحني مشاعري بها !
كلما جلست بجانب النافذة وتحرك هذا القطار الذي يمر مرور شخص لطيف.. يلامس جمال الأماكن التي يمر بها بخفة يده دون أن ينقص أو يتلف منها شيء، فتمر فيه دون أن يمر هو بها.
سأكتب لك رسالتي الأخيرة والتي لن تصلك، في رحلتي التي ابتدأت ولا أعرف كيف ومتى سوف أنهيها.&
كنت أمتطي جياد أحلامي في الغربة التي ستعيدني ضابطاً بحرياً، وأنت في الوطن تغزلين من الحب حكايا وتنتظرين مني أن أتوجك بها ملكة على نظيراتك، لم تتمكني من الانتظار كثيراُ فأخذت تتسللين إلى يومي وتخلقين تفاصيله كما تشائين حتى أصبحت أنام على صوتك وأفيق كل صباحك على لحنه، استعجلت نفسي كما ألحيت علي لنبدأ فصلاً جديداً من حيثما تحبين، انتهيت مما غيبني لسنوات وعدت لأطلب يد تلك التي رأت في حلمها الكبير.
أول ما دخلت ذلك العش الصغير رأيت فيك أميرة، توجتها بكل الأحلام التي لم تراودني قبل أن تدخليني ذلك الفصل الذي كان غائباً عني قبل صوتك وهمسك وكل الأماني التي اسمعتني إياها، ولا أذكر بعد شهرنا الأول ماذا حدث ؟!، الكلمة تحولت إلى خلاف، والخلاف تحول إلى مشكلة، والمشكلة تحدث أزمة، وكأن كل وسيلة كنت تستخدمينها كانت لغرض واحد، نظيراتك وليس أنا، وكأنني السلاح الوحيد الذي يمكنك أن تغيظيهم به.
بعد سنة واحد خرجت ولم تعودي.. خرجت من الباب الذي دخلنا منه معاً حاملة معك كل أحلامي بالحب والعائلة، مضت سنوات &وأنا أسافر وأعود، وأنت مسافرة دون عودة، فقد أبدلت كل شيء الرجل الحالم بذلك الذي يجني ثمار حلمه، الموظف العادي بالرجل الدبلوماسي، مفتاح الشقة الصغيرة &بتذاكر الغربة، وكيف لا وقد تبدلت نفسك وساقتك أهواءك إلى أشياء أخرى، فلم يعد غطاء الرأس عليك وكأنك أردت أن تتحرري من كل شيء من الحب وضجيج النبضات التي تدق بصوت عال، من الوعود التي كانت لها رجاء أن تصبري علي، من الشال الذي كنت تشترين به ارضائي.
تخبرني شقيقتي عندما هاتفتها آخر مرة، بأنك عدت في زيارة قصيرة وقد أصبحت أماً لثلاثة أطفال وزوجة رجل مهم، ولكن هل أصبحت حبيبة ؟ هل رأى فيك وطنه بعد أن أصبحت منفاي ؟&
أخبرتني بأنك خلعت رداءك وأظهرت جلدك الذي لم أكن أراه وأنا معك، وعلى صوت رغباتك وألهتك ملذاتك، وارتفع سقف طموحك الذي لا كفاية له، فلم يتعرف عليك أحد !
سافرت أنت قبل خمسة اعوام، وأنا من حينها لم أستطيع البقاء تحت سقف هذا الوطن وحيداً، غادرت حياتي ولم تغادريني، أصبحت حبيبة وزوجة و أم، وأنا لازلت ذلك الغريب عن كل شيء وعن كل مكان يدخله، تمكنت من عبوري ولكنني كنت أضعف من أن أعبر جزءاً صادقاً مني فسقطت فيك كمن يضيع حجره في البئر.